الأخبار
ما هو مطروح على طاولة مجلس الوزراء في جلسته المقبلة بشأن رواتب موظفي «أوجيرو»، ليس إلا مناورة التفافية يقوم بها وزير الاتصالات جوني القرم لحرف الأنظار عن حقيقة مطالب العاملين في هيئة «أوجيرو»، أي مساواتهم مع موظفي «تاتش» و«ألفا»، لناحية الدولرة النقدية للرواتب والتأمين الصحي درجة أولى ومنح تعليمية مرتفعة، تقترح وزارتا المال والاتصالات منحهم زيادة غلاء معيشة متواضعة قياساً على مطالبهم، وهو ما يعني استمرار الإضراب في الأيام المقبلة.بحسب الاقتراح المعروض على مجلس الوزراء، فإن وزير المال يوسف الخليل، وبالاستناد إلى إحالة من وزارة الاتصالات، يطلب نقل اعتمادات إضافية بقيمة 2312 مليار ليرة، لتسديد الرواتب وملحقاتها للمستخدمين وتعويضات الملحقين العاملين في هيئة أوجيرو خلال عام 2024، إذ إن الاعتمادات الحالية الملحوظة في موازنة 2024 لا تغطّي أكثر من 32% من الرواتب بعد زيادة غلاء المعيشة الأخيرة.
لكنّ المبلغ الذي يطلبه القرم والخليل لزيادة الاعتمادات، لا يغطّي جزءاً بسيطاً من مطالب نقابة موظفي أوجيرو، بل هو يأتي في إطار الزيادات التي أُقرّت أخيراً للعاملين في القطاع العام. فبحسب عضو في مجلس نقابة أوجيرو، يشعر المستخدمون في هذه المؤسسة بأنهم مظلومون بسبب التمييز بينهم وبين سائر العاملين في قطاع الاتصالات، أي مع العاملين في «ألفا» و«تاتش» الذين أخضعوا وزارة الاتصالات لمطالبهم بعد إضراب، فاضطرت وزارة الاتصالات لمنحهم رواتب بالدولار النقدي بنسبة 100% مما كانت عليه قبل الأزمة، فضلاً عن أنهم تمكنوا من استرجاع مكاسب متصلة بالتغطية الصحية درجة أولى، ومنح تعليمية وغيرها. إنما في المقابل، لم يحصل موظفو «أوجيرو»، إلا على جزء بسيط من التعديلات على الرواتب والتي يأتي آخرها مشروع الاقتراح المعروض على مجلس الوزراء، ورواتبهم الحالية لا توازي أكثر من 20% مما كانت عليه قبل الأزمة، فيما هم يسعون أن تعود إلى 100% وهي نسبة قابلة للتفاوض.
المفاضلة التمييزية التي يقوم بها القرم مع العاملين في قطاع الاتصالات، لا مبرّر لها، سوى أن عقد «أوجيرو» مع وزارة الاتصالات، يخضع لشروط مماثلة للتي تخضع لها المؤسسات العامة، أي أن موازنتها ليست مستقلّة بل تشرف عليها وزارة المال وتخضع للتدقيق أثناء إعداد ومناقشة الموازنة العامة في مجلس النواب. لكنّ العاملين في أوجيرو لا يرون أنفسهم مختلفين عن أولئك الذين يعملون في «ألفا» و«تاتش»، بل يرون أنفسهم بمستوى أهمية مماثلة أو أكبر، إذ إنهم يشرفون على إدارة وتشغيل وصيانة السنترالات التي تغذّي شركتي الخلوي بالاتصالات والإنترنت. وهذا هو الأمر الذي دفع وزير الاتصالات إلى مهاجمة العاملين في «أوجيرو» كون إضرابهم كان له تأثير كبير على سنترال فتقا الذي يغذّي واحداً من المراكز الأساسية الثلاثة لشركة «ألفا»، بالكهرباء والداتا. فقد هاجم القرم، موظفي أوجيرو، يوم الجمعة الماضي، مشيراً إلى أن انقطاع الاتصالات على شبكة ألفا «سببه إضراب الموظفين في سنترال أوجيرو في فتقا وتعطّله، وهذا السنترال هو الذي يعطي التيار الكهرائي والداتا لمركز أدما التابع لشركة ألفا»، ثم هدّد أوجيرو بالقول: «أرسلت كتاباً إلى هيئة أوجيرو لفتح تحقيق في هذا الملف للتأكد من عدم وجود نوايا لدى الموظفين في تعطيل المرفق العام»، لافتاً إلى أنه ينتظر التقرير من هيئة أوجيرو ليبني عليه إن كان يستدعي أن يحال إلى القضاء.
تصريح الوزير أثار بلبلة واسعة بين الموظفين الذين عدّوه «إيحاءات مغرضة». فعلى أثر كلام القرم، اجتمع مجلس نقابة أوجيرو وأصدر بياناً ينتقد ما أطلقه القرم من كلام «بحق موظّفين دأبوا منذ عقود ولا يزالون يتفانون في المحافظة على قطاع الاتصالات»، ولا سيما أن إضرابهم كان تحذيرياً يوم الأربعاء الماضي، وأنهم أعطوا مهلة لغاية 15 نيسان حتى يُرفع الظلم عنهم والتوقف عن التعامل معهم كأنهم «أولاد جارية» فيما يتم التعامل مع موظفي شركتَي الخلوي كأنهم «أولاد ستّ». واستغرب مجلس النقابة قيام القرم بتحديد مواقع السنترالات الرئيسية التي تغذي شبكة ألفا «بدقة أكيدة» رغم أن هذه المعلومات «تكشف قطاع الاتصالات أمنياً». وبحسب المعلومات، فإن القرم يرفض التفاوض مع النقابة بحجّة أنه لا يتفاوض تحت الضغط، لكنه يتغافل عن أنه تفاوض مع نقابة موظفي الخلوي تحت الضغط، وأنه حاول التذرّع بهذه الحجّة في البدء، لكنه سرعان ما خضع لضغوط تعطيل قطاع الاتصالات من جهة الإيرادات التي يؤمّنها للخزينة ومن جهة تقديم الخدمة.
لكنّ المشكلة التي يشير إليها القرم بشأن ما حصل في سنترال فتقا، هي أمر برأي نقابة موظفي أوجيرو، يستدعي «تأليف لجنة من الخبراء لوضع تقرير مفصّل حول وضع المولّدات الكهربائية التي تغذي السنترالات والتي أدّى توقف أحدها في فتقا إلى العطل الذي حصل يوم الأربعاء الفائت، والتي أصبحت في حالة مزرية إلى حدّ أنها مهدّدة بالتوقف عن العمل في أي وقت كان».