سجّلت حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان وهيئة ممثلي الأسرى والمحررين وأنصار مقاطعة الكيان الإسرائيلي موقفًا لافتًا، بالدعوة إلى مقاطعة مسرحية "وجدي معوض"، تأكيدًا على أن مناهضة التطبيع الثقافي جزء لا يتجزأ من المشهد الثقافي اللبناني في مواجهة التيار الثقافي المهادن للعدو الإسرائيلي.
وافتُتحت الحملة بإصدار بيان، التي خصصت ملفًا للحديث عن مسرحية "وجدي معوض" التي كانت مبرمجة للعرض بدءًا من 30 نيسان/أبريل 2024، موضحةً في بيانها أسباب الدعوة إلى مقاطعة المسرحية، داعيةً إلى منع عرضها استنادًا إلى القانون اللبناني، والتقدم بإخبار إلى الجهات الرسمية المعنية.
وأصدرت حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان جملة من التوضيحات في بيان نشرته على موقعها أكدت فيه أنها لم "تأل جهدًا في التواصل مع الجهة المسؤولة عن تنظيم العرض وهي مسرح "Le Monnot"، و(الممثلين) المشاركين في المسرحية، بمشاركة نص بيانها معهم"، لافتةً إلى أن المشرفين على صفحة المسرح حظروا حساب الحملة من التعليق، مؤكدةً إرسال البيان إلى بعض الممثلين على تطبيق "WhatsApp".
وقالت الحملة إنّ هدف إرسال البيان إلى الممثلين كان "التأكد من أخذهم علمًا بدعوتنا لمقاطعة هذه المسرحية، ولفت النظر إلى الجانب القانوني من المسألة، على أمل اقتناعهم بالانسحاب".
وأوضح البيان أنه بعد إعلان الجهة المنظمة في 10 نيسان/أبريل 2024 "إلغاء عروض هذه المسرحية، زاعمة أنها، وكذلك بعض الممثلين والتقنيين، تعرضت لضغوطات غير مقبولة ولتهديدات جدية، يهمنا أن نكرر أن كل تواصل بين حملتنا والجهة المنظمة وبعض الممثلين اقتصر على إرسال بيان الحملة لهم، دون أي تهديد أو تلميح أو اتهام".
وطالبت الحملة الجهة المنظمة بإثبات تعرّضها والممثلين للتهديد من قبل الحملة بالدليل، مؤكدةً احتفاظها بالمحادثات التي جرت بينها وبين الممثلين.
وشرحت الحملة، على موقعها، بعض المبادئ التي تستند إليها في عملها ودعوتها للمقاطعة، مؤكدةً أنها لا تعتمد إلا "الكلمة، والقانون اللبناني، لا قوة المال، أو شبكة العلاقات الزبائنية مع السياسيين أو مع الأجهزة الأمنية -كما تفعل كثير من وسائل الإعلام، ولا البلطجة".
وتُعرّف الحملة التطبيع استنادًا إلى "فكرة مفادها أن الكيان الإسرائيلي ليس كيانًا شرعيًا، ولا يمكن اعتباره طبيعيًا ولا التعامل معه طبيعيًا، ولا التطبيع معه".
واستغربت الحملة ردة فعل المطبعين والمدافعين، متسائلةً: "لماذا يجد (المطبع) حرجًا في وصف فعلته هذه بالتطبيع؟ بمعنى أن الذي لا يقيم وزنًا لفعل التطبيع، يعترض في الوقت عينه على من نعته باستخدام لفظ التطبيع؟".
وتابع بيان الحملة: "في عام 2005 شارك أكثر من 170 جسمًا من اتحادات شعبية ونقابات وأحزاب ولجان شعبية ومؤسسات أهلية فلسطينية في إطلاق النداء التاريخي لمقاطعة "إسرائيل"، وكان هذا وراء نشوء حركة "BDS" العالمية التي تدعو في ما تدعو إلى مقاطعة كل "فنان" أيًا تكن جنسيته، ويقبل دعمًا ماليًا رسميًا من الكيان الإسرائيلي، ولهذا دعت حركة "BDS" لمقاطعة مسرحية وجدي معوض "Tous des oiseaux"، وأرسلت له رسالة واضحة شرحت فيها الأسباب الموجبة لمقاطعة المسرحية حين أعلن عن عرضها في مدينة جنيف السويسرية".
وحول الرأي القائل بفصل الفن عن السياسة، قالت الحملة في بيانها إن "هذا الرأي هو رأي في عين السياسة، بل هو تضليل سياسي، متى كان صادرًا عن مسؤولين سياسيين، أو أشخاص في موقع القرار، أو مؤثرين في الفن، والثقافة، والرياضة، والأكاديميا".
واستذكرت الحملة في بيانها تصريح الرئيس السابق لكيان العدو "رؤوفين ريفلين" بقوله: "المؤسسات الثقافية تشكل واجهة تعرض "إسرائيل" من خلالها صورة ديمقراطية وليبرالية ونقدية لذاتها؟"، وأضاف البيان: "لطالما استخدم الكيان الإسرئيلي الفن والثقافة والأكاديميا لخدمة مشروعه الصهيوني الاستيطاني العنصري، وتلميع صورته القبيحة".
ولفتت الحملة في بيانها إلى أن حديث "وجدي معوض" في مقابلته منذ أيام مع راديو "France Inter" الفرنسي، حيث بدأ كلامه "بأن المسرح يولد من رحم السياسة"، مطالبةً إياه بتحمل مسؤولية أعماله في بعدها السياسي "وعن قراره الواعي بالتطبيع، من خلال التعامل مع ممثلين "إسرائيليين"، وعرض مسرحيته "Tous des oiseaux" في "تل أبيب"، وقبول رعاية ودعم مادي من السفارة الإسرائيلية" ضمن موسم "فرنسا/"إسرائيل" 2018 الذي رعاه رسميًا الجانبان الفرنسي و"الإسرائيلي"، ودعا لمقاطعته أكثر من ثمانين مسرحيًا وكاتبًا ومخرجًا وفنانًا فرنسيًا".
وأكدت الحملة في بيانها أنها لم "تشيطن وجدي معوض، وترفض شيطنته أو التعرض لفريق عمل المسرحية"، مضيفةً: "نقول بكل وضوح، نرفض شيطنة وجدي معوض كمقدمة لمقاطعته ومنع مسرحيته، ولا نتهمه بالعمالة، ولدينا ما يكفي من الحجج لنقول إنه مطبع، وإنه لم يكترث لا منذ سنوات ولا منذ أيام، لكل الأصوات التي اعترضت على تطبيعه، وإنه استسهل تمثيل دور الضحية، وبالتالي نعتبر إلغاء عرض مسرحيته الجديدة تثمينًا لجهودنا وجهود غيرنا، وفرصة له كي يراجع نفسه، فما من أحد فوق المساءلة".
وأضافت الحملة في بيانها: "مشكلتنا ليست بالضرورة مع مواد أعمال المطبعين، ومشكلتنا ليست مع كل مواقف وجدي معوض من الكيان الإسرائيلي، بل مع بعض أفعاله التي نذكّر بها: قبول الدعم والرعاية الرسميين من "إسرائيل"، وإشراك ممثلين إسرائيليين في مسرحيته، إذ هو بهذا يتصرف باعتبار الكيان الإسرائيلي كيانًا "طبيعيًا" و"شرعيًا"، وهذا هو التطبيع"، وتساءلت: "هل هو ساذج إلى حد أن يجهل أن هذه الأفعال تساهم في تلميع صورة الاحتلال، وكسر عزلته؟ وهو كما ذكرنا يعي عضوية الارتباط بين الفن والسياسة؟".