محمد وهبة ـ الأخبار
قررت مجموعة «هولسيم ليمتد» (هولسيم - لا فارج سابقاً) السويسرية، بيع حصّتها البالغة 52% من شركة «هولسيم - لبنان». وبحسب مصادر مطّلعة، عرضت المجموعة حصّتها على عدد من رجال الأعمال في لبنان، وقد أبدى بعضهم اهتماماً في الاستحواذ على حصّة مقرّرة في أكبر شركة محتكرة لإنتاج الاسمنت وبيعه في لبنان. وتعقد حالياً جولات تفاوض مع المهتمين للاتفاق على شروط الصفقة، وأهمّها تخمين القيمة السوقية للشركة تمهيداً للاتفاق على سعر الحصّة.
يأتي هذا الأمر إثر قرار اتخذته المجموعة منذ بضعة أشهر، يقضي بالتخلّي عن ملكيّتها في عدد من الوحدات أو الشركات التابعة لها، ولا سيما في الأسواق التي تنطوي على مخاطر مرتفعة. ففي تقريرها السنوي الأخير، قالت الشركة السويسرية إن لبنان والأرجنتين فيهما مخاطر تضخميّة مرتفعة وإنها تتعامل مع هذا الأمر استناداً إلى قاعدة وجود تضخّم متواصل بثلاثة أرقام يفوق 3 سنوات، وهو الأمر الذي تحقّق في لبنان والأرجنتين. وبناءً على هذا التصنيف، بالنسبة إلى المجموعة، فإنّ «أيّ خسارة مالية محتملة لا تقع ضمن مسؤولية الشركة الأمّ، بل تُؤمن شركة هولسيم اللبنانية احتياجتها المالية باستقلالية تامة». يمكن تفسير هذه العبارة بأكثر من طريقة، سواء بخفض إدراج قيمة استثمارها المسجّل بالدولار، أو من خلال محاولة تسييل الأسهم.
غير أن التخلّي عن ملكيات أو شركات تابعة بالكامل لن يكون أمراً عادياً مرتبطاً فقط بهذه المخاطر، إذ تشير المعطيات المتوافرة إلى أن المخاطر التي ترتّبت على الشركة نتيجة فضيحة «التعامل مع داعش» في سوريا، كان لها أثر كبير على استراتيجيتها التوسعية. لذا، تم التخلّي عن الشركات التي تصنّف ضمن مخاطر مرتفعة تنعكس مباشرة على قيمة أسهمها في البورصة العالمية. ففي الفترة الأخيرة، باعت حصّتها في الهند، وقبلها عدّلت اسمها من «هولسيم - لا فارج» إلى «هولسيم ليمتد» في محاولة لإزالة التداعيات السلبية التي أصابتها بسبب عملياتها في سوريا والتي ارتبطت باسم «لا فارج» تحديداً. وها هي اليوم تحاول الخروج من السوق المحلية بسبب التدنّي اللاحق بقيمة استثمارها في لبنان الذي لم يعد يشكّل قيمة مضافة إلى محفظتها الكبيرة من الأعمال التي تحاول توسيعها في عدد من البلدان لتغطية مديونيّتها. وملكيّتها في لبنان كانت مقدّرة بنحو 800 مليون دولار في سنوات ما قبل الأزمة، إلا أنها انخفضت إلى أقلّ من 200 مليون دولار وفق معلومات متداولة بين رجال الأعمال.
وبحسب الأرقام الواردة في التقارير المالية المنشورة، فإن أصول الشركة بلغت في 2019 نحو 248 مليون دولار، ثم انخفضت إلى 8.2 ملايين دولار في 2021 بعد اعتماد سعر صرف يبلغ 27500 ليرة مقابل الدولار، ثم بلغت 31.6 مليون دولار في 2022 باعتماد سعر صرف يبلغ 42500 ليرة. لكن، باستثناء إدارة الشركة ومدققي الحسابات، لا يمكن معرفة القيمة الفعلية لهذه الأصول وكيفية احتسابها، ولا سيما أن الشركة تملك عدداً من الشركات، بالإضافة إلى ملكيات عقارية واسعة، وبالتالي فإن تخمين كل هذه الشركات والعقارات ليس واضحاً للعيان. إنما لدى الشركة أيضاً تخمين لا يستهان به يتعلّق بملكيّتها لاحتكار تشكّل هي أحد أبرز أعمدته، إذ تصل حصّتها السوقية بحسب تقرير صادر عن «بلوم إنفست» في عام 2010، إلى ما بين 43% و45% من مبيعات الاسمنت في لبنان بكل أنواعه مقابل ما بين 16% و18% لشركة «ترابة سبلين»، وما بين 39% و41% لشركة «الاسمنت الوطنية». وهذا الاحتكار المحمي من الدولة اللبنانية هو القيمة المضافة الفعلية التي تملكها «هولسيم - لبنان»، إذ تضمن الشركة بموجبه ألّا تصدر الدولة رخصاً جديدة لإنشاء مصنع منافس. في المقابل، تحدّد الدولة، بالاتفاق مع الشركات المحتكرة، سعر مبيع طن الاسمنت في السوق المحلية، وتسمح لها بالتصدير، وهي تتغاضى عن طريقة عمل الشركات الثلاث الملوّثة والمدمّرة للبيئة، سواء بالتلويث المباشر المتعلّق بانبعاثاتها المسرطنة من معامل الإنتاج، أو من خلال تدمير الأراضي من دون إصلاح زراعي.
وتشير التصاريح المالية لشركة «هولسيم - لبنان» المنشورة على موقع بورصة بيروت، إلى أن الشركة حققت 27.3 مليون دولار أرباحاً في 2018، أما في عام 2019 فسجلت الشركة خسارة بقيمة 854 ألف دولار، ثم حققت أرباحاً بقيمة 38 ألف دولار في 2021، وفي عام 2022 حقّقت 2.2 مليون دولار.‑