بحسب استبيان أجراه البنك الدولي في عام 2023، بلغ إنفاق الأسر على مولدات الأحياء غير الشرعية في لبنان 55% من إنفاقها على الطاقة، إذ يبلغ المعدّل الوسطي لفاتورة مولدات الأحياء للأسرة الواحدة نحو 77 دولاراً. ومع أن هذا الرقم متدنّ نسبياً عن الواقع ولا سيما في ظل الفروقات الكبيرة في التسعير بين المناطق وفي القدرة الكهربائية الممنوحة للزبائن، إلا أنه يتيح إعادة طرح مشكلة متعدّدة الأطراف تؤثّر على الاقتصاد وعلى الفاتورة الصحية في البلد وعلى القدرة الشرائية للأسر أيضاً.تؤمّن مولدات الاحياء نحو 60% من حاجة الكهرباء المحلية. وبحسب كلام وزير الطاقة وليد فياض، فإنها تنتج نحو 6 مليارات كيلواط ساعة في السنة في مقابل طلب على الكهرباء انخفض بعد رفع الدعم عن تسعيرة كهرباء الدولة وعن المحروقات إلى نحو 10 مليارات كيلواط ساعة في السنة.
لكن الواقع يشير إلى أن تأثير هذه المولدات سلبي جداً، وخصوصاً على ميزانيات الأسر. إذ تبلغ تسعيرة الكيلواط ساعة المنتجة بواسطة المولدات نحو 50 سنتاً. في المقابل، تبلغ تسعيرة كهرباء لبنان نحو 27 سنتاً. وتنخفض أكثر فاتورة الطاقة التي تدفعها الأسر، إذا استثمرت الدولة نحو مليار دولار في القطاع لإنشاء معامل إنتاج بقدرة إنتاجية إضافية تغطّي الطلب الفعلي، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الفاتورة بنسبة قريبة من الربع لأن كلفة الكهرباء من المولدات تبلغ 55% من فاتورة الطاقة على الأسر، وبالتالي نصف هذا الرقم يبلغ نحو 27%.
إلى جانب ذلك، من الواضح أن كلفة إنتاج الطاقة عبر مولدات الأحياء مرتفعة جداً. فهي تحتاج إلى كمية محروقات أكثر لأن كفاءتها أقلّ من المعامل الكبيرة. وبحسب وزير الطاقة، يمكن توفير 1.2 مليار دولار على الميزان التجاري سنوياً في حال زيادة الاستثمار في معامل كهرباء لبنان. ما يعني أن تحميل مسؤولية إنتاج الطاقة لمولدات الأحياء يسهم في زيادة العجز في الميزان التجاري. والعجز في الميزان التجاري يعني أن العملات الصعبة الخارجة من البلد تفوق العملات الصعبة الداخلة إليه. انعكاس هذا الأمر يظهر بدايةً على قيمة العملة المحليّة، التي تدهورت في السنوات الماضية حتى خسرت 98% من قيمتها. بمعنى آخر، الانتقال إلى الإنتاج الكلّي للكهرباء عبر معامل كهرباء لبنان يُساهم في تخفيف الضغط عن الدولارات في السوق، ما يرفع قيمة العملة الوطنية ويعيد جزءاً من القدرة الشرائية للأسر.
كما أن انتشار مولدات الأحياء بشكل كثيف، ولا سيما في المدن المكتظّة، يسهم في زيادة معدّلات التلوّث. ولهذا الأمر انعكاس على الفاتورة الصحية في الاقتصاد اللبناني. لأن زيادة التلوّث تنعكس زيادة في الأمراض، وخصوصاً السرطان. وارتفاع الفاتورة الصحية ينعكس سلباً على الاقتصاد، لأنه يعني استيراد الأدوية بشكل أكبر، وإنفاق جزء من الأجور والمدّخرات على الصحّة ما يحرم قطاعات أخرى من الاستهلاك.
علماً أن 77 دولاراً هو المعدّل الوسطي للإنفاق على مولدات الأحياء، لكن هذا الرقم يخفي جزءاً كبيراً من الأسر الذين يدفعون أكثر من ذلك بكثير، لأن مولدات الأحياء في بعض المناطق لا تلتزم بوضع العدّادات، وهم يدفعون مبالغ مقطوعة تتخطّى 100 دولار مقابل أقلّ من 5 أمبير. لذا، من المهم النظر في تركيبة البيانات التي بُني عليها رقم البنك الدولي، لمعرفة كمية الأشخاص الذين يدفعون مبالغ كبيرة على مولدات الأحياء وحالاتهم الاقتصادية.
أخيراً، يقول البنك الدولي إنه رغم الكلفة الشهرية المرتفعة للمولدات، فقد رأى 73.5% من المشاركين أن الطاقة الشمسية ليست خياراً يستطيعون تحمّل كلفته الأولية المرتفعة، حيث يتراوح متوسط هذه الكلفة بين 2000 دولار و3000 دولار، بينما يمكن أن تصل إلى 10.000دولار أميركي اعتماداً على موقع المنزل واحتياجات الطاقة.