فؤاد بزي ـ الأخبار
في كانون الأول 2023، أقرّ مجلس النواب القانون 319 الذي شرّع لأصحاب العمل سرقة نحو 40 ألف مليار ليرة من حقوق العمال المتعلقة بتعويضات نهاية الخدمة (الرقم أتى من تقديرات منظمة العمل الدولية). وأتى هذا القانون بعد 20 عاماً من النوم في أدراج المجلس، إذ تعاقبت عليه 5 دورات نيابية من دون أن يتفق عليه. لم يحصل هذا الأمر إلا حين تحقّق الإفلاس في مصرف لبنان والمصارف وأطلق شرارة انهيار للعملة استمرّ من نهاية 2019 إلى آذار 2023 بالتوازي مع تضخّم مفرط تراكم أكثر من 5000% بشكل عام وأكثر من 23000% في المواد الغذائية والضرورية.
إذاً، ما الذي اتفق عليه في قانون التقاعد والحماية الاجتماعية؟ ثمّة الكثير من الملاحظات على طريقة احتساب المعاش التقاعدي ومعدلات الاشتراكات وإلزامية الانضمام إلى الصندوق الجديد، لكن أهم ما في الأمر أنه يترك التباساً مقصوداً في التعامل مع تعويضات نهاية الخدمة والانتقال إلى صندوق التقاعد والحماية الاجتماعية، أي المعاش التقاعدي. فالمحاولات كلّها في المجلس النيابي واللجان الفرعية التي درست القانون وأقرّته، كانت مأمورة بما يريده أصحاب العمل، أي إلغاء تسويات نهاية الخدمة ومنع انتقالها إلى الصندوق الجديد. وقد وردت في النسخة ما قبل الأخيرة للمشروع بشكل واضح إعفاء أصحاب العمل من هذا الموجب، وبالتالي «أكل» حقوق العمال، لكن بشكل ما شطبت هذه العبارة في النسخة التي أقرّها المجلس النيابي وتُرك التعامل مع التعويضات والتسويات «مشكولاً». وبالتالي ما لم يرد بشكل واضح نصّ يوجب تصفية تعويضات نهاية الخدمة ونقلها إلى الصندوق الجديد، فإن كل الحديث عن القانون يصبّ لمصلحة أصحاب العمل الذين تميل موازين القوّة في هذا النظام إلى مصلحتهم دائماً.
قبل إقرار نظام التقاعد، وقبل الانهيار المالي في عام 2019، كان الضمان يشمل ثلث اللبنانيين، وانتسب إليه أكثر من 600 ألف أجير، ومجمل المستفيدين يبلغ 1.3 مليون شخص. وكان الأجراء يحصلون عند بلوغ سن التقاعد، أو عند الصرف من الخدمة أو ترك العمل لأيّ سبب آخر، على تعويض نهاية خدمة عبارة عن مبلغ يحتسب على قاعدة نسبية من آخر راتب شهري لقاء كل سنة خدمة. ترتفع أو تنخفض هذه النسبة تبعاً لعدد سنوات الخدمة، فلا تصبح 100% من راتب آخر شهر إلا ببلوغ 20 سنة خدمة وتصبح 150% فوق هذا الحدّ. وكانت قيمة التعويض في أول ستة أشهر من 2020 تبلغ 32 مليون ليرة أو ما يفوق 21 ألف دولار. وكلما زاد الراتب الشهري الأخير، توجّب على أصحاب العمل أن يدفعوا تسويات نهاية خدمة أكبر، إذ تحتسب هذه التسويات على أساس الفرق بين قيمة الاشتراكات المحصّلة عن المضمون وما يتوجّب له من تعويض بموجب قاعدة الاحتساب.
وبموجب قانون التقاعد الجديد، سيحصل الأجير عند بلوغ السنّ على معاش تقاعدي وفق آلية من اثنتين: الأولى، يحصل بموجبها المتقاعد على معاش قيمته 1.33% من متوسط الأجور عن كل سنة عمل، وفي حال بلغ الحدّ الأقصى من سنوات العمل، أي 40 سنة، يتقاضى معاشاً قيمته 53.2% من متوسط الأجور. وبموجب الثانية، يحصل المضمون الذي سدّد اشتراكاته لمدّة 15 سنة، على 55% من الحد الأدنى للأجور عند التقاعد، مضافاً إليها 1.75% عن كل سنة اشتراك إضافية بعد الـ 15، على أن يكون الحدّ الأقصى للمعاش التقاعدي 80% من الحد الأدنى للأجور. ويخضع للنظام الجديد، أي لنظام الراتب التقاعدي، كل الأجراء الذي يصرّح عنهم للضمان الاجتماعي بعد البدء في تطبيق التعديل الجديد. وكل منتسب إلى الضمان عمره أقلّ من 44 سنة، ينتقل إلزامياً إلى النظام الجديد، ومعه تنتقل كل الاشتراكات التي استوفاها الضمان عنه والفوائض التي راكمها النظام طوال 40 عاماً. أما من هم فوق الـ 44 عاماً، فإن لديهم حرية الاختيار للانتقال إلى النظام الجديد.