"العهد"
قبل أيام، تلقّت وزارة الصحة بلاغًا من بلدية كامد اللوز في البقاع الغربي يُفيد بتفشّي حالات التهاب الكبد الفيروسي الألفي، أو ما يُعرف بـ"الصفيرة" و"اليرقان". البلاغ تطلّب تحركًا واسعًا من مختلف المعنيين، ما أدى إلى تطويق التداعيات ومحاصرتها وفق ما يؤكّد لموقع "العهد" الإخباري محافظ البقاع القاضي كمال أبو جوده، الذي يشير إلى احتواء المرض ومحاصرته، وبالتالي لا داعيَ للقلق أو الهلع من انتشار المرض في قرى أخرى، طالما أن السبب كان محليًا أي أن مصدر التلوث هو مياه القرية.
وقبل الحديث عن الظروف التي صاحبت انتشار المرض، لا بد من تعريف "التهاب الكبد الفيروسي الألفي" والذي يوصف بحسب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمُعدية الدكتور جاك مخباط بأنه نشوء حالة التهابية في نسيج الكبد نتيجة لعدوى فيروسية، حيث تبدأ العوارض بالظهور وتتمثّل بارتفاع درجات حرارة الجسم، وإحساس بالإنهاك والتعب العام، وفقدان الشهية، والغثيان والقيء، وأحيانًا يصاحب العوارض إسهال. ووفق مخباط، بعد عدّة أيام من الإصابة تتدهور وظائف الكبد ويحدث الاصفرار في العينين والوجه والجلد.
وفي معرض حديثه، يلفت محافظ البقاع إلى أنّه ولمجرّد أن سرت "خبرية" عن انتشار العوارض المذكورة والتي تدل على انتشار حالات من "الصفيرة" في بلدة كامد اللوز حتّى ساد الاستنفار، وسارعت البلدية للتفتيش في المدارس تدراكًا لتفشي المرض. وعندما لاحظت البلدية غياب عدد من التلامذة في أكثر من مدرسة، جاء القرار بإقفال هذه المدارس منعًا لاختلاط التلامذة ببعضهم البعض ما يُوسّع دائرة العدوى. وهنا يشير أبو جوده إلى أن مصلحة الترصد الوبائي في وزارة الصحة وفور تبلغها أرسلت فريقًا لتقصّي الواقع، وجرى أخذ عينات من مصادر المياه بأكملها، وفحص المياه في المدارس والمنازل، حيث جرى إيقاف استخدام مصادر المياه الملوثة إلى حين إجراء التحاليل الصحيحة لتعقيم المياه عبر "الكلور" منعًا من انتشار "الصفيرة" على مستوى أوسع، إذ بيّنت نتيجة الفحص الميداني لنسبة الكلور المتبقي في شبكة مياه الشرب في البلدة ومصادرها عدم وجود النسبة المطلوبة من الكلور لمكافحة الجراثيم.
وفيما تتعدّد أنواع "التهاب الكبد الفيروسي" من "أ"، و"ب"، و"ج"، و"د"، يُشدّد أبو جودة على أنّ "نوع "الصفيرة" الذي انتشر وهو "التهاب الكبد الفيروسي الألفي" ليس "مؤذيًا"، لافتًا إلى أنّ هذا النوع يأتي جراء تلوث المياه، موضحًا في السياق أنّ المديرة العامة لمؤسسة مياه البقاع بالتكليف بولا حاوي أبلغته اليوم الأربعاء أن نتائج فحوصات 5 مصادر للمياه في الضيعة (كامد اللوز) أتت نظيفة. وهنا يوضح أبو جودة أنّ احتواء المرض ومحاصرته كان نتيجة التدخل السريع من قبل المعنيين، ومن حُسن الحظ كانت عطلة المدارس حاليًا، وهذا يساعد على التباعد الاجتماعي واحتواء الأزمة، أضف إلى الوعي الكبير الذي برز لدى الأهالي. وفي ختام حديثه، يشكر أبو جوده كلّ الذين ساهموا باحتواء المرض، واعدًا بأن "نكون على الدوام إلى جانب أهلنا في البقاع كي نتدخل سريعًا لمنع انتشار أي مرض أو وباء".
مخباط: للقيام بجملة تدابير
لا يُخفي مخباط في حديثه للعهد أنّ "التهاب الكبد الفيروسي" من نوع "أ" هو أقل خطرًا من الناحية الصحية، لكنّه يشكّل مشكلة من الناحية الوبائية حيث ينتشر. ووفق مخباط، صحيح أنّ هذا المرض قد يمر بسلام لكن في بعض الحالات إذا ما وقع التدهور الحاد في وظيفة الكبد فقد تحدث مشكلة كبيرة لدى المصاب.
وفيما يتعلّق بالتدابير، يشير مخباط إلى أنه ورغم إدراج لقاح التهاب الكبد الفيروسي الألفي ضمن لائحة اللقاحات، لكن هذا لا يكفي، المطلوب أن تعمل الدولة على تكرير مياه الصرف الصحي، وبناء شبكة تحتية آمنة، وعدم رمي مياه الصرف الصحي في البحر لأن المياه هي السبب الرئيسي لانتقال العدوى والانتشار في البيئة المحيطة، وهو ما لفتت إليه وزارة الصحة التي أشارت إلى أنّ ""التهاب الكبد الفيروسي الألفي" ينتقل إلى الإنسان عبر المياه الملوثة أو المواد الغذائية الملوثة أو الأيدي الملوثة، ويمتد معدل فترة الحضانة من 28 إلى 30 يومًا بعد العدوى، وتتضمن العوارض الحمى واليرقان الحاد". وهنا، يشير مخباط إلى ضرورة تعقيم المصاب يديه باستمرار وعدم استخدام مرحاض الآخرين. وحول انتشار المرض، يلفت مخباط إلى تسجيل حالات في منطقة عكار جراء المياه غير النظيفة، وعليه فلا بد من إجراءات طويلة الأمد.