اعتبر المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، أن "التوجه نحو مكّة للصلاة معناه أن لا نتوجّه بالعلوم والتقنية والصناعة والطب وغيرها إلى أوروبا أو أميركا بل أن تكون بلادنا عواصم منبع العلم والإمكانات، القادرة على تطويع الطبيعة والعلوم من أجل الإنسان، وطالما أن الصلاة دليل الريادة العميقة يجب أن تكون عقول المسلمين دليل أكبر للإمكانات العميقة التي تليق بأفضل دين ومؤمنين على مستوى العالم".
وفي خطبة الجمعة التي ألقاها من مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، توجه للحكومة اللبنانية بالقول: "لا نريد نحر لبنان بمليار يورو مسمومة، وأوروبا شريكة واشنطن بالخراب في سورية وبالحصار المضروب على لبنان، ويجب أن يأكلها النزوح كما يأكل لبنان"، محذّرًا "أصحاب الشأن من لعبة الحارس الأمني والسياسي لأوروبا، وأن قضية النزوح بحاجة ماسة إلى حسم، وترف الوقت انتهى، ونحن الآن أمام بلد مهدد بديمغرافيته واستقراره ووضعه الأمني والاقتصادي ولقمة عيشه".
كما توجه للحكومة وللأجهزة الأمنية وللقوى السياسية كافة لافتًا إلى أن "أهم مطلب اليوم هو الأمن، ثم الأمن ثم الأمن، والبلد بلا أمن كالجسد بلا رأس، والأمن السياسي والجنائي وأمن الأسواق والاستثمارات والأمن الاجتماعي وأمن اليد اللبنانية العاملة أكبر مطالب المصلحة الوطنية العليا؛ وبلدنا بلد العيش المشترك، والمسيحي والمسلم عائلة وطنية، ولا بد من التلاقي لحماية هذه العائلة وضمان إخراج البلد من أسوأ كارثة في تاريخه".
وللقوى السياسية قال الشيخ قبلان "يجب أن نجتمع كعائلة وطنية، حتى ننتهي من المشهد الانقسامي، ويجب أن نتعامل بكل استحقاقاتنا الوطنية كلبنانيين لا طائفيين، ولا بديل عن الشراكة الإسلامية - المسيحية، فالبلد يقوم على العائلة الوطنية والتي لا بديل عنها، وأولوياتنا اليوم حماية السيادة الوطنية والانتهاء من تسوية رئاسية تليق بشراكة العائلة اللبنانية".
وتابع "إنه لمن دواعي الفخر الوطني أننا أمام معادلة لا سابق لها بتاريخ الجبهة الجنوبية للبنان في وجه "تل أبيب"، وهي النزوح مقابل النزوح، والدمار مقابل الدمار، وحزام أمني مقابل حزام أمني، والتهجير مقابل التهجير، وسط أكبر نموذج سيادي وأكبر ضمانة تقدمها المقاومة وشعبها ومؤسساتنا الوطنية، وتلك مفخرة لبنان وضمانة كل اللبنانيين".
ووجه المفتي قبلان كلمة للشعوب العربية قائلًا "بئس العرب الذين لا ينهضون لنصرة الضمير الإنساني في غزة وإغاثة نسائها وأطفالها، وبئس الشعوب والجامعات العربية التي تشاهد طلاب أهم الجامعات الأمريكية وبعض الجامعات الأوروبية التي تتظاهر من أجل غزة والضمير الإنساني فيما شعوب وطلاب العرب كأنهم أموات.. فمتى ينهض العرب! أم أن التطبيع المذل كتم أنفاسهم!".
وختم مؤكدًا أن "زمن التطبيع والتهويل انتهى، وزمن الأمركة في هذه المنطقة يتلاشى بسرعة، والشرق الأوسط ملك لشعوبه وليس للأنظمة التي تصرّ على الخضوع لواشنطن المهزومة، ووحدة الساحات الأميركية وتمويلُها في كل من أوكرانيا و"إسرائيل" وتايوان انتهى بأسوأ خسارة على الأرض، والحرب بمعناها الإستراتيجي انتهت، والآن نحن في زمن الحرب التكتيكية، أي لعبة تحسين الوضعيات فقط، ولبنان والمنطقة يعيشان لحظة تاريخ جديد لصالح دولنا ومنطقتنا".