نقلًا عن الجزيرة نت - محمد عبد الملك
قالت المسؤولة الإعلامية لمنظمة الصحة العالمية في اليمن منيرة المهدي إن انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد سيؤدي إلى آثار كارثية، ومن المحتمل إصابة 16 مليون يمني (50% من السكان)، في ظل ظروف الحرب وهشاشة النظام الصحي الذي يعمل حاليًا بنسبة 50% من قدرته الفعلية.
وأعلنت وزارة الصحة اليمنية أمس الجمعة تسجيل 12 إصابة جديدة بالفيروس، ليرتفع عدد الحالات المؤكدة إلى 205 حالات، بينها 33 وفاة و6 حالات تعافٍ. ودعت الحكومة اليمنية إلى إرسال خبراء دوليين لتشخيص الأوبئة المنتشرة في البلاد، ومساندة الفرق الصحية.
وحسب تصريحات منيرة المهدي للجزيرة نت، فإنه منذ الإعلان عن تفشي الوباء في اليمن قدمت منظمة الصحة العالمية العديد من السيناريوهات القائمة على الأدلة للتأكد من أن السلطات المحلية لديها الصورة الكاملة عن تأثير هذا الفيروس على اليمنيين.
وأفادت المسؤولة الأممية بأن شدة المعاناة الحالية والاحتياجات الصحية التي لا يمكن تلبيتها للسكان؛ قد تتسبب في أضرار مخيفة، خاصة أن 19.7 مليون شخص (من مجموع السكان البالغ نحو ثلاثين مليون نسمة) بحاجة إلى خدمات الرعاية الصحية، و14 مليونا بحاجة ماسة لهذه الخدمات، وثلثي المديريات (203 من أصل 333 مديرية) تعد ضمن المناطق الأشد احتياجًا للخدمات الصحية بسبب ضعف إمكانية الوصول للخدمات في عموم البلاد.
قطاع صحي هش
وقالت منيرة المهدي إن ما نسبته 50% من المرافق الصحية في اليمن تأثرت بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من خمس سنوات، وهو ما أدى إلى انخفاض القدرات التشغيلية.
وتتعقد الأزمة بسبب معاناة ما يقرب من 15.9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، رغم المساعدات الإنسانية القائمة.
ووفقا لحديث المسؤولة في منظمة الصحة العالمية، فإن سوء التغذية يسهم في انخفاض مستويات المناعة، ويجعل السكان عرضة للإصابة بأمراض معدية حادة، مع احتمالية أكبر للوفاة؛ إذ تشير الدلائل عالميًا إلى أن مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم وضعف المناعة سجلوا أعلى معدلات الإصابة بفيروس كورونا.
وذكرت المهدي أن عدم القدرة على الاستجابة الكافية في اليمن قد يؤدي إلى وفاة ملايين الأشخاص بسبب مضاعفات هذه الأمراض، مثل الكوليرا والحصبة وحمى الضنك والدفتيريا والأمراض غير المعدية.
وأوضحت أن الإحصاءات تشير إلى أنه لا يتواجد الأطباء إلا في 18% من مديريات اليمن، التي لم يتسلم أغلب موظفي القطاع الصحي فيها مرتباتهم خلال السنتين الماضيتين، إضافة إلى نقص عدد الممرضين، وعدم قدرة القابلات ذوات التعليم الطبي الضعيف على سد العجز في الموارد البشرية للقطاع الصحي.
وقالت منيرة المهدي إن الفرق الطبية المساعدة تفتقر إلى التدريب في مجال إدارة الحالات والوقاية من العدوى ومكافحتها واستخدام معدات الحماية الشخصية في نطاق فيروس كورونا المستجد.
دور منظمة الصحة
وتوضح المسؤولة الأممية أن دور منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة باليمن يتمثل في تقديم المشورة والرسائل الصحية والمساعدات الطبية المنقذة للحياة، وتقديم النصح بشأن إعلان الحالات والإبلاغ عنها.
وأضافت "نحن نتمسك بما ينص عليه ميثاق اللوائح الصحية الدولية (المادة السادسة): الإعلان عن أي تهديد محتمل للأمن الصحي العالمي وإدارته، بما في ذلك المرض، هو مسؤولية السلطات الوطنية، ودورنا بصفتنا الأمم المتحدة هو دعم وخدمة الناس في اليمن بأفضل ما لدينا من قدرات في هذا الوقت العصيب، حيث نعمل إلى جانب السلطات الصحية لتوفير القدرة على الاختبار والتتبع والعزل".
وتواصل المنظمة وشركاؤها دعم الجهات الصحية في اليمن، في ظل الموارد المحدودة المتاحة، على افتراض أن الوباء يتفشى بالفعل على مستوى المجتمع في جميع أنحاء البلد، وتجري الآن تعبئة موارد إضافية، في سياق النقص العالمي الشديد في الإمدادات والمعدات الأساسية اللازمة للاستجابة لمرض كوفيد-19، الذي يسببه فيروس كورونا، حسب المسؤولة الأممية.
خطة الاستجابة
وتتمثل خطة الاستجابة الصحية لمنظمة الصحة العالمية باليمن في ثمانية محاور كما أوضحت المسؤولة الأممية للجزيرة نت، بينها التنسيق والتخطيط والمتابعة لضمان مشاركة المعلومات في وقتها بين القطاعات الصحية، وكذلك تجهيز 26 مركزًا للطوارئ لتكون بمثابة العمود الفقري للاستجابة لتفشي الوباء.
وقالت منيرة المهدي إنه يتوفر بالفعل عشرة مراكز في جنوب اليمن، إضافة إلى 13 مركزًا أخرى في المحافظات الشمالية، وهناك غرفتا عمليات على المستوى المركزي في صنعاء وعدن، وغرف أخرى ستفتح في محافظة تعز، كما تم إنشاء أربعة خطوط ساخنة في صنعاء وعدن لتلقي جميع البلاغات المتعلقة بالوباء.
ومن بين جهود خطة الاستجابة، قالت المسؤولة الأممية إنه يجري تطوير وتوزيع المواد التوعوية وتعميمها على المرافق ومنافذ الدخول، وكذلك تجهيز 333 فريق استجابة سريعة من 1665 فردا في جميع المديريات.
كما تسهم المنظمة في ضمان جاهزية منافذ الدخول إلى البلاد وحصولها على الموارد اللازمة لدعم خطوات الحجر والعزل، للمساهمة في منع دخول الحالات الوافدة، برفع مستوى التوعية بين المسافرين. وأصبح الآن ما نسبته 82% من منافذ الدخول قادرة على الفحص بدعم من المنظمة، إلى جانب دعم المختبرات الوطنية.
كما عززت المنظمة قدرات السلطات الصحية على تجهيز خمسة مختبرات مركزية للصحة العامة في مدن: صنعاء وعدن وسيئون وتعز والمكلا، وتتمتع هذه المختبرات بالقدرة الكاملة على اكتشاف مرض كوفيد-19. وسوف تتوفر قدرات مماثلة في أربعة مختبرات أخرى للصحة العامة قريبا.
وقالت المهدي إن من أبرز الخطوات التي قامت بها المنظمة حتى الآن تدريب 28 اختصاصي مختبرات، وتوفير 520 سريرا لوحدات العناية المركزة و194 جهاز تنفس اصطناعي، وتوفير 11717 أسطوانة أكسجين، تجري إعادة تعبئتها شهريًا على مستوى البلاد، والعمل على تدريب 672 من الفريق الطبي على طرق مكافحة العدوى والوقاية والسيطرة وإدارة الحالات.