كان حلم الطفل آدم عفانة البالغ من العمر خمس سنوات أن يصبح شرطيا “للحفاظ على سلامة الناس”، حسبما يقول عمه عيد، قبل أن يفقد والده وإخوته وأبناء عمومته وكل ذراعه اليسرى تقريبا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة قبل سبعة أشهر.
والآن أصبح آدم أول طفل فلسطيني مصاب في حرب إسرائيل على قطاع غزة يصل إلى لبنان، حيث يتلقى العلاج منذ يوم الاثنين في المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت بمساعدة من صندوق غسان أبو ستة للأطفال.
وفي غرفة يغمرها ضوء الشمس في المستشفى، يلعب آدم بمجسمات أبطال خارقين ويشاهد مقاطع فيديو على جهاز آيباد. يضحك ويمزح مع عمه وطاقم التمريض، لكنه يرد بإجابات مقتضبة فقط عند سؤاله عن رحلته إلى بر الأمان في بيروت.
وقال عمه عيد عفانة (29 عاما) الذي رافقه إلى بيروت إن آدم يبكي حين يتذكر كيف أصيب وما حدث لأخته وأبيه لأن الأمر صعب عليه من الناحية النفسية.
وأضاف “ضربوا البيت نزل البيت كله فوقيهم أول شيء تصوابوا كلهم يعني كانوا تقريبا فوق العشرين نفر. أخت لأدم استشهدت على المطرح وعمته لأدم استشهدت على المطرح وجدته لأدم ام امه استشهدت على المطرح. ثلاثة من أولاد خاله برضو استشهدوا على المطرح. أبوه قعد أربع خمسة أيام انتقل من الشمال عملوا العملية في مستشفى الشفا. وقعد يوم والتاني بدأت الأمور تتأزم بردو على منطقة الشفا. نقلوه على مستشفى الوفا يومين وصار معه نزيف واستشهد في 11/6”.
ولم يكن جلب آدم إلى لبنان بالمهمة السهلة، فقد أمضى أكثر من ستة أسابيع في غزة بعد إصابته، ما بين محاولات الاحتماء من القصف وخضوعه لعملية جراحية طارئة في ذراعه دون تخدير.
وفي أوائل ديسمبر كانون الأول، تمكن عمه من دخول مدينة غزة لمدة يومين فقط قادما من مصر لإخراج آدم ووالدته عبر معبر رفح. وقال عفانة إنه لم يستطع التعرف على المدينة وأن المستشفى الأوروبي كان ممتلئا بالمصابين الذين يجري علاجهم على الأرض التي أغرقتها الدماء والأشلاء وأن الأمر كله كان كارثة.
لكن الحظ كان حليفهم، إذ أدى الهجوم الإسرائيلي على رفح هذا الشهر إلى غلق المعبر الرئيسي إلى مصر، ما أدى إلى انقطاع المساعدات ومنع خروج الأعداد الضئيلة التي كانت تغادر القطاع للحصول على للمساعدة الطبية.
وأمضت الأسرة ما يقرب من ستة أشهر في مصر، لكن ذراع آدم كانت بحاجة إلى رعاية متخصصة. وهكذا بدأت محاولات نقله إلى لبنان، وهو بلد ذو توازن طائفي غير مستقر وتاريخ معقد مع اللاجئين الفلسطينيين وقيود صارمة على دخولهم.
وقال رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت فضلو خوري للصحافيين في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن الجامعة أجرت مناقشات مكثفة مع السلطات اللبنانية للسماح لآدم بالدخول وسط آمال في أن يكون الطفل هو الأول من بين المزيد من الأطفال الفلسطينيين الذين سيستفيدون من خبرة المستشفى في علاج إصابات الحروب.
وقالت دانيا دندشلي من صندوق غسان أبو ستة للأطفال إن المنظمة تأمل في علاج 50 طفلا فلسطينيا في المجمل من جرحى الحرب في لبنان خلال العام المقبل.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن العملية العسكرية الإسرائيلية عبر البر والجو أدت إلى استشهاد أكثر من 36 ألف فلسطيني بينهم آلاف الأطفال وإصابة أكثر من 81 ألفا.