التعديات نفسها تتكرّر عند بدء موسم الصيف في كل عام، وفي كل مرة يقوم من يفترض أنهم موكلون بحماية الأملاك العامة بابتداع تراخيص وقرارات لشرعنة الاعتداءات وحماية المعتدين، وهو ما يجري على شاطئ البترون الذي تتكاثر التعديات عليه عاماً بعد آخر، ولا سيما مع تحوّل المنطقة إلى مقصد سياحي.اليوم، ينفّذ أهالي منطقة كفرعبيدا، بالتعاون مع جمعية «نحن»، تحركاً أمام قصر الصحافية راغدة ضرغام التي قطعت بإنشاءاتها المخالفة تواصل الشاطئ، وأقدمت أخيراً على إحاطة قصرها المائي بأشجار الصبير لضمان خصوصيتها. فيما يشهد منتجع «أكوالاند» تمدّداً سنوياً نحو البحر، ويستعدّ اليوم لافتتاح سلسلة مقاهٍ على الرصيف الخشبي الذي يبنيه فوق المياه من دون مرسوم، متذرّعاً برخصة لاستخدام الأملاك البحرية العمومية تعود إلى عام 1988. وفي بلدة تحوم، يقوم رجل الأعمال فرنسوا بركات منذ نحو 3 سنوات بصبّ الباطون على الشاطئ لناحية عقارين اشتراهما (204 و205) برخصة من البلدية ووزارة الأشغال. وهو استقدم أخيراً جرافة إلى حدود عقاره المتاخم مباشرة للبحر بحجة «تسوية الردم الموجود منذ زمن الحرب الأهلية» رغم أن الصور الجوية تظهر أن الردم وُضع حديثاً. وعلى المنوال نفسه، يعمد جاره مالك جورج يزبك، صاحب منتجع Azur bleu، إلى صبّ الباطون في المياه والتوسع نحو الطريق العام بموجب «رخصة صيانة».
قضت التعديات على الشاطئ على آخر متنفّس مجاني للعائلات
فيما تنتصب طاولات مطعم «مرشاق عالبحر» لصاحبيه اسطفان خليل وجوزيف شارل إبراهيم الخباز فوق البحر مباشرة، على سنسول خشبي منذ العام الماضي يمتد 7 أمتار داخل المياه. وبـ«سحر ساحر»، تحوّلت منطقة الغلاغيلي المصنّفة صناعية شمال المرفأ إلى سياحية ليستفيد أحد المستثمرين من أحد المباني هناك وينشئ أمامه منصة خشبية توصل إلى البحر. أما الطريق الحجري الملاصق لشاطئ البحصة العمومي المشهور، فقد أُقفل بأمر من رئيس البلدية بحجة «حماية الرواد»، بينما الحقيقة أنه أعطى تسهيلات لأصحاب المطاعم للتوسّع على الرصيف بدءاً من مقهى Patchi by the sea مروراً بمطاعم Chez maguy المتعدّي على جزء من السور الفينيقي ومطعمَيْ le marin وA la pier وصولاً إلى مطعم Ray sur mer. هكذا، بات البحث عن متر صغير في بلد الماء والشمس للتنعّم بما هو حقّ يكفله القانون، من أصعب المهمات، حيث قضت التعديات على آخر متنفّس مجاني للعائلات. والواقع أن كل المسؤولين الذين ينظّمون شعراً عن حق الوصول إلى البحر يتعامون عن هذه المخالفات، حتى يكاد يبدو أن أحداً من النواب والوزراء لم يكن حاضراً عند إقرار المادة 45 من موازنة 2024 التي تنص على معاقبة أي شخص يخالف مبدأ الولوج إلى الشاطئ عبر الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى البحر عن طريق فرض تدبير مباشر أو غير مباشر أو عن طريق وضع أو إنشاء أي حاجز مادي، تحت طائلة غرامة تُراوح بين 10 آلاف و35 ألف دولار مع احتمال مضاعفتها في حال تكرار الأمر، ووقف العمل بالترخيص أو الإشغال المؤقّت. وهي غرامة كفيلة بردع المتعدّين في حال تجرّأ أحد على محاسبة أحدهم، لولا أن مخالفة القانون تجري على أيدي صانعيه أنفسهم.