الأخبار ـ فؤاد بزي
بناء على قرار مجلس إدارة الضمان، أرسلت أمانة سر الضمان كتاباً إلى وزارة المال بواسطة وزير العمل، تطلب فيه إدراج مبلغ 38.3 مليار ليرة (428 مليون دولار وفقاً لسعر صرف السوق) في موازنة 2025 لتغطية مساهماتها المنصوص عنها قانوناً في الصندوق، بما فيها مبلغ 29 ألف مليار ليرة يطلب الضمان تسديده بالاستناد إلى المادة 66 من قانون الضمان التي تتيح له طلب مساعدة استثنائية من الدولة في أوقات الأزمات والكوارث.وقدّر الضمان هذا المبلغ موزّعاً على النحو الآتي: 3500 مليار مساهمة الدولة في نفقات فرع المرض والأمومة (25% من النفقات الصحية)، 29 ألف مليار ليرة لإعادة التوازن المالي بموجب المادة 66 من قانون الضمان، 3182 مليار ليرة هي أقساط مستحقة على ديون الدولة اللبنانية، والباقي يمثّل مساهمات مستحقة على الدولة في اشتراكات المختارين والسائقين العموميين ومبالغ تسوية لتعويضات نهاية خدمة بعض العاملين في القطاع العام واشتراكات عن أجراء الدولة.
قصة محاربة الدولة للصندوق ليست مستجدّة، بل عادة دأبت عليها السلطة السياسية لمراكمة الديون المتوجبة الأداء عليها لحساب الضمان، ولكن المشكلة استفحلت بسبب الأزمة الاقتصادية وتهاوي سعر الصرف؛ فمن جهة تراجعت قيمة مساهمات الدولة في الصندوق إلى جانب التراجع في قيمة الاشتراكات المحصّلة، وهذا يعود إلى التأخّر في تصحيح الأجور والرواتب، ما فرض على الضمان الاكتفاء بالاشتراكات المحصلة من رواتب غير حقيقية وقيمها الفعلية أعلى بكثير من القيمة المصرّح عنها. هذه الإيرادات كان يمكن استعمالها في تعزيز تقديمات الضمان التي تدنّت إلى أقلّ من 20% من الفاتورة الاستشفائية وبنسبة أقل من الفاتورة الدوائية ومن بدلات زيارة الطبيب.
وكانت مساهمة الدولة في 2018 قد بلغت 374.5 مليار ليرة في مختلف فروع الضمان، أي ما يوازي 250 مليون دولار بحسب سعر الصرف في حينه 1507 ليرات لكل دولار. وهذا يشمل: 25% من تقديمات فرع ضمان المرض والأمومة، 15% من اشتراكات السائقين، 4/5 من اشتراكات المخاتير، 1% عن قسم المتقاعدين، اشتراكات متوجبة عليها كونها رب عمل عدد كبير من الأجراء العاملين في القطاع العام والمسجّلين في الضمان. ويضاف إلى ذلك أن هناك ديوناً سابقة على الدولة مقسطة من 2019حتى 2025 بمبلغ إجمالي قيمته 3182 مليار ليرة. وهذا الدين لم تسدّد منه الدولة إلا بضعة مليارات.
رغم الالتزامات الكثيرة التي تستحق للضمان من الدولة، إلا أن قيمة ما رصد للضمان من مساهمات في الموازنة العامة لعام 2024 تراجع بنسبة 86%، لتصبح 3100 مليار ليرة أو ما يساوي 34.6 مليون دولار.
وفي المقابل، تبيّن أن السلطة زادت المساهمات المرصودة في موازنة 2024 لكلّ الصناديق الضامنة، من تعاونية موظفي الدولة إلى الصناديق التعاضدية المختلفة ووزارة الصحة، ما أتاح لهذه الصناديق استعادة جزء كبير من نسب التغطية الصحية كما كانت عليه في 2018. أما الضمان الاجتماعي، فقد عانى من تباطؤ شديد في التعامل مع الأزمة إلى جانب إهمال كبير من السلطة، وبالتالي لم يحصل على أي نوع من الدعم يتيح له رفع نسب التغطية الفعلية في التقديمات الصحية إلى أكثر من 20% (علماً أنه لا توجد أرقام دقيقة، إنما تقديرات لآراء أعضاء في مجلس الإدارة واللجنة الفنية ومديري الصندوق تجمع على أن نسب التغطية لم تتخطّى الـ20%). والسلطة لم تكتفِ بذلك، بل توقفت عن تسديد أقساط الديون إلى جانب التوقف عن تسديد المساهمات المالية الأساسية التي تأتي على شكل اشتراكات عن أجرائها ومساهمتها بنسبة 25% من النفقات الصحية، وتعويضات نهاية خدمة أجرائها، والمتقاعدين والمختارين والسائقين العموميين، ولم تدفع مساهمتها المقدرة بـ1% من الحد الأدنى للأجور عن 7 سنوات امتدت من 2017 حتى 2023، ما راكم عليها ديوناً بقيمة 432 مليار ليرة، وأضيف إليها مساهمتها عن عام 2024 البالغة 529 ملياراً، ليصبح مجموع ما يجب رصده في موازنة عام 2025 لمصلحة المتقاعدين 961 مليار ليرة.
فضلاً عن هذه الديون، ذكّر الصندوق الوطني للضمان الدولة بأنّها تحسم نسبة 3% شهرياً من أجور العاملين لديها الذين يبلغ عددهم 9 آلاف أجير، بحسب إحصاءات الضمان. ولكن الدولة لا تدفع هذه الأموال التي تبلغ سنوياً 457 مليار ليرة لفروع الضمان الثلاثة، المرض والأمومة، التقديمات العائلية، ونهاية الخدمة. ولأنّها لم تقم بتسديد ما عليها لأعوام طويلة، قبلت إدارة الصندوق بتقسيط الاشتراكات على دفعات سنوية ابتداءً من عام 2019 حتى عام 2025. وحتى هذه الخطوة لم تستجب لها الحكومة وتدفع ما عليها، فبلغ الرصيد المتوجب دفعه 3.1 آلاف مليار ليرة حتى 2025.