للسنة الرابعة، تموّل منظمة اليونيسف المدرسة الصيفية في المدارس الرسمية التي تبدأ هذا العام في 22 تموز وتنتهي في 29 آب المقبل. المديرون في مدارس الشمال لم يغرّهم تخصيص 21 دولاراً يومياً، أي 25 في المئة من الأجر المعتمد خلال العام الدراسي، فأعلنوا مقاطعتهم للمدرسة الصيفية، ودعوا زملاءهم في بقية المحافظات إلى الانضمام إليهم ضد «قرارات تزيد من حدة الأزمة التي نعاني منها منذ أكثر من 5 سنوات». كذلك دعت رابطة المعلمين في التعليم الاساسي مديري المدارس والثانويات الرسمية الى عدم تسجيل التلامذة و«عدم فتح المدرسة الصيفية ضمن المعايير المطروحة لجهة اعطاء المديرين 21 دولارا والمعلمين 17 دولاراً»، مطالبة بـ«وحدة الموقف والتضامن بين الجميع لتحسين واقع المعلم».المشكلة ليست في شح التمويل، إنما في التمويل نفسه الذي يشبه الرشوة من الجهات المانحة لمشروع لا يخضع لرقابة دورية لا لجداول حضور الأساتذة ولا للمنهاج التعليمي المصمم لهذه المدرسة، وما إذا كان موحداً بين المدارس أو يتطابق مع القوانين اللبنانية. وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد تحوّل المشروع إلى مزراب هدر وتبادل للمنافع. فالمعلمون لا يوقّعون على سجل الدوام لتدوين ساعة الدخول والخروج، ويُترك ذلك إلى عامل المكننة بالتنسيق مع مدير المدرسة، ما يفتح المجال للتلاعب بعدد الساعات، أو تسجيل ساعات لمعلمين موجودين خارج الأراضي اللبنانية، كما حدث في بعض مراكز المدارس الصيفية. أما الزيارات التفقدية لمنظمة اليونيسف، فلا تتجاوز الـ 3 زيارات طوال مدة المدرسة الصيفية التي تستخدم مباني حكومية، وسط غياب المفتشين التربويين باعتبار أن فعاليات المدرسة تجري خلال العطلة الصيفية.
مهمة المدرسة إعطاء دروس دعم للتلامذة في المدارس الرسمية والخاصة الشبه مجانية لاستكمال اكتسابهم الكفايات اللازمة للصفوف التي درسوها خلال العام الدراسي الحالي، وتشمل كل المراحل الدراسية، ما عدا المرحلة الثانوية، فيما انتساب التلامذة إليها اختياري ومجاني.
مشروع تنفيعي بلا معايير ولا فوائد تربوية مؤكدة
ولكن، ليس معروفاً ما إذا كانت ستعود بالفائدة التربوية على التلامذة، ولا سيما أن الأداء متفاوت بين تلميذ وآخر، ما سيجعل تعامل المعلمين معهم صعباً، بما أن هؤلاء لن يكونوا تلامذتهم بالضرورة. كما أنه ليس هناك معيارٌ موحّد لاختيار التلامذة الذين يشاركون في المدرسة الصيفية، ولا منهاجٌ موحد يسير عليه المعلمون في حصصهم التعليمية التي تؤكد معلومات «الأخبار» أنها تتحول في الغالب إلى نشاطات ترفيهية وكشفية أكثر منها تعليمية.
تعويض الفاقد التعليمي هو أحد الأهداف الرئيسية المعلنة للمدرسة الصيفية، لكنّ السؤال هو عن الجدوى من المشروع في ظلّ غياب أي قياس للمعارف والمهارات لدى التلامذة، وللأساليب التعليمية التي اتّبعها المعلمون في تحسين قدرات تلامذتهم، أو دراسة أثر المدرسة الصيفية التي لا تتجاوز كونها مشروعاً تنفيعياً، ورصد الفروق بين من شارك من التلامذة فيها وبين من لم يشارك.
الالتزام بتوفير التمويل يبقى سؤالاً مطروحاً، خصوصاً أن اليونيسف اعترضت في وقت سابق على سجلات الدوام والحضور في الامتحانات الرسمية لعام 2023 وأخّرت المستحقات بالدولار، واكتفت، أخيراً، لدى سؤال «الأخبار» عما إذا كانت ستدفع الحوافز بالدولار للفريق الإداري والتعليمي الذي سيشارك في أعمال الامتحانات الرسمية والمهنية لهذا العام، بالقول إنها تقوم حالياً بدعم شراء المستلزمات الأساسية للامتحانات وفقاً لسياسات المنظمة وإجراءاتها المتعلقة بعمليات الشراء.