العهد ـ لطيفة الحسيني
بجهوزية عالية لا تضعف لحظة، يضع الدفاع المدني - الهيئة الصحية الإسلامية عناصره ومُسعفيه ومُتطوّعيه في خدمة أهل القرى الأمامية جنوبًا. منذ أولى الاعتداءات على المدنيين قبل أكثر من ثمانية أشهر، يتصدّى هؤلاء من أجل إنقاذ وإجلاء الشهداء والمُصابين وصولًا إلى المباني والإنشاءات التي تُقصف بإمكانيات هائلة، على قدر المواجهة بلا كللٍ أو هوان.
مسؤول الدفاع المدني - الهيئة الصحية الإسلامية الحاج عدنان مقدم يوجز في حديث لموقع "العهد" الإخباري حصيلة الجهود المبذولة طيلة فترة العدوان على جنوب لبنان، فيقول إن "وحدة الدفاع المدني تخوض المعركة على مسافة 110 كلم جنوبًا، من الناقورة حتى منطقة كفرشوبا - شبعا"، ويُضيف "حجم التصدّي كبير جدًا يحتاج الى إمكانيات عالية أيضًا على مستوى سيارات الإسعاف وفرق الإطفاء والإنقاذ والبحث. الاختصاصات المُتعدّدة هذه تتطلّب تجهيزاتٍ، ولولا التحضيرات المُسبقة التي قمنا بها في السنوات الماضية، لما تمكنّا من النجاح في هذا الملفّ بدرجة 100%".
يُؤكد مقدم أن "عمل الدفاع المدني من أهمّ الأعمال على مستوى دعم الصامدين والمقاومين والتصدّي الباسل لعمليات القصف والغارات التي تتعرّض لها المنطقة".
وعن تفاصيل هذا العمل الجبّار، يتحدّث مقدم لـ"العهد" عن السرعة في تلبية الخدمة، إذ إن "سيارات الإسعاف التابعة للدفاع المدني - الهيئة الصحية تتوجّه إلى مكان الغارة أو الاستهداف "الإسرائيلية" مباشرة بعد وقوعها بـ5 دقائق إلى 7 دقائق كحدّ أقصى"، ويُرجع ذلك إلى "وجود مركز جهوزية وفرق رفع أنقاض وبحث وإنقاذ مع سيارة إطفاء في كلّ قرية جنوبية"، ويشير إلى أن "قوام العديد عند التدخل سيارة أو سيارتان، وإذا تطلّب الأمر أكثر تُلبّى الحاجة فورًا".
ويوضح مقدم أن "الدفاع المدني - الهيئة يُغطّي 100 قرية مُمتدّة على الخطّ الأمامي في الجنوب اللبناني وصولًا إلى شبعا وكفرشوبا".
عن ظروف العمل الصعبة، يسهب مقدم في الحديث، فيلفت إلى أن الغارات إذا كانت من مُسيّرة "إسرائيلية"، قد تكون إمكانية العمل وانتشال الشهداء والجرحى متوفّرة جزئيًا بحسب عدد الصواريخ التي أصابت المكان، المبنى، البيت، أمّا عندما يكون الاستهداف حربيًا (طائرة حربية)، فتتضاءل إمكانية الوصول إلى جرحى حتى تكاد معدومة، لأن المكان المتضرّر يكون في هذه الحالة مُتصدّعًا ومُدمّرًا على نحو كبير، وأحيانًا لا يكون هناك أثرٌ للمبنى المستهدف، لا كتل باطون أو حديد، وكلّ هذا يتفتّت"، ويُعيد ذلك إلى كمية المتفجرات والذخيرة المُلقاة.
وهنا، يُشير إلى أن "فرق رفع الأنقاض تُزوّد بجرافات وشاحنات، وهذه المهمّة يتصدّى لها اليوم الدفاع المدني - الهيئة الصحية بشكل بارز ومتقدّم في القرى الحدودية، وهذا نظرًا إلى أنها قوّة متدرّبة جيدًا على عمليات رفع الأنقاض".
ووفق مقدم، فرق البحث والإنقاذ تتنقّل في كلّ البلدات وهدفها تفكيك الجسور المدمّرة ولديها معدّات هيدروليك وتجهيزات حديثة تساعد على إجلاء الجرحى.
بحسب مسؤول الدفاع المدني - الهيئة الصحية الإسلامية، تنسحب الصعوبة على الاستهداف في أثناء انتشال شهداء وجرحى ومُصابين، وهذا ما تكرّر أكثر من مرة. الاستهدافات التي تعرّضت لها مراكز الدفاع المدني التي تعمل بوتيرتها الطبيعية كلّها متعمّدة ومقصودة. المراكز مُشخّصة، والسيارات ترفع أعلام الدفاع المدني - الهيئة الصحية، وكلّ العمل يجري بالتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية والأجهزة الأمنية.
يُطمئن مقدم الى أن جهوزية وحدة الدفاع المدني عالية جدًا اليوم، وقد ظهرت أيضًا في معالجة ملفّ الحرائق التي يفتعلها العدو جنوبًا، ويردف "منذ بدء هذا الموسم وحتى تلك التي تندلع بفعل الحرّ، وضعنا 13 سيارة إطفاء و10 سيارات إسعاف في الجبهة الأمامية تتحرّك في كلّ القرى الحدودية، ويمكن التأكيد أن المراكز مُجهّزة بكلّ معدّات الإطفاء: الخراطيم، المقابض، مواد مواجهة الفوسفور الأبيض وكلّ ما تطلبّه مهمة الإطفاء".
ويكشف لـ"العهد" أن "الدفاع المدني - الهيئة تصدّى لهذا الملفّ في شهر تشرين الأول 2023 ومستمرّ إلى اليوم، بالتنسيق مع منظمة العفو الدولية وقد تمّ تقديم أدلّة حول استخدام العدو "الإسرائيلي" الفوسفور الأبيض في قصفه للقرى اللبنانية، خلافًا للاتفاقيات الموقّعة التي تحظر استخدامه".
ويصف مقدم تعاون وزارة الصحة اللبنانية مع الهيئة الصحية الإسلامية بالكبير، ويتحدّث عن تسهيلات عديدة ودور بارز لعبته على صعيد التنسيق مع كلّ مستشفيات قرى المواجهة وفق الإمكانات المُتاحة، ويشدّد على أن وزارة الصحة حاضرة في كلّ التفاصيل، وتقوم بحلّ المشاكل العالقة قدر الإمكان، كما أنها تُتابع موضوع نقل الجرحى من مستشفى إلى آخر، ومسألة تشكيل لجان لمتابعة المُصابين وصولًا إلى التغطية الصحية للجرحى.