الأخبار ـ فؤاد بزي
وضعت موازنة عام 2024 للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نقطةً دائمةً على جدول أعمال مجلس الإدارة. في جلسة مجلس إدارة الضمان ما قبل الأخيرة التي خُصصت لدراسة مشروع موازنة 2024، تُلي رأي وملاحظات اللجنة الفنية على المشروع وسط تأكيدات بأنها موازنة «تعوزها الدقّة»، ما فرض على إدارة الضمان التعهّد بـ«تعديل ما أمكن بناءً على التوصيات». من بين الحسابات التي تعوزها الدقّة حساب تعويض نهاية الخدمة الذي أظهر وجود فائض بنحو 3500 مليار ليرة، أي ما يوازي 39 مليون دولار، إلا أن أعضاء في مجلس إدارة الضمان يشيرون إلى أنه فائض «وهمي» لم يُحتسب على أساس مجمل الالتزامات والموجودات في الصندوق.
وفقاً لتقديرات وحسابات إدارة الضمان، كلّ الفروع قادرة على تحقيق فوائض، وخصوصاً فرع نهاية الخدمة. في مشروع الموازنة المعروض على مجلس الإدارة، تقدّر الإدارة أنها ستحقق فائضاً بقيمة 3500 مليار ليرة، إلا أن مصادر مجلس الإدارة تصفه بأنه فائض «وهمي وغير دقيق»، وتفسّر هذا التوصيف بالإشارة إلى أنّ «إدارة الضمان لم تذكر شيئاً خلال إعداد موازنة فرع تعويض نهاية الخدمة عن الديون المستحقة في ذمّتها لصالح مستحقي التعويضات من المضمونين»، ولا سيما أنّ هذا الفرع يفترض أن يدفع تعويضات لكلّ من يخرج من سوق العمل في حال بلوغه سن التقاعد، أو وقوعه في عجز يمنعه من العمل، أو وفاته و«هناك آلاف المعاملات المكدّسة منذ سنوات والتي لم يحصل مستحقوها على تعويضاتهم التي أكلها التضخّم». كما لم تأتِ الموازنة على ذكر التسويات المستحقّة لصالح الفرع من أرباب العمل عند صرفهم للعمال، والتي دفعها الفرع، ويطلب تسديدها من أصحاب العمل.
من جهتها، قدّرت الإدارة واردات الفرع من اشتراكات وتسويات نهاية خدمة بـ 20.8 ألف مليار ليرة، أي 232.2 مليون دولار، وأضافت على هذا الرقم إيرادات مالية إضافية على شكل فوائد وزيادات تأخير قدّرتها بـ17.4 مليون دولار لعام 2024. أما تقدير الإدارة للنفقات، فقسّمته إلى تعويضات مدفوعة خلال عام 2024 ونفقات إدارية، وبلغت الأولى 17.6 ألف مليار ليرة، ما يساوي 196.5 مليون دولار، والثانية 1.1 ألف مليار ليرة، أي 12.3 مليون دولار، ما يجعل من مجمل النفقات مساوياً لـ208.8 ملايين دولار، أي أقل من الواردات.
لكن قاعدة الإدارة في احتساب الموازنة لم تراعِ أدنى المعايير المحاسبية وفق ما قالته مصادر مجلس الإدارة. وهذا ورد في تقرير اللجنة الفنية التي وضعت مجموعة ملاحظات على المشروع، من أبرزها أنه تم «تحديد تحصيلات الفصل الأول من عام 2024 أساساً للقياس، ثمّ احتُسبت تحصيلات كلّ فصل من الفصول الثلاثة الأخيرة بقيمة توازي ضعفَي تحصيلات الفصل الأول». كما اعتمدت الإدارة «حركات بهلوانية في تقدير التعويضات المدفوعة من الصندوق»، بحسب توصيف المصادر، فاقتطعت النفقات والأعباء الإدارية، وقسّمت الرقم الباقي من الواردات على 1.2 من دون تبرير للآلية أو المعادلة الرياضية المعتمدة، فضلاً عن عدم إعادة دراسة أرقام تعويضات نهاية الخدمة ولا سيّما في ظل رفع المؤسسات لأجور عمالها، ورفع الحدّ الأدنى للأجور من 9 ملايين ليرة إلى 18 مليوناً.
آلاف المعاملات المكدّسة منذ سنوات لم يحصل مستحقوها على تعويضاتهم التي أكلها التضخم
لذا أوصت اللجنة الفنية الإدارية في الضمان بعد دراسة موازنة فرع نهاية الخدمة بـ«دراسة وتحديد قيمة الاشتراكات المُقيّدة في الحسابات الفردية للمضمونين، واحتساب الفوائد في هذه الحسابات، وتقدير قيمة الاشتراكات المتوجّبة للفرع، وتقدير قيمة التسويات المتوجّبة لفرع نهاية الخدمة من أصحاب العمل». وهذا لجهة الواردات فقط، وفقاً لتقرير اللجنة الفنية في الضمان. أما لجهة المدفوعات الواجب تسديدها على فرع نهاية الخدمة، فأوصت اللجنة بـ«ضرورة تحديد مخاطر التحصيل وقيمة المؤونات المطلوبة لمواجهتها، وإعادة تقييم الأصول الثابتة الخاصة بالفرع مثل الأبنية والأراضي مع لائحة مفصّلة لكلّ منها، كما إعادة تقييم أسهم مصرف الإسكان التي يحوزها الصندوق وكل الأصول المالية الأخرى».
تعليقاً على الموازنة الإدارية لعام 2024 المُقدّرة بمبلغ ألفي مليار ليرة، أي ما يعادل 22.3 مليون دولار، أوصت اللجنة الفنية في الصندوق الوطني للضمان بـ«إعداد سلسلة رتب ورواتب جديدة ترتبط بمؤشرات الأداء، وتأخذ في الاعتبار التضخم الحاصل»، ولا سيّما أنّ 74% من هذه الموازنة تعود لدفع الرواتب والأجور، و23% لنفقات اللوازم والتجهيزات والإيجارات. كما طلبت اللجنة «إجراء مباريات عبر مجلس الخدمة المدنية لرفد المؤسسة بالموارد البشرية»، وإلى حينه، يجب «إعادة توزيع مستخدمي الصندوق بين المديريات والمكاتب لضمان استمرارية العمل». وأوصت اللجنة بإعطاء المستخدمين الذين يكلّفون بلجان أو أعمال لا تدخل ضمن طبيعة وظائفهم تعويضات مالية إضافية