يُصرّ اللبنانيون على الاستمتاع بالحياة رغم تصاعد المواجهات بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي عبر “الخط الأزرق” الفاصل، منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي أحد مظاهر هذا الإصرار، يتوافد لبنانيون على شاطئ مدينة صور الشعبي، جنوبي لبنان، على بعد 27 كيلو متراً عن حدود فلسطين المحتلة.
وتعدّ صور إحدى الوجهات السياحية الشهيرة في لبنان؛ بفضل شواطئها الجميلة ومياهها الصافية.
وعلى الرغم من التوترات الأمنية المتصاعدة في المنطقة، لا يزال العديد من اللبنانيين يقصدون الشاطئ الشعبي للتمتع بأوقاتهم في ظلّ الأجواء الصيفية.
وفجر الأحد، نفذت مقاتلاتٌ إسرائيلية غارات أحدثت دماراً هائلاً في مبانٍ ببلدتي برج الشمالي والعباسية في صور، ومنزل في بلدة طاريا شرقي لبنان، غداة حادثة مجدل شمس.
والسبت، قُتل 12 شخصاً من الطائفة الدرزية، معظمهم أطفال، وأُصيب نحو 40 آخرين؛ جراء سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في مجدل شمس بمرتفعات الجولات السورية، التي تحتلها إسرائيل منذ حرب 1967.
وبينما اتهم الجيش الإسرائيلي “حزب الله” اللبناني بالوقوف خلف هذه الحادثة، وهدّد برد، نفى الحزب أي مسؤولية عنها.
تحت القصف
ويرتاد المئات، خصوصاً في إجازة نهاية الأسبوع، الشاطئ الشعبي في صور، للاستجمام بأشعة الشمس وممارسة السباحة، والانقطاع ولو مؤقتاً عن أخبار السياسة والحرب.
وهذا الصيف مختلف عن السنوات السابقة، مع تواصل المواجهات العسكرية بين إسرائيل و”حزب الله”، الذي يحظى بقاعدة شعبية واسعة في مدن الجنوب، ومنها صور.
ويشاهد مرتادو الشاطئ أحياناً قصفاً إسرائيلياً على بلدات تبعد نحو 15 كيلومتراً فقط عن الجبال المقابلة للبحر المتوسط.
كما تشن طائرات حربية إسرائيلية غارات وهمية (صوتية)؛ لتخويف مرتادي الشاطئ، ويُسمع بين حين وآخر دوي قصف متقطع يأتي من بعيد.
وتنتشر على طول الشاطئ خيم وشماسي يستظل بها المرتادون من أشعة الشمس، فيما ترتفع موسيقى صاخبة في مكان قريب من البحر، يتجمهر حوله عديدون للرقص وممارسة الرياضة، بينما يسبح آخرون بين الأمواج.
لا خوف
بينما تلعب على الشاطئ، قالت الشابة ريان فياض (20 عاماً): “الشاطئ في صور جميل جداً، ولا يوجد خطر حتى لو قصفت إسرائيل. الناس تأتي كالعادة، ولا يوجد خوف من ذلك”.
وأوضحت أنها لبنانية مغتربة في أبيدجان (عاصمة كوت ديفوار)، وأتت هذا الصيف إلى صور، وهي تأتي مرات عدة في الأسبوع إلى الشاطئ الشعبي في المدينة.
وعن إقبال الناس على الشاطئ رغم غارات وتهديدات إسرائيل، لا سيّما بعد حادثة مجدل شمس، قالت إن “الناس تأتي تستجم بأشعة الشمس، في ظل هذا الصيف الحار، وهي سعيدة بذلك، ولا تهتم لتهديدات. الوضع هنا لم يتغير”.
إقبال متزايد
“صحيح أن هذا الشاطئ قريب من مناطق القصف، ولكننا نأتي إلى هنا دون خوف”.. هكذا بدأ فادي جابر (30 عاماً) حديثه.
وتابع: “اُنظر كيف الناس تلعب وتسبح غير مهتمة بالقصف”.
جابر أردف: “الجيش الإسرائيلي ينفذ طلعات جوية، ولكن هناك معادلة ردع، ولا يستطيع أن يقصف علينا كوننا مدنيين”، على حد تقديره.
وأردف: “آتي إلى الشاطئ الشعبي مرتين في الأسبوع، ولست خائفاً أبداً؛ لأن الناس تأتي هنا بكثرة وتزداد مع الأيام”.
صامدون في الجنوب
أما عبد الله يحيى فقال: “ننزل إلى الشاطئ رغم تصاعد التهديدات الإسرائيلية؛ لأننا نعرف أن هناك قوة في لبنان قادرة على حمايتنا، وهي لا تسمح للإسرائيلي أن يتطاول ويمد يده على المدنيين”.
وأردف: “آتي إلى الشاطئ الشعبي مرتين في الأسبوع، ولست خائفاً أبداً؛ لأن الناس تأتي هنا بكثرة وتزداد مع الأيام”.
صامدون في الجنوب
أما عبد الله يحيى فقال: “ننزل إلى الشاطئ رغم تصاعد التهديدات الإسرائيلية؛ لأننا نعرف أن هناك قوة في لبنان قادرة على حمايتنا، وهي لا تسمح للإسرائيلي أن يتطاول ويمد يده على المدنيين”.
وشدّد يحيى على أنه “رغم التهديدات الإسرائيلية المتكررة وقرب الشاطئ من الحدود وأماكن القصف، إلا أنني أرتاد الشاطئ الشعبي يومياً، وصامد في منزلي القريب جداً من أماكن تستهدفها إسرائيل يومياً”.
مستقبل أفضل
بينما يجلس بجوار طفله الذي يلعب بالرمال، قال محمد فقيه (56 عاماً): “الناس تعودت هنا على التضحية”.
وأردف: “هذه ضريبة كبيرة علينا، ولكننا مثل الطائر الفينيقي، كلما صعبت عليه الأمور، يعود ويقوم من رماده بقوة أكبر مما كان عليه”.
وتابع: “آتي الشاطئ مع عائلتي أحياناً عندما يكون لدي وقت بحكم عملي الكثيف، ولكنني لا أتخلى أبداً عن مدينتي صور”.
وأعرب عن أمله “أن يكون الوضع في المستقبل أفضل ومزدهراً أكثر من اليوم، وخاصة أن اللبناني يُقال عنه لا تقتله شدة”.
فقيه ختم بأن “الناس نزلت على البحر، وهي تستجم وترتاح تحت أشعة الشمس بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدف (فجر الأحد) بلدتي العباسية وبرج الشمالي”.
وهذا الاستهداف جاء ضمن قصف يومي تتبادله فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي، وأسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.
وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حرباً تشنّها بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي؛ ما خلّف أكثر من 130 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تُواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر “محكمة العدل الدولية” باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.
كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام “المحكمة الجنائية الدولية” كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” في غزة.