«ماذا تستطيع أن تفعل في 48 ساعة؟» هذا هو السؤال الذي جابت «بيروت فيلم انستتيوت»، المدينة لطرحه، تمهيداً لمسابقة «فيلم في 48 ساعة» التي تنظمها. تُعد هذه المسابقة أقدم مسابقة وأكبرها لصناعة الأفلام في العالم، أنشأها مارك روبرت في واشنطن عام 2001، وتوسّعت لتشمل أكثر من 200 مدينة حول العالم. ستكون هذه السنة هي المرة العاشرة التي تزور فيها هذه المسابقة السينمائيّة لبنان، وتقوم فكرتها على مشاركة فرق تتألف من صنّاع أفلام محليين، تتنافس على إنتاج فيلم قصير في غضون 48 ساعة.
انطلقت المسابقة يوم الجمعة 26 تمّوز (يوليو)، إذ اجتمعت الفرق المشاركة ليسحب الممثل عنها ــــ عن طريق القرعة ــــ النوع الفنّي للفيلم الذي ينبغي لفريقه الالتزام به. بعد تسلّم ما يلزم، تفرّق المتسابقون، وانطلقت عند الساعة السابعة مساءً، مغامرة إنتاجهم فيلماً تراوح مدته بين أربع وسبع دقائق. وأمس، عند الساعة السابعة والنصف كحد أقصى، تمّ تسليم الأفلام، أمّا الفرق التي تخطت المدّة، ولم تصل أفلامها في الوقت المحدّد، فقد أصبحت تلقائياً خارج المسابقة الرسميّة، لكن سيُعرض إنتاجها في احتفال عرض الأفلام المشاركة الذي سيُقام يوم 2 آب (أغسطس).
تجسّد الفرق المشاركة في المسابقة، نظرة مصغّرة عن المجتمع السينمائي في لبنان، إذ زارت بيروت مجموعات من مختلف المناطق اللبنانيّة للمشاركة في المسابقة، تتنوّع أعمار أعضائها، وتشمل محترفين وهواة وتلامذة سينما مبتدئين. وتقول نور عقيقي، مؤسسة «بيروت فيلم انستتيوت» بالشراكة مع بشير أبو زيد، بأنّها تحاول إضفاء طابع بيروتي على المسابقة يشبه المدينة، كما تؤكّد على الجديّة التي تتلمّسها من المتسابقين في كلّ عام، مضيفةً أنّ إنتاج فيلم في مثل هذه الأوضاع وفي هذه المدينة، يتطلّب منهم الكثير، ما يدفعهم إلى التعاطي مع المسابقة بجديّة والتزام واحترافيّة. كما أنّ الروح الموجودة في المجتمع السينمائي اللبناني، هي روح المشاركة والتعاون، إذ تقدّم بعض مؤسسات السينما اللبنانيّة، معدّات للتصوير ومساعدات واستشارات للمشتركين، تساعدهم في إنجاز فيلمهم في الوقت المحدد.
تحدثنا عقيقي عن احتفال عرض الأفلام المشاركة، وقد اختارت الممثلين إيلي متري وكارول عبّود والمخرج غسان سلهب ضمن لجنة التحكيم التي ستختار الفيلم الفائز الذي سيتسابق عالميّاً مع الأفلام الفائزة من باقي الدول، وستسنح له فرصة العرض في «مهرجان كان السينمائي». كما اختارت الممثلة زينة زيادة لتقدّم الاحتفال للسنة الثانية على التوالي. يُذكر أنّ كارول عبّود، شاركت لثلاثة أعوام كعضوة في إحدى الفرق المتسابقة، وكذلك متري شارك كمتسابق في إحدى النسخ.
تتألّف لجنة التحكيم من إيلي متري وكارول عبّود وغسان سلهب
أمّا هذا العام، فسيشاركان في تقييم الأفلام المتسابقة، وقد تلعب مشاركتهما كمتسابقين في السابق، دوراً أساسيّاً في مساعدتهما على تقييم الأعمال عبر وضع نفسيهما مكان المتسابقين وتفهّم ما يواجهونه من صعوبات وتحديات أثناء إنتاجهم فيلماً قصيراً في 48 ساعة. وتقول عبّود لنا: «السينما هي وقت وتعب، هذه المسابقة تلخّص مفهوم السينما بالنسبة إليّ، هذا ما دفعني إلى المشاركة كمتسابقة في الأعوام الماضية، وهذا ما يدفعني إلى المشاركة في لجنة التحكيم هذا العام. يدفعني الفضول كي أرى كيف يتعاطى المسابقون الجدد مع مفهوم السينما والتعاون والابتكار في وقت قصير ومحدود».
يُذكر أنّ الفيلم المتسابق «من أجل سارة» استطاع أن يصل إلى «مهرجان كان السينمائي عام 2014، وتلاه فيلم «آخر صورة» عام 2018، ثمّ فيلم «حمرا. لأ بدارو» عام 2022، وفيلم «أنا لوحة» العام الماضي.
قد يكون التحدّي الكبير الذي يخوضه المشتركون هو إنتاجهم فيلماً ناجحاً في مدّة زمنيّة قصيرة، لكن التحدّي الأكبر هو استمرارية المسابقة واحتفالها السنوي. تقول عقيقي: «حالنا كحال أي مهرجان سينمائي مستمر في بيروت، فور انتهائنا من نسخة العام، يولد السؤال الأول الذي نطرحه على أنفسنا: هل سنستطيع تقديم نسخة جديدة في العام المقبل؟».