ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة جديدة أسفرت عن سقوط أكثر من 100 شهيد وإصابة العشرات بجروح. وأفادت وكالة «وفا» الفلسطينية للأنباء بأنّ طيران الاحتلال الحربي قصف مدرسة «التابعين» التي تؤوي نازحين في حي الدرج شرق مدينة غزة، وذلك خلال أدائهم صلاة الفجر، ما أدّى إلى استشهاد عدد كبير من الأشخاص وزاد من حجم الكارثة. وأضافت أن القصف أدّى إلى استشهاد نحو 90% من النازحين في المدرسة، فيما لم تتمكّن فرق الإنقاذ والدفاع المدني من انتشال جثامين جميع الشهداء.
وأعلن المتحدّث باسم الدفاع المدني محمود بصل أنّ ثلاثة صواريخ إسرائيليّة أصابت المدرسة، مشيراً إلى أن هذه المجزرة هي «الثالثة من حيث حجم الكارثة بعد مجزرتي المعمداني ومواصي خان يونس». وأضاف في حديث إلى وكالة «فرانس برس» أنّ «مداخل مستشفى المعمداني تمتلئ بالأشلاء والأجساد الممزقة التي لم يتم التعرف على أصحابها».
كما أوضح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أنّ «قصف جيش الاحتلال للنازحين بشكل مباشر خلال أدائهم صلاة الفجر بـ3 قنابل يزن كل منها ألفي رطل من المتفجرات رفع أعداد الشهداء وزاد هول المذبحة». وحمّل الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن المذبحة، مطالباً المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف هذه الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد المدنيين في القطاع.
وعلى غرار مزاعمه وتبريراته السابقة، ادّعى الجيش الإسرائيلي أنّ طائراته أغارت، بتوجيه استخباري، على مقر قيادة عسكري لحركة «حماس» تمّ وضعه داخل مدرسة «التابعين».
وفي السياق، رأت حركة «حماس» في المجزرة «تصعيداً خطيراً في مسلسل الجرائم والمجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب، فيما جيش العدو يختلق ذرائع واهية لاستهداف المدنيين والمدارس والمستشفيات وخيام النازحين وكلها أكاذيب مفضوحة لتبرير جرائمه». وأكدت أن «تصاعد الإجرام الصهيوني في قطاع غزة لم يكن ليتواصل لولا الدعم الأميركي»، مطالبة «الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياتهم والتحرك العاجل لوقف هذه المجازر».
كما وصفت حركة «الجهاد الإسلامي» المجزرة بـ«جريمة حرب مكتملة الأركان». وأضافت أنّ «ذرائع جيش العدو لتدمير المدارس هي ذاتها التي استخدمها من قبل لتدمير المستشفيات وقد ثبت كذبها، وهي دليل على أن العدو يخوض حرب إبادة، لم تكن لتستمر لولا الغطاء الأميركي لإدارة بايدن والدعم الذي توفره له». وحمّلت «المؤسسات الدولية المسؤولية في التقاعس عن إعلان قادة الكيان مجرمي حرب وإصدار مذكرات باعتقالهم، ما يساهم في تماديه بارتكاب المجازر».
من جهتها، طالبت حركة «فتح» المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتدخل الفوري ووقف حرب الإبادة، مشيرة إلى أنّ «الدعم الأميركي اللامتناهي لحكومة الاحتلال يتناقض مع مواقف الولايات المتحدة وتصريحات مسؤوليها».
وأكد المستشار السياسي لقائد الثورة الإيرانية علي شمخاني أنّ «الهدف الوحيد للكيان الصهيوني من قتل مصلي مدرسة التابعين في غزة واغتيال الشهيد هنية في إيران هو السعي إلى الحرب وإفشال مفاوضات وقف إطلاق النار». وقال: «تمّت العمليات القانونية والدبلوماسية والإعلامية اللازمة لإنزال عقاب شديد على كيان لا يفهم إلا لغة القوة».
كما رأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أنّ «السبيل الوحيد لمواجهة هذا الكيان السفاح هو التحرك الحازم والحاسم من جانب دول العالم الإسلامية والحرة في الدعم العملي للشعب الفلسطيني ونضاله المشروعة ومقاومته ضد الاحتلال والعدوان». وطالب «باتخاذ إجراءات فورية وفعالة من قبل مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لاحتواء ووقف الجرائم اللامحدودة التي يرتكبها هذا الكيان القاتل للأطفال».
من ناحيته، رأى المكتب السياسي لحركة «أنصار الله» أن «الحكومات العربية والإسلامية لا تزال تلوذ بالصمت والعجز، وكأنها لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم»، وقال إنّ «هذا التمادي الذي بلغ الزبى، تزامن مع البيان القطري المصري الأميركي، الذي يمنح القتلة المزيد من الوقت لاستباحة الدم الفلسطيني ويوفّر لقادة كيان العدو الإسرائيلي الغطاء السياسي للمزيد من العربدة في كل المنطقة»، مؤكداً أنّ «هذه الدماء الزكية الطاهرة الغالية لن تذهب هدرا، بل تؤسس إن شاء الله لزوال الكيان وانتصار القضية واستعادة الحقوق» وأن «اليمن مستمر في تضامنه وإسناده الشعبي وفي التصعيد العسكري».
وفي سياق متصل، قال مكتب المرجع الأعلى السيد علي السيستاني إنه «من المؤسف أن مرتكبي هذه المجازر يحظون بدعم غير محدود من دول كبرى ويمنع أن تطبق عليهم القوانين الخاصة بمرتكبي الجرائم ضد الإنسانية».
واستنكرت وزارة الخارجية السعودية «بأشد العبارات» استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدرسة «التابعين» في غزة. وأكدت «ضرورة وقف المجازر الجماعية في قطاع غزة الذي يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني»، مستنكرة «تقاعس المجتمع الدولي تجاه محاسبة إسرائيل جراء هذه الانتهاكات».
ورأت وزارة الخارجية القطرية في المجزرة «جريمة وحشية بحق المدنيين العزل وتعدياً سافراً على المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، وقرار مجلس الأمن الدولي 2601». وجددت المطالبة «بتحقيق دولي عاجل يتضمن إرسال محققين أمميين مستقلين، لتقصي الحقائق في استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المستمر للمدارس ومراكز إيواء النازحين»، ودعت في الوقت ذاته المجتمع الدولي إلى «توفير الحماية التامة للنازحين، ومنع قوات الاحتلال من تنفيذ مخططاتها الرامية لإجبارهم على النزوح القسري من القطاع، وإلزامها بالامتثال للقوانين الدولية».
بدورها، استنكرت وزارة الخارجية المصرية المجزرة وقالت إنّ «استمرار ارتكاب تلك الجرائم واسعة النطاق دليل قاطع على غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلى لإنهاء تلك الحرب».
واعتبرت وزارة الخارجية الأردنية المجزرة «خرقاً فاضحاً لقواعد القانون الدولي وإمعاناً في الاستهداف الممنهج للمدنيين ومراكز إيواء النازحين في غزة، في وقت يسعى فيه الوسطاء إلى استئناف المفاوضات، ما يؤشر على سعي الحكومة الإسرائيلية لعرقلة جهود وقف إطلاق النار».
وقالت وزارة الخارجيّة اللبنانية إنّ «استمرار ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين، وتعمّد إسقاط هذه الأعداد الهائلة من المدنيين العُزّل، كلما تكثفت جهود الوسطاء الدوليين لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف إطلاق النار في القطاع، يعطي الدليل القاطع لنية إسرائيل إطالة الحرب وتوسيع رقعتها». ودعت المجتمع الدولي والدول المعنيّة إلى «اتخاذ موقف دولي موحد، وجدي، وفعال، أولاً، لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ووضع حد لهذه الكارثة الإنسانية، باعتبار أن وقف العدوان على غزة هو الخطوة الأولى باتجاه التهدئة ووقف التصعيد ومنع اشتعال صراع أوسع في المنطقة. وثانيًا، لتفعيل المسار الدبلوماسي السلمي من خلال خطوات جدية تلزم الجانب الإسرائيلي بقبول حل الدولتين وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة».
من ناحيتها، اتهمت مقرّرة الأمم المتحدة الخاصّة في الأراضي الفلسطينية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين. وقالت على منصة «إكس»: «ارتكبت إسرائيل إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين، في حيّ تلو الآخر ومستشفى تلو الآخر ومدرسة تلو الأخرى ومخيّم للاجئين تلو الآخر وفي منطقة آمنة تلو الأخرى».
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن «الصور القادمة من مدرسة تؤوي نازحين في غزة تعرضت لغارة إسرائيلية مروِّعة، مع ورود أنباء عن سقوط عشرات الضحايا الفلسطينيين. تم استهداف ما لا يقل عن 10 مدارس في الأسابيع الأخيرة»، معتبراً أنه «لا يوجد ما يبرر هذه المجازر».