كسرت حادثة بلدية وطى المروج - غابة بولونيا الملل السياسي العام، وبات لنواب المتن الشمالي ما ينشغلون به للاستثمار في خطف أحد أعضاء بلدية بولونيا، نقولا سماحة، قبل أيام من منزله واقتياده بالقوة إلى مكتب أحد الكُتّاب العدل للتراجع عن استقالته من المجلس البلدي! وتبيّن، بحسب المصادر الأمنية ورواية المخطوف، أن «الخاطفين» يعملون لدى الوزير السابق الياس المر الذي يريد إبقاء البلدية التي يرأسها جورج كفوري (محسوب على المر) قوية وضمان عدم حلّها. وتفيد الرواية بأن سماحة اقتيد في البداية إلى موقف تحت الأرض في مبنى عمارة شلهوب المملوكة من المر، حيث عُصبت عيناه وتعرّض للتهديد بالتعرض له ولعائلته بـ«حضور رئيس البلدية» الذي قال المخطوف إنه تعرّف إلى صوته. بعدها، وُضع سماحة في السيارة مجدداً واقتيد إلى مكتب أحد الكُتّاب العدل في المنطقة حيث وقّع ورقة التراجع عن استقالته من المجلس البلدي.غير أنه لم تُكتب نهاية سعيدة لهذا المسلسل، مع رفض محافظ جبل لبنان محمد مكاوي قبول الورقة بسبب مضي المهلة القانونية للتراجع عن الاستقالة. عندها، أوفد المر مستشاره جورج صولاج إلى المحافظ لإقناعه بالموافقة على عودة سماحة عن استقالته. ومع إصرار مكاوي على موقفه، شنّ موقع جريدة «الجمهورية» حملة على المحافظ، سرعان ما تحوّلت إلى اشتباك طائفي ومتني، دخل على خطه اتحاد العائلات البيروتية الذي أصدر بياناً تضامنياً مع المحافظ البيروتي في وجه آل المر، والنائب الياس بو صعب مدافعاً عن سماحة وحقه في الاستقالة من دون التعرّض للتهديد والخطف والضرب، مندّداً بـ«العودة إلى زمن ترهيب رؤساء البلديات والأعضاء والمواطنين»، فيما بدا لافتاً رغم ذلك، الدعم القواتي والكتائبي لرئيس البلدية الذي تؤكد أوساطه اتصال النائب القواتي رازي الحاج به متضامناً.
في كل هذه المعمعة، لم يُسجل أي تحرك لوزارة الداخلية والبلديات ولا للأجهزة الأمنية لمحاسبة المتورطين في عملية خطف مسلح ومن يقف وراءها. وبعد انتشار قصة الخطف وظهور سماحة على إحدى القنوات التلفزيونية، استدعاه المر مجدّداً إلى العمارة، مؤكداً له أن «الشباب» الذين تعرّضوا له هم من فريقه ولكنهم «غلّطوا وسأحاسبهم»، ما يعني طي القصة عند هذا الحدّ من دون كشف ملابساتها والمسؤولين عنها، بعدما نجح الخاطفون في ترهيب بقية أعضاء المجلس البلدي و«تربيتهم» بواحد منهم، لكي لا يتجرّأ أيّ منهم على التفكير في الاستقالة وحلّ البلدية التي تنخرها الخلافات، وتتكدّس الشكاوى ضد رئيسها المُغطى من المر والقوات والكتائب بتهم القيام بأعمال مراباة.