نقلاً عن موقع "العهد" الاخباري - ياسمين مصطفى
لا يزال التحدي الأبرز اليوم هو منع الانتشار المجتمعي لفيروس كورونا في لبنان. صحيح أن تردي الأوضاع الاقتصادية دفع بالحكومة لاستعادة الحياة شبه الطبيعية عبر فتح القطاعات الإنتاجية، لكن عداد الإصابات مستمر بالارتفاع. هذا الواقع لا يشي بمؤشرات لقرب قلب صفحة الفيروس في البلد. في المقابل فإن الالتزام بوضع الكمامة والحفاظ على مسافة آمنة من التباعد الاجتماعي من مسلّمات رحلة العودة الواعية إلى برّ الأمان.
مع التوجه لفتح المطار- في الثلث الأخير من الشهر الحالي- أين يقبع لبنان اليوم على خارطة انتشار فيروس كورونا؟ كيف ستتعامل الحكومة مع استعادة الحياة شبه الطبيعية؟ وبعد فتح القطاعات الإنتاجية ما مصير الحضانات والجامعات؟
في تقييم وضع لبنان الصحي، يشير د. محمود زلزلي مستشار وزير الصحة حمد حسن في حديثه لموقع "العهد" الإخباري إلى أن لبنان اليوم في مرحلة ما قبل الانتشار المجتمعي، وبعد إغلاق دام أكثر من شهر ونصف الشهر كانت نسبة السيطرة على الوباء عالية. يصف النتائج بـ"الإيجابية" و"المثمرة"، مع قدرة استيعابية كانت كبيرة لاحتواء آلاف المغتربين العائدين من البلاد الموبوءة. وفق رأيه فإن فتح البلد كان تحصيلا حاصلا نظرا لما يفرضه التوفيق ما بين إدارة المخاطر الصحية والنظر بالأوضاع المعيشية للمواطنين، ولذلك بات التوجه حكما لفتح القطاعات الإنتاجية الواسعة في لبنان تماما كما تفعل باقي دول العالم.
قرار فتح البلد وفق زلزلي كان بلحاظ عدد من المؤشرات، أبرزها كان إجراء مسوحات ميدانية لعينات عشوائية في كافة المناطق اللبنانية، كانت نتائج المسوحات الميدانية لتحديد الواقع الوبائي لجائحة كورونا مطمئنة، ولذلك فالتوجه اليوم لإجراء الفحوصات المخبرية لذوي الأعراض المشابهة لأعراض الفيروس والمصابين المحتملين حصرا.
لا يخفي زلزلي أن فتح البلد محفوف بالمخاطر وتكتنفه تحديات كثيرة، لكن النجاح في تخطيها برأيه يرتكز أولاً على استجابة المواطن لتعليمات وزارة الصحة لمنع انتشار العدوى والتعاون مع البلديات والجمعيات الأهلية، وثانيا على رفع وزارة الصحة والوزارات المعنية للجهوزية عبر فرق التدخل السريع والتعاطي بطريقة مختلفة عما كان سائدا في الفترة السابقة.
من الإغلاق التام لعزل المناطق الموبوءة
حتى الأمس القريب كان الهدف منع انتشار الفيروس ولأجله تم إغلاق البلد وفرض التعبئة العامة. اليوم بحسب زلزلي تختلف المقاربة، فالانتشار وارد ومن المحتمل ارتفاع عدد الإصابات، ويضيف: "نتعاطى بطريقة مختلفة، العمل يجري على عزل المناطق الموبوءة فقط، كما حصل من إقفال بلدتي مجدل عنجر ومزبود وما ستشهدونه في كل منطقة تسجل ارتفاعا في الإصابات، مرفقًا بإجراء عدد كبير من الفحوصات المخبرية للسيطرة على الفيروس".
تحديات إعادة فتح المطار
في لجنة مكافحة فيروس كورونا الوزارية لا تزال قضية فتح المطار وفق زلزلي في معرض النقاش. يؤكد أن المخاطر كثيرة فبعض البلدان لا تزال موبوءة بشدة مثل أغلب الدول الإفريقية والأوروبية على سبيل المثال. بعد النجاح في استعادة المغتربين، التحدي اليوم بحسب زلزلي يتمثل في فتح البلد وبطبيعة الحال فتح المطار، الذي لا بد أن يكون مرفقا بإجراءات وقائية مشددة. وفي هذا السياق يقول: "التوصيات التي وضعناها نبحثها مع اللجنة لرفعها للحكومة لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. ما ندرسه هو طبيعة الإجراءات التي يمكن اتباعها والتي اتبعتها أغلب دول العالم لتقليل نسبة المخاطر للحد الأدنى، مثل التأكيد على إخضاع الدول المسافرين القادمين إلى لبنان لفحوصات pcr قبل يومين من موعد سفرهم، فضلا عن متابعة ذوي الأعراض ونقلهم بحسب حالتهم الصحية إلى مراكز للعزل تجهَّز في مختلف المناطق تحسبا للأسوأ.
مراكز للعزل تحسبا للانتشار المجتمعي
يرى زلزلي أن الحجر هو خيار مطروح للمسافرين المصابين بالفيروس أو ذوي الأعراض، ولأجله يتم اليوم تحضير أماكن لحجر المصابين في مختلف المناطق اللبنانية أو أصحاب العوارض أو المشكوك بإصابتهم بعوارض خفيفة لا حاجة معها لغرف العناية المركزة في المستشفيات، وهذا الإجراء هو من ضمن خطة الوزارة لاحتواء الإصابات ومتابعتها صحيا.
يؤكد زلزلي أن العمل جار على استكمال مراكز الحجر في مختلف المناطق، موضحا أن ثمة برنامجا يتم بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية والصليب الأحمر اللبناني والهيئة الصحية الإسلامية في هذا الخصوص. تختلف أماكن الحجر من حيث طبيعتها، ثمة مستوصفات، ومشافٍ متعثرة، وأماكن أشبه بالفنادق قد يكون فيها بعض التجهيزات الطبية البسيطة لذوي الأعراض البسيطة.
كيف ستوزع المليوني كمامة؟
الهدف لدى الوزارة وفق ما يقول زلزلي هو "إيصال الكمامات إلى أكبر شريحة ممكنة من الشعب اللبناني دون استغلال من أي طرف في البلد، العمل سيجري بالتعاون مع البلديات ووزارة الداخلية واتحاد البلديات. يقوم كل اتحاد بتقديم طلبات للوزارة ندرسها وفقا لحجم البلدية وعدد سكانها ويتم صرف الكمامات لهم ويتم التوزيع عبر الجمعيات الأهلية والبلديات".
متى تفتح الجامعات والحضانات أبوابها؟
وعن موعد فتح الحضانات والجامعات يجيب زلزلي: "الحضانات والجامعات ستُفتح في 8 حزيران الحالي، على أن يتم فتح الحضانات بقدرة استيعابية نسبتها 25% تتوسع بشكل تدريجي".
"لا يوجد أمان في قاموس فيروس كورونا وإنما المُمكن هو الحد من مخاطر الإصابة به"، الحل الوحيد وفق زلزلي مع فتح القطاعات في ظل تردي الوضع الاقتصادي هو التزام المواطن. وعن هذا الالتزام يوضح زلزلي أن نتائج تقرير أصدرته وزارة العمل بالأمس تفيد بالتزام اللبنانيين بوضع الكمامة الواقية بنسبة 80%، والمطلوب مزيد من الضوابط لبعض القطاعات الإنتاجية، ويشدد على المتابعة الفورية لوزارة الصحة لكل حالة ترد عبر وزارة الداخلية والجمعيات والبلديات العاملة على الأرض.
ماذا عن المسابح المغلقة وارتياد البحر؟
في ما يخص المسابح المغلقة أي أحواض السباحة في المنتجعات يؤكد زلزلي أن وضع مادة الكلور بنسب معينة هو عبارة عن تعقيم للمياه، ومع مراعاة مجموعة شروط وقائية يمكن ارتيادها. يوضح في هذا الصدد أنه تم وضع بروتوكول لإعادة فتح هذه المسابح بين الدولة وأصحابها والقيمين عليها، أما البحر فيعد نسبيا آمنا ما عدا بعض الأماكن التي فيها صرف صحي إذ لا بد من الابتعاد عنها لحد أدنى هو 20 مترا. لكن انتقال الفيروس عبر البحر هو احتمال ضعيف على عكس الأنهار التي لا تزال مغلقة .