(سي ان ان)
يقاتل الأطباء من أجل إنقاذ مرضى فيروس كورونا “كوفيد-19” المهددين بأعراض ضيق التنفس، ولكن هناك خطر جديد يهدد أدمغة مرضى فيروس كورونا المستجد.
ورغم أن مرض “كوفيد-19″ يُعرف بإتلاف الرئتين، إلا أنه يزيد كذلك من خطر إتلاف الدماغ بطرق مختلفة مهددة للحياة، من بينها الارتباك العقلي والهلوسة، والنوبات والغيبوبة، والسكتة الدماغية، والشلل.
وقد يغزو الفيروس الدماغ ويحرمه من الأكسجين عن طريق إتلاف الرئتين. ومن أجل محاربة العدوى، فإن الجهاز المناعي يخرج عن السيطرة، ويهاجم الدماغ والأعضاء الأخرى التي يحميها عادةً، وهي حالة تعرف باسم”عاصفة السيتوكين”.
وقد حدّت جائحة كورونا بشدة من قدرة الأطباء والممرضات على وقاية المرضى من المضاعفات العصبية وعلاجها. وأجبرت شدة المرض والخطر المتزايد للعدوى الفرق الطبية على التخلي عن العديد من الممارسات التي تساعدهم على حماية المرضى من الهذيان، وهو أحد الآثار الجانبية الشائعة لأجهزة التنفس ووحدات العناية المركزة.
وعندما يشتبه الأطباء في تشخيص السكتة الدماغية، يطلبون عادةً إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، والذي يعد نوعاً معقداً من الفحص.
وأشار الدكتور كيفين شيث، أستاذ علم الأعصاب وجراحة الأعصاب في كلية الطب بجامعة ييل، إلى أن العديد من مرضى “كوفيد-19” الذين تم إدخالهم إلى المستشفى حالتهم خطيرة أو غير مستقرة، بحيث لا يمكن نقلهم عبر المستشفى لإجراء الفحص.
كما يتردد العديد من الأطباء في طلب التصوير بالرنين المغناطيسي من مرضى “كوفيد-19” خوفاً من انتقال العدوى وإصابة المرضى الآخرين وأعضاء الطاقم الطبي.
وقالت الدكتورة شيري تشو، الأستاذة المساعدة في طب الرعاية الحرجة، وأمراض الأعصاب وجراحة الأعصاب في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ إن “أيدينا مقيدة أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الجائحة”.
وفي الكثير من الحالات، لا يستطيع الأطباء حتى فحص ردود أفعال المرضى بسبب تأثرهم بالتخدير بشدة.
وأوضح شيث: “قد لا نعرف ما إذا كانوا قد أصيبوا بجلطة دماغية”.
ووجدت دراسة من مدينة ووهان في الصين، حيث تم الكشف عن الحالات الأولى لمرض “كوفيد-19″، أن 36% من المرضى يعانون من أعراض عصبية، بما في ذلك الصداع والتغيرات في الإدراك، والسكتات الدماغية، ونقص التنسيق العضلي.
ولاحظت دراسة فرنسية أصغر مثل هذه الأعراض لدى نسبة 84% من المرضى، والتي استمر العديد منها بعد مغادرة المستشفى.
وتحاول بعض المستشفيات التغلب على هذه المشاكل باستخدام تقنية جديدة لمراقبة وتصوير الدماغ.
وقال الدكتور ريتشارد تيميس، مدير نظام الرعاية الصحية العصبية في النظام الصحي في نيويورك، إن مستشفيات نورثويل هيلث في نيويورك تستخدم جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي المحمول لمرضى “كوفيد-19”. ويستخدم الماسح مجالاً مغناطيساً منخفضاً، بحيث يمكن نقله إلى غرف المستشفى وتصوير الدماغ أثناء نوم المرضى.
كما أشار تيميس إلى أن العاملين في مستشفيات نورثويل يشعرون بالقلق أيضاً من خطر الإصابة بالعدوى بسبب إجراء التخطيط الكهربائي للدماغ، أي الاختبارات التي تقيس النشاط الكهربائي للدماغ وتساعد في تشخيص النوبات. إذ عادةً ما يتطلب ذلك بقاء العاملين بالرعاية الطبية مدة تتراوح 30 إلى 40 دقيقة في اتصال وثيق مع المرضى من أجل وضع الأقطاب الكهربائية.
وقال تشو، الذي يقود دراسة دولية عن التأثيرات العصبية لفيروس كورونا إنه في الوقت الحالي، لا نعرف ما يكفي عن تأثير “كوفيد-19” على الدماغ والجهاز العصبي، مضيفاً أنه “حتى نتمكن من الإجابة على بعض الأسئلة الأساسية، سيكون من السابق لأوانه تخمين العلاجات”.
وللحد من خطر الإصابة بالعدوى، تستخدم مستشفيات نورثويل عُصابة رأس مغطاة بأقطاب كهربائية، والتي يمكن وضعها على المرضى في غضون دقيقتين فقط، على حد قول تشو.
وأوضحت لينا الحارثي، الأستاذة ورئيسة قسم الجراثيم في كلية طب روش بمدينة شيكاغو، إنه يصعب الإجابة على هذه الأسئلة بسبب البيانات المحدودة من تشريح المرضى.
ويرى الدكتور روبرت ستيفنز، الأستاذ المساعد في التخدير وطب الرعاية الحرجة بجامعة جونز هوبكنز، أن بعض أشهر أعراض “كوفيد-19” قد تكون ناجمة عن غزو الفيروس للدماغ.
وأكتشف مؤلفو دراسة حديثة من ألمانيا وجود فيروس كورونا المستجد في أدمغة المرضى.
وتظهر الأبحاث أن فيروس كورونا قد يدخل إلى الخلايا باستخدام جين مستقبل يسمى “ACE-2″، وهذه المستقبلات لاتوجد في الرئة وحسب، بل في الأعضاء الأخرى، بما في ذلك أجزاء كثيرة من الدماغ.
كما أفاد باحثون يابانيون خلال دراسة حديثة عن اكتشاف فيروس كورونا المستجد في السائل النخاعي الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي.