نقلًا عن موقع "العهد" الاخباري - ياسمين مصطفى
يحتدم النقاش حول قرار إجراء امتحانات الجامعة اللبنانية في قاعات الكليات رغم المخاطر الصحية المحدقة بـ 8000 طالب والكوادر التعليمية. اقتناع الطلاب بالخضوع للامتحانات خطيًا وحضوريًا دونه الكثير من الإشكاليات والعقبات. أصواتهم المعترضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم #امتحانات_الموت تقابلها قناعة راسخة لدى رئاسة الجامعة بعدم وجود خيار بديل.
فرح طالبة هندسة في كلية العلوم-الحدث. مع إغلاق السكن الجامعي الذي تقطنه، تكلفها خدمة النقل العام ذهابًا وإيابًا في اليوم الواحد للوصول من منزلها في الجنوب إلى صفها 30 ألف ليرة، ما يعني 90 ألف ليرة للوصول إلى الكلية في ثلاثة أيام. هذا المبلغ ليس ضمن إمكانيات والدها، وهو ربٌّ لأسرة مؤلفة من 9 أفراد. لا تخفي فرح في حديثها لموقع "العهد" الإخباري خوفها من الإصابة بكورونا عبر استعمال النقل العام ولقائها الآلاف من الطلاب في حرم الجامعة، وتجزم بأن عائلتها التي تتضمن صغارًا وكبارًا في السن لن تسمح لها بالمجازفة بحياة هؤلاء.
تفادي الإصابة بفيروس كورونا ليس الهاجس الوحيد لدى طلاب الجامعة اللبنانية، فغيدا، طالبة هندسة أيضا، تقول لموقعنا إن "التعلُّم عن بعد صاحبه الكثير من المعوقات وبالتالي فامتحاننا بالكفايات التي أخذناها بهذا النمط فيه مظلومية كبيرة، بعض الأساتذة عزف عن الالتحاق بركب المعلّمين عن بُعد، أداء الكثير ممن التحقوا كان متعثرا، هذا عدا عن إلغاء الامتحانات الجزئية في الفصل نتيجة الضغط الحاصل ما يجعلنا أمام تحدي درس كم هائل من الكفايات في مواد واسعة تحضيرا للامتحانات النهائية". ليس هذا كل شيء، تسأل غيدا:" كيف يمكن امتحانُنا بالمواد التطبيقية التي تُدرّس عادة في مختبرات الكلية في الوقت الذي حال نمط التعلم عن بُعد دون اكتسابها؟ ولدى إعلامها بأنه سيصار لأخذ حرارة الطلاب قبل دخول حرم الجامعة تسأل عن جدوى هذا الإجراء وتقول: "هل سيتم حرمان من يتضح ارتفاع حرارته من الطلاب من الخضوع للامتحان حتى لو لم يكن مصابا بالفيروس"؟
الحلول المطروحة وفق طالبة الهندسة للخضوع للامتحانات عن بعد عديدة، وفق رأيها ثمة "برنامج يمكن تحميله بالمجان عبر الإنترنت مزود بكاميرا مراقبة وميكروفون يخضع عبره الطالب للامتحان وتسجل عليه أية التفاتة أو محاولة للغش، هذا البرنامج بموازاة مساهمة الحكومة بتأمين إنترنت مفتوح للطلاب خلال فترة الامتحانات يمكننا من أداء الاستحقاق بنجاح".
مطلب فرح وغيدا بالخضوع للامتحانات عن بُعد مع التزود بإنترنت مفتوح حمله موقع "العهد" الإخباري إلى رئيس الجامعة د. فؤاد أيوب. الأخير حسم في حديثه لموقعنا المسألة بإلزامية الحضور إلى الكليات واستحالة تنظيمها "أونلاين" مع مراعاة خصوصية كل كلية والإجراءات الصحية اللازمة لحماية الطلاب والأساتذة والموظفين. السبب الأول وفق قول د. أيوب هو كون نظام الـLMD لا يسمح بترفيع أي طالب دون استحقاقه النجاح بكفاءاته العلمية، وحتى لو تم تعديل القانون فلا تكافؤ في الفرص لدى الطلاب لجهة افتقار معظمهم للوسائل التكنولوجية التي تتيح لهم الخضوع للامتحانات عبر الإنترنت. ويضيف:" الـonline يحتاج إلى تأمين انترنت مفتوح لكل الطلاب على حد سواء وحتى اليوم لم يتم هذا الأمر، لذلك فالقرار المركزي اتُّخذ أما كيفية تطبيق الإجراءات الوقائية فالقرار فيها يعود لمجالس الوحدات في الكليات".
لا يختلف رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية د. يوسف ضاهر مع د. أيوب حول أن الأفضلية لإجراء الامتحانات الخطية حضوريا، "لكن دونه هاجس هو صحة الطلاب". ضاهر هو من مناصري إجراء الامتحانات في الجامعة "أون لاين"، لكنه يؤكد لموقعنا أن "ثمة شروط ومعايير دقيقة في اعتماد هذا النمط، أولها تأمين الحكومة إنترنت مجاني ومفتوح لكل الطلاب في منازلهم، وثانيها تفادي "الغش" بأقصى ما يمكن من الوسائل الموجودة". وفق قوله :"يمكن ترتيب الأسئلة في المسابقة نفسها بشكل مختلف بين طالب وآخر، كما يمكن عبر الميكروفون والكاميرا مراقبة الطلاب لحين انتهاء وقت المسابقة". يؤكد ضاهر أن هذه الآلية معتمدة في بلدان الخارج وقد اعتمدتها الجامعات الخاصة في لبنان.
في محاججة صوابية إحضار الطلاب للكليات، يؤكد ضاهر أن هذا النمط لا يصلح إلا للامتحانات المخبرية كما في اختصاص الطب والإلكترونيك ويجرى حصرًا لطلاب السنوات العليا وسنوات التخرج لقلة أعدادهم، أما أن يحضر 500 طالب سنة أولى في كلية الآداب إلى القاعات للخضوع للامتحان فهذا برأيه غير صائب وفيه مخاطرة كبيرة. وعليه، لا يلوم ضاهر أي طالب أو أستاذ يتخلف عن الحضور للامتحانات.
تفادي الغش وفق رأي د. ضاهر لا يراه مدير كلية العلوم الفرع الأول-الحدث د. ياسر مهنا قابلا للتطبيق. يدافع عن فكرته بالقول لموقعنا إن "تجربة الجامعات الخاصة في لبنان أثبتت استحالة ذلك، بعض الطلاب باتوا خبراء في الغش، أعداد الطلاب الضخمة في الجامعة تقف دون تحقيق الشفافية في أداء الطلاب. في السنة الأولى في كلية العلوم هناك 2000 طالب، يخضعون كلهم لنموذج واحد من الامتحانات في الوقت نفسه".
في المقابل، فالتوجه اليوم لدى مجالس الوحدات في الكليات إلى تذليل العقبات وتطبيق الإجراءات الوقائية ليمر "قطوع" الامتحانات في الجامعة اللبنانية بأقل الأضرار الممكنة. سيتم وفق مهنا "توزيع مئة ألف كمامة على الحاضرين فضلاً عن توزيع مئتين وخمسين جهازا لقياس الحرارة، بعد التعقيم يدخل الطلاب إلى القاعات وتوزعهم سيراعي التباعد الاجتماعي، كما سيستفاد من قاعات كل الكليات والمطاعم الفارغة لإخضاع طلاب سنة أكاديمية في اختصاص واحد في وقت واحد للاختبار. الاختبار سيكون لمدة ساعة ونصف الساعة لكل مادة، كما سيتم تسهيل مضمون الأسئلة مراعاة للظروف الحالية للطلاب ولن يكون مطلوبا منهم تحصيل مئة في المئة من الكفايات وحتى المحاسبة لن تكون وفق الطريقة التقليدية".
الهجمة "كبيرة" كما يصفها مهنا تحت اسم "امتحانات الموت". برأيه فإن الطلاب يتنقلون يوميًا في حياة عادت شبه طبيعية، "نراهم في السهرات والشوارع والأسواق دون كمامات فلم يقف الأمر عند حضورهم إلى الكليات للخضوع للامتحانات"؟ ويشير مهنا إلى خطورة "البروباغندا" على وسائل التواصل الاجتماعي والتي من شأنها إحباط الطلاب وخفض معنوياتهم، مشيرًا إلى ضرورة عمل العكس أي رفع معنويات الطلاب وتحويل التهديد إلى فرصة لإحراز أفضل الممكن رغم كل الظروف السيئة المحيطة.
ليس سهلا نجاح الجامعة اللبنانية في استحقاق إجراء الامتحانات في كلياتها حضوريا وخطيا، لكنه ليس مستحيلا أيضا. مخاوف الطلاب مشروعة، ومطالبهم بإجراء فحوصات PCR لهم وتأمين وسائل نقل آمنة لتفادي الإصابة بالفيروس محقة وجديرة بالبحث، تمامًا كما أن إدارة الجامعة محقة في حرصها على جودة التعليم الجامعي الرسمي، في جامعة تعد من الأقوى أكاديميا في لبنان بشهادة الكثير من أهل الخبرة.