(العربي الجديد)
تناولت تقارير طبية عراقية رفض متعافين من مرض كوفيد - 19 الذي يسبّبه فيروس كورونا الجديد، الاستجابة لطلبات المستشفيات بالتبرّع ببلازما الدم التي تُمنح للحالات الحرجة، من ضمن بروتوكول علاجي بات مستخدماً في معظم دول العالم، إلا في مقابل بدل. وقد أثار ذلك موجة جدال واسعة في العراق، دفعت عدداً من المتعافين إلى إعلان تبرّعهم أكثر من مرّة، فيما أطلق آخرون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف أولئك الذين تقاضوا ثمناً لتبرّعهم بمادة البلازما.
وثمّة من يبرّر رفضه التبرّع إلا بمقابل المال، في الأوضاع الاقتصادية المتدهورة جداً في البلاد. فأسر كثيرة تمرّ بأحوال سيئة نتيجة انقطاع معيليها، الذين أصيبوا بالمرض، عن العمل. ويلقي هؤلاء اللوم على الحكومة التي لم تقم بما عليها لكفالة الأسر الفقيرة وسط هذه الأزمة الصحية، بل تركتهم تحت رحمة المتصدّقين أو التسوّل، بحسب ما يقول بعضهم. وكانت جهات دينية عدّة في البلاد قد أصدرت فتاوى تقضي بتحريم بيع بلازما الدم. بالنسبة إلى بعض منها، فإنّ التبرّع به لا بدّ من أن يكون بمثابة شكر على نعمة العافية، فيما رأت أخرى أنّ الدولة أنفقت على المصاب، ولا يحقّ له بيع ما نتج من علاجه.
في السياق، يقول مسؤول في وزارة الصحة العراقية فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، إنّ "الذين يطلبون مبالغ مالية تصل إلى ألفَي دولار أميركي في مقابل بلازما الدم، هم بمعظمهم من الطبقة الفقيرة التي تشكّل أكثر من 90 في المائة من المصابين بكورونا في العراق". يضيف أنّه "لا يمكن إجبار هؤلاء على التبرّع، لا سيّما أنّ أهل المصاب مستعدّون لسداد تكلفة هذه المادة من دون مجادلة. لكنّ المشكلة تكمن لدى الذين لا يملكون المال".
من جهته، يتحدّث المتخصص في الأمراض الانتقالية في دائرة صحة الرصافة بالعاصمة بغداد، علي العبيدي، لـ"العربي الجديد"، عن "قاعدة بيانات خاصة بالمصابين الذي تعافوا من المرض، بمعظمهم، ويُصار إلى الاتصال بهم من أجل التبرّع ببلازما الدم. وثمّة أشخاص يرحّبون بالأمر، فنجدهم بعد نصف ساعة أمامنا، وثمّة آخرون يتهرّبون، وقد ظنّوا أنّ التبرّع يؤثّر سلباً بصحتهم، أو أنّهم لا يرغبون في العودة إلى المكان نفسه حيث حُجروا وعانوا. أمّا فئة ثالثة، فتسأل قبل كلّ شيء عن الإكرامية... كروة التاكسي؟ إكرامية العافية؟ أو بالقول: دمي ملكي ولا يُعطى بلا مقابل". ويؤكد العبيدي أنّ "وزارة الصحة لا تسدّد أيّ ثمن، بل ذوو المريض هم الذي يتولّون إرضاء المتبرّع بمبلغ مالي".
وينقسم العراقيون ما بين موجّهي اللوم إلى الذين يطالبون بالمال في مقابل بلازما دمهم، وما بين متفهمين لهؤلاء، إذ يرون أنّ ذلك حقّ لهم بسبب أحوالهم المادية الصعبة. وقد ظهر هذا الانقسام واضحاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما رأى مواطنون في طلب المال خروجاً عن عادات العراقيين، من قبيل النخوة ومساعدة الغير من دون مقابل، ويطالب بعضهم بإجبار المتعافين على التبرّع، قال محمد جلو، وهو أحد الناشطين المشهورين على مواقع االتواصل الاجتماعي، إنّ تقاضي المال حقّ لهم وهم أحرار في التصرّف بما يملكونه. ودعا جلو في منشوره المواطنين إلى التبرّع بالمال لسدّ حاجة المتعافين حتى يتبرّعوا هم ببلازما دمهم. كذلك أُطلقت عبر مواقع التواصل حملات تشجيعية للمتعافين من كورونا للتبرّع ببلازما الدم، ومنها تكفّل المنسق العالم لاتحاد كرة القدم العراقي في السعودية محمد إبراهيم بأن يؤدّي العمرة بالإنابة عن متبرّع أو أحد والدَيه.
وكان المجمع الفقهي العراقي قد أصدر فتوى دينية تحرّم بيع بلازما الدم، وفي الوقت نفسه تدين مَن يمتنع من المتعافين عن التبرّع بها لمصلحة مصابين. أضاف المجمع في بيان أنّ "التبرّع ببلازما الدم من قبل المتعافين من فيروس كورونا، التي تتركّز فيها الأجسام المضادة للفيروس، يندرج في إطار التبرّع بالدم لإنقاذ حياة الآخرين. (...) وحكمه الشرعي أنه واجب على الكفاية، وإن لم تحصل الكفاية، وجب على جميع المتشافين من المرض التبرع لإنقاذ حياة المصابين". وتابع: "يحرم الامتناع عن التبرّع بها، ويأثم الممتنع من غير عذر، لأنّ التبرع سعي لإنقاذ الأنفس الأخرى وإحيائها، لذا لا يجوز بيع الدم بإجماع العلماء، كذلك لا يجوز بيع بلازما الدم للقاعدة الفقهية (التابع تابع في الحكم)".
كثيرون هم المتعافون الذين لم ينتظروا صدور فتاوى أو تلقي نصائح من قبل آخرين، وبادروا إلى التبرع. من بين هؤلاء أمجد صلاح نعمة، من محافظة النجف (جنوب) الذي أُصيب وجميع أفراد عائلته بالفيروس. واليوم بات هؤلاء الذين تعافوا حديث الناس، لإنقاذهم مصابين في حاجة إلى بلازما دم. يقول أمجد صلاح نعمة لـ"العربي الجديد": "أصبت وعائلتي بالفيروس في الأسبوع الأول من إبريل/ نيسان الماضي، ثمّ حُجرنا في مستشفى الحكيم بالنجف لنحو أسبوعَين"، مضيفاً أنّ "عدد أفراد أسرتنا الذين أصيبوا هو 11 شخصاً، من بينهم طفلان، أحدهما يبلغ من العمر عاماً ونصف عام، والثاني خمسة أشهر". ويتابع: "حين علمنا أنّ الفيروس بدأ ينتشر بكثرة في العراق وعدد الحالات ترتفع بتسارع، وأنّ بلازما دمنا مهمّة وتساعد في شفاء مصابين بالفيروس، قرّرنا التبرع لإنقاذ آخرين".
وينقسم العراقيون ما بين موجّهي اللوم إلى الذين يطالبون بالمال في مقابل بلازما دمهم، وما بين متفهمين لهؤلاء، إذ يرون أنّ ذلك حقّ لهم بسبب أحوالهم المادية الصعبة. وقد ظهر هذا الانقسام واضحاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما رأى مواطنون في طلب المال خروجاً عن عادات العراقيين، من قبيل النخوة ومساعدة الغير من دون مقابل، ويطالب بعضهم بإجبار المتعافين على التبرّع، قال محمد جلو، وهو أحد الناشطين المشهورين على مواقع االتواصل الاجتماعي، إنّ تقاضي المال حقّ لهم وهم أحرار في التصرّف بما يملكونه. ودعا جلو في منشوره المواطنين إلى التبرّع بالمال لسدّ حاجة المتعافين حتى يتبرّعوا هم ببلازما دمهم. كذلك أُطلقت عبر مواقع التواصل حملات تشجيعية للمتعافين من كورونا للتبرّع ببلازما الدم، ومنها تكفّل المنسق العالم لاتحاد كرة القدم العراقي في السعودية محمد إبراهيم بأن يؤدّي العمرة بالإنابة عن متبرّع أو أحد والدَيه.
وكان المجمع الفقهي العراقي قد أصدر فتوى دينية تحرّم بيع بلازما الدم، وفي الوقت نفسه تدين مَن يمتنع من المتعافين عن التبرّع بها لمصلحة مصابين. أضاف المجمع في بيان أنّ "التبرّع ببلازما الدم من قبل المتعافين من فيروس كورونا، التي تتركّز فيها الأجسام المضادة للفيروس، يندرج في إطار التبرّع بالدم لإنقاذ حياة الآخرين. (...) وحكمه الشرعي أنه واجب على الكفاية، وإن لم تحصل الكفاية، وجب على جميع المتشافين من المرض التبرع لإنقاذ حياة المصابين". وتابع: "يحرم الامتناع عن التبرّع بها، ويأثم الممتنع من غير عذر، لأنّ التبرع سعي لإنقاذ الأنفس الأخرى وإحيائها، لذا لا يجوز بيع الدم بإجماع العلماء، كذلك لا يجوز بيع بلازما الدم للقاعدة الفقهية (التابع تابع في الحكم)".
كثيرون هم المتعافون الذين لم ينتظروا صدور فتاوى أو تلقي نصائح من قبل آخرين، وبادروا إلى التبرع. من بين هؤلاء أمجد صلاح نعمة، من محافظة النجف (جنوب) الذي أُصيب وجميع أفراد عائلته بالفيروس. واليوم بات هؤلاء الذين تعافوا حديث الناس، لإنقاذهم مصابين في حاجة إلى بلازما دم. يقول أمجد صلاح نعمة لـ"العربي الجديد": "أصبت وعائلتي بالفيروس في الأسبوع الأول من إبريل/ نيسان الماضي، ثمّ حُجرنا في مستشفى الحكيم بالنجف لنحو أسبوعَين"، مضيفاً أنّ "عدد أفراد أسرتنا الذين أصيبوا هو 11 شخصاً، من بينهم طفلان، أحدهما يبلغ من العمر عاماً ونصف عام، والثاني خمسة أشهر". ويتابع: "حين علمنا أنّ الفيروس بدأ ينتشر بكثرة في العراق وعدد الحالات ترتفع بتسارع، وأنّ بلازما دمنا مهمّة وتساعد في شفاء مصابين بالفيروس، قرّرنا التبرع لإنقاذ آخرين".
لم يفكّر أمجد وأفراد أسرته في تقاضي المال مقابل بلازما الدم التي تبرّعوا بها، على الرغم من أنّهم ليسوا ميسوري الحال، وكان في إمكانهم تحصيل مبلغ جيّد، وخصوصاً أنّ ثمّة من يدفع أكثر من ألفَي دولار أميركي لكلّ متبرّع. لكنّ أمجد يؤكد قائلاً إنّ "تبرّعنا واجب إنساني، كذلك كان لزاماً علينا أن نشكر الله الذي نجّانا ونتبرّع لكي ينجو غيرنا". ويلفت إلى أنّه وأفراد أسرته تبرّعوا مرّتين، وينوي التبرّع من جديد عند انقضاء الفترة الزمنية اللازمة بين عمليّة تبرّع وأخرى.