(موقع العهد الإخباري)
بات التوجه محسومًا لإعادة فتح مطار بيروت الدولي أمام حركة الملاحة الجوية. ترجيح وزير الأشغال العامة ميشيل نجار ذلك مطلع تموز المقبل يرفع منسوب الحذر لدى الحكومة. هذا التحدي سيشكل سيفا ذا حدين، فمن جهة لا يزال هاجس الانزلاق إلى مرحلة الانتشار المجتمعي لفيروس كورونا قائما، ومن جهة ثانية يفرض واقع القطاع السياحي المتهالك نفخ الروح فيه من بوابة المطار، لذلك فلبنان سيحذو حذوَ دول عدة حول العالم ستفتح قريبا المطارات أمام السياح تدريجيا.
تأخير استحقاق فتح المطار ريثما تتبلور الخطة الحكومية لتحقيقه، اقتضى إجراء مرحلة رابعة من عملية إجلاء المغتربين تنطلق غدا وتنتهي في 19 الشهر الحالي، وتتضمن إعادة ما بين 2000 إلى 3000 مغترب جلّهم من بلدان تجري فحوصات PCR لمغادريها قبل 72 ساعة من انطلاق الطائرة إلى لبنان.
الصورة باتت واضحة في ما يخص المطار لكنها حتى اليوم لم تكتمل. مصادر حكومية مطلعة على مروحة البحث والسيناريوهات المطروحة أكدت لموقع "العهد" الإخباري أن "اجتماعا برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب آخر الأسبوع سيحسم الأمور لجهة توقيت إعادة حركة الملاحة الجوية، القدرة الاستيعابية للمستشفيات الحكومية لحجر المصابين دون عوارض، أعداد الطائرات المتوجهة إلى لبنان، والتي من المؤكد أنها لن تكون كما كانت قبل حلول الفيروس ضيفا ثقيلا على لبنان، كما أن دولا محددة ومعدودة ستكون معنية بالاستحقاق تبعا لواقع انتشار وباء كورونا فيها".
متطلبات مواكبة عملية فتح المطار كثيرة. فحتى اليوم لم يتم تحديد الدول الأوروبية ولا العربية التي سينفتح عليها لبنان سياحيا، ذلك مرتبط بما يجري اليوم من تنسيق بين مطارات الدول والحكومة اللبنانية، فضلا عن البحث في مدى استطاعة هذه الدول إجراء فحوصات لكل السياح القادمين منها، وكذلك قدرة لبنان على القيام بذلك للتأكد من خلو السياح من المصابين.
" الاعتبار الأول في إعادة فتح المطار هو المصلحة الوطنية والأمن الصحي المجتمعي للبنانيين"، هذا ما يؤكده رضا الموسوي، مستشار وزير الصحة حمد حسن لموقعنا، موضحا أن "لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية للحد من فيروس كورونا سترفع توصياتها للجنة الوزارية المعنية بإدارة ملف الوباء، بعد مراقبة فتح دول العالم لمطاراتها تدريجيا أمام السياح ونتائج ذلك، فترة الانتظار ستكون لمدة أسبوعين على الأقل من موعد عودة حركة الملاحة الجوية في الدول التي تشهد انتشارا واسعا للفيروس، ليبنى على الشيء مقتضاه".
وفق مستشار وزير السياحة مازن بو درغم فإن "اختيار الدول التي سنفتح لبنان عليها سياحيا سيكون تبعا لتقييم واقع انتشار فيروس كورونا فيها، وقد جرى في الوزارات المعنية تقسيمها إلى ثلاث: الدول الأقل خطورة، والدول متوسطة الخطورة، والدول الاكثر خطورة على منحنى انتشار الفيروس في لبنان. في المرحلة الاولى يؤكد بو درغم أن لبنان سيحدد عددا من الدول الأقل خطورة إلى جانب الدول العربية، التي اتخذت الحكومة قرارا بالانفتاح عليها أولا كونها المحيط العربي للبنان".
ورغم ارتفاع منسوب الخطر من الانزلاق نحو انتشار مجتمعي للفيروس من بوابة السياحة الخارجية، يشدد بو درغم على أنه ما عاد ممكنا إغلاق البلد سياحيا، أما الممكن فهو كيفية تقليص المخاطر إلى حدودها الدنيا عبر سلسلة خطط وإجراءات وقائية.
مثال على الدول التي ستبدأ فتح مطاراتها هما اليونان وقبرص، الأولى قررت فتح المطار سياحيا أمام 29 دولة حول العالم من ضمنها لبنان، كونه من الدول الأكثر احتواء للفيروس في مناطقه. أما قبرص فقد أعلنت استعدادها لدفع إقامة للسائح وعلاجه في حال اتضح التقاطه عدوى كورونا خلال اقامته فيها.
في ما يخص تحديات إعادة المغتربين، يجزم رئيس المجلس الأعلى للدفاع ورئيس لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية من فيروس كورونا اللواء محمود الأسمر في حديثه لموقع "العهد" الإخباري" أنه سيجري الفصل في الطائرات القادمة ما بين مغتربين أجروا فحوصات pcr قبل انطلاقهم من بلد الاغتراب إلى لبنان والقادمين من دول لا تجري فحوصات PCR لمغادريها.
43 مركزا للحجر الصحي قيد التحضير في مختلف المحافظات
الإجراءت الوقائية المتبعة ستكون نفسها التي اتبعتها الحكومة اللبنانية في المراحل الثلاثة الماضية لإجلاء المغتربين، أول الشروط الحكومية للسماح بعودة المغتربين هو أن يكون فحص الـ PCR للمغترب قبل صعوده الطائرة إلى لبنان سلبيا (غير مصاب بالوباء)، ولتأكيد النتيجة مع وجود ثغرات في فحوصات بعض الدول، سيتم إجراء فحصي PCR يفصل بينهما يومان إلى خمسة أيام. سيتم حجر المغتربين لمدة 14 يوما كما جرى سابقا، أما الذين تثبت إصابتهم فينقسمون إلى نوعين، أصحاب العوارض وذوو الحالات الحرجة ستتم إحالتهم مباشرة إلى المشافي الحكومية التابعة لمكان سكنهم والموزعة على كافة الأقضية والمحافظات وفق آلية جديدة تعتمدها وزارة الصحة بعنوان "اللامركزية" في التعاطي مع الواقع الوبائي، في حين سيتم إحالة المصابين دون عوارض او أصحاب العوارض الخفيفة ممن يتعذر عليهم حجر أنفسهم إلى أقرب مركز للحجر من أصل 43 مركزا تتضمن فنادق خاصة ومدارس تابعة لمنظمة الأمم المتحدة وغيرها، أعطت عليها لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا موافقة مبدئية.
العقبات في تحضير هذه المراكز كانت عديدة وفق ما يقول اللواء الأسمر، فـ"بعض البلديات في المناطق اشترطت استقبال أهالي المنطقة فقط في المراكز الموجودة في محيطها، في حين بعض الفنادق عرضت غرفتين أو ثلاثاً لاستقبال المصابين المطلوب حجرهم في حين أن هذه ليست آلية عملية، أما بعض أصحاب الفنادق فقد اشترطوا مقابل ذلك تسلم بدلات إيجار وهو ما لا يمكن للدولة حاليا تأمينه". سيكون العمل إذاً بما حضر من المراكز للاستفادة منها في انتظار جهوزية ما تبقى مع تذليل العقبات.