فرض فيروس كورونا الحجر المنزلي على أكثر من 3 مليارات إنسان في العالم، الذين لا يملكون سلاحاً للوقت إلا الانترنت، حيث يعد المتنفس الوحيد بعيداً عن الإصابة.

ربما الضغط الذي تتلقاه شبكات الإنترنت اليوم غير مسبوق، والذي دفع بعض الشركات كفايسبوك ونتفلكس ويوتيوب لاتخاذ بعض الإجراءات كتخفيض جودة الفيديو منعاً لأي خلل محتمل.

وبما أن استخدام الإنترنت لم يعد يقتضر على الحواسيب والهواتف الذكية وتعداه ليشمل التلفتز، الغسالة، المكانس، وغيرها من الالات، فإن ذلك من شأنه أن يضاعف الضغط على الشبكة الدولية. وبحسب موقع "Statista" فإن عدد تلك الأجهزة عالمياً يبلغ نحو 20 مليار.  

وبسبب البيانات المرسلة عبر كل هذه الأجهزة والضغط الذي تشكّله، بات الانترنت بحاجة ماسة إلى التوسعة. والحديث، هنا، ليس عن تحديث المعدات الموجودة، لأن هذه وصلت الى طاقتها الاستيعابية القصوى. بيما الحاجة الى تكنولوجيا جديدة أمراً لا مفرّ منه، فكانت الـ 5G التي تؤمن ثلاثة أمور رئيسية:

- السرعة الهائلة في نقل البيانات.
- شبك كل أجهزة «إنترنت الأشياء» من دون أي انخفاض في السرعة أو تعثر في نقل البيانات.
- تقليل فترة الاستجابة (Latency) إلى الحدود الدنيا، ما أمّن الأرضية لظهور السيارات الذاتية القيادة وتسهيل عمليات الجراحة عن بعد (في مثل هذه الحالات لا يمكن السماح بأي تأخير في وصول المعلومات)، وتسريع عملية تغذية الذكاء الاصطناعي بالبيانات الكبرى ليلتهمها بشكل سريع، ما يؤمن له القدرة على التنبؤ بالأخطار والأحداث قبل وقوعها.د

لكن هذه التكنولوجيا، رغم حاجتنا إليها تعرّضت مسبقاً لمضايقات، وخصوصاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي منع العالم من استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات اللاسلكية من "هواوي" الصينية.

ولذلك، عندما لجأت البشرية اليوم إلى الانترنت لتسيير حياتها، تبيّن أن البنية التحتية الحالية صدئة، وبحاجة إلى تحديث بشكلٍ طارئ. لجوء سكان الأرض، بغالبيتهم، إلى هذا المتنفّس الوحيد لقضاء أعمالهم ومتابعة دراستهم وتمضية وقت الفراغ الكثير، أدّى إلى تباطؤ الشبكة الدولية حول العالم، ما دفع ذلك بشركة "نيتفليكس"، على سبيل المثال، إلى خفض ما نسبته 25 في المئة من بثها الى أوروبا لتحول دون أي انقطاع بالخدمة في الولايات المتحدة، ولم يحل ذلك دون أن تشهد الشركة انقطاعاً كبيراً في الخدمة عالمياً في الأيام القليلة الماضية.

في أوروبا الوضع كارثي. في ميلانو الإيطالية، وصلت حركة البيانات على الشبكة إلى حدودها القصوى، بسبب المستخدمين المحجورين في منازلهم. و

أيضاً، طلبت شركة الاتصالات الأولى («أم تي إس») من زبائنها التوقّف عن تبادل مقاطع الفيديو للحدّ من الضغط على الشبكة بعدما زاد استخدام الانترنت في موسكو وحدها بنسبة 30%.

أما في الولايات المتحدة فإن البنية التحتية الحالية للإنترنت في البلاد التي اعتادت على نسبة معينة من النشاط في أوقات محددة من اليوم، بات من غير المعلوم كم تستطيع تحمّل عدد طائل من الجهد.

ومع استمرار فيروس كورونا، من المتوقع أن تستمر هذه الوتيرة من استخدام الانترنت بالارتفاع، ما يتطلب من حكومات العالم العمل على تحديث بنيتها التحتية.

أما بعد كورونا، فمن المؤكد أننا سندخل عصراً جديداً سيتغير فيه شكل الحياة التي اعتدناها. والخشية من أن تلجأ الشركات الأميركية، كـ«نيتفلكس» مثلاً، إلى حصر خدماتها داخل الأراضي الأميركية، لحماية المستخدمين الأميركيين، ما يدفع بإلحاح الى البحث عن مصادر أخرى خارج الولايات المتحدة، فيما أصبحت الحاجة إلى تكنولوجيا 5G من «هواوي» الصينية أكبر من أي وقت مضى.