نقلاً عن الجزيرة نت - محمد السيد - الدوحة
منصة "تواصلنا اهتمامٌ" مبادرة فريدة من نوعها، موضوعها الإنسان، وتهدف إلى تقديم الدعم النفسي الذي يعد حاجة أساسية للخاضعين للحجر الصحي جراء إصابتهم بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والذي ينطوي على عدد من التحديات النفسية في ظل الظروف الراهنة.
المنصة التي أطلقتها مؤسسة التعليم فوق الجميع عبر برنامجها أيادي الخير نحو آسيا "روتا"، بالتعاون مع مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية، إحدى مبادرات مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وتطبيق "مدرس" التابع لشركة "دلالا سمارت" المحلية، هي منصة تفاعلية عبر الإنترنت توفر الدعم الاجتماعي للمصابين عبر تبادل الحديث معهم ومشاركة كل مخاوفهم.
المنصة تدعم الفئة العمالية
وتوفر المنصة عبر موقعها الإلكتروني (www.cfc.qa)، ومن خلال فريق من المتطوعين، فرصة للتواصل رقميا مع المصابين بلغاتهم الأم، لتوفير المعلومات الموثوقة الصادرة عن الجهات الرسمية المعنية في الدولة، والتدابير الوقائية للحد من انتشار الفيروس، وتقديم النصائح المتعلقة بكيفية الحفاظ على سلامتهم ولياقتهم البدنية.
ويؤكد عبد الله البكري مدير تنمية المجتمع ببرنامج أيادي الخير نحو آسيا "روتا"، أن المنصة جاءت استجابة للوضع الحالي خاصة مع انتشار فيروس كورونا، فضلا عن دعم الفئة العمالية وتوعيتها، والوقوف بجانبهم خلال هذه الأزمة ودعمهم نفسيا وإشعارهم أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع.
ويقول البكري للجزيرة نت إن المنصة تهدف إلى دعم الفئة العمالية التي تعاني في ظل وجودهم خارج بلدانهم، وصعوبة تواصلهم مع عوائلهم، لذلك كانوا يحتاجون قناة للتواصل مع العالم والمجتمع للتحدث مع أشخاص يعرفونهم ويمنحونهم الدعم المعنوي من خلال التواصل الرقمي.
الدعم النفسي والمعنوي
التباعد الاجتماعي الذي فرض على الجميع بعد انتشار فيروس كورونا، سبّب للبعض -خاصة المغتربين- عزلة وشعورا بالاكتئاب والدخول في مراحل مرضية مختلفة، الأمر الذي جعل الدعم النفسي أحد الأمور المهمة لهذه الفئة ليشعروا بالراحة النفسية ويتخلصوا من التوتر والخوف، وفقا للبكري.
"تواصلنا اهتمام" جعلت فئة العمال في قطر تشعر بجهود الحكومة والجهات المعنية في التواصل معهم، والاهتمام بهم في هذه الأزمة، وتقديم الدعم لهم لأنهم جزء من المجتمع، والتعاون معهم وتوجيههم للحفاظ على أنفسهم، بحسب البكري.
ويمثل توفير التواصل الهادف إلى جانب الاهتمام بالصحة البدنية، أهمية كبرى لمختلف الأطراف المشاركة في مبادرة "تواصلنا اهتمام"، خاصة وأن الأفراد قد يجدون أنفسهم عرضة للإصابة بالتوتر والخوف والقلق.
60 متطوعا من المدربين والملهمين
من جانبه، يعتبر سوميدا دي سيلفا، أحد المتطوعين في المنصة، أن "تواصلنا اهتمام" توفر نوعا من الارتياح والطمأنينة للعمالة الخاضعة للحجر الصحي، خاصة في ظل شعورهم بالاهتمام بصرف النظر عن طبيعة أعمالهم أو نوع إقاماتهم، الأمر الذي يؤدي إلى الثقة في تقديم حكومة دولة قطر المساعدة اللازمة لهم خلال هذه المرحلة الحرجة.
ويقول دي سيلفا للجزيرة نت إن جميع الذين يبادرون بالتحدث معنا يبدون رضاهم وسعادتهم بالخدمة التي تقدم لهم عبر المنصة، حيث يشعرون بالارتياح بعد الحديث مع شخص يتعاطف معهم ويقدم لهم معلومات جديدة لم يكونوا على علم بها سابقا.
وتضم المنصة 60 متطوعا من المدربين والملهمين في مجالات علم النفس والدعم الاجتماعي والمهارات الحياتية، كلهم يشتركون في وحدة الدافع والهدف من التطوع، وهو إحداث التغيير الإيجابي في العالم ولو كان بسيطا ومد يد المساعدة والعون للآخرين، وفقا لدي سيلفا.
خدمة إلكترونية تطوعية من المنازل
وتلقى المتطوعون الذين تم اختيارهم من قاعدة البيانات الضخمة لبرنامج "روتا"، والذين اختيروا خصيصا لهذه المهمة، تدريبا شاملا عبر الإنترنت لتقديم الخدمة إلكترونيا من منازلهم، بما يضمن الالتزام بالتباعد الاجتماعي بين المتطوعين والخاضعين للحجر الصحي.
أما المتطوعة آسيا شافي فترى بدورها أن مشاركتها في هذه التجربة وضعت حملا ثقيلا عليها، في ظل إدراكها لمقدار ما يمكن أن تقدمه، خاصة أنه لا يمكن تلبية كل الأمور التي تقلق المصابين، وإنما فقط تقديم الدعم بالتعاطف أو إرشادهم إلى المصادر ذات الفائدة.
وتوضح شافي أن الإقبال الكبير على المنصة يرجع إلى معرفة الزوار بقدرتهم على التحدث مع شخص آخر بلغتهم، وهو ما كانت تلقى الإشادة به في كل محادثة تقريبا من الزوار الذين كانوا يشعرون بالارتياح للتعبير عن مخاوفهم والحصول على الإجابة بلغتهم الأم.
وتعد أكثر المخاوف الشائعة لدى الخاضعين للحجر الصحي هو الشعور بثقل عدم اليقين وقلة النشاط البدني، وهو ما يؤثر على نمط نومهم المعتاد، لكن علاجها يكمن في ممارسة بعض التمارين الرياضية للمحافظة على النشاط، وفقا لشافي.
جلسات محادثة بعشر لغات
تقدم منصة "تواصلنا اهتمام" جلسات محادثة فردية ومباشرة بعشر لغات مختلفة، وهي العربية والإنجليزية والهندية والأردية والنيبالية والبنغالية والمالايالامية والسنهالية والتاميلية والتاغالوغية، خاصة أن التحدث مع شخص بلغته الأصلية يجعل عملية التواصل أكثر سلاسة وفاعلية.
ويرى هيثم الحيدري، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمنصة "مدرس" التعليمية الإلكترونية، أن "تواصلنا اهتمام" هو مشروع يقدم حلولا اجتماعية تقنية، حيث يعمل كحلقة وصل بين أكبر عدد ممكن من العمال في قطر والمتطوعين الذين يتحدثون بنفس لغتهم، مما يوفر لهم مساحة آمنة للتحدث مع الآخرين.
تغييرات لها تأثير إيجابي
ويقول الحيدري إنها تعد بمثابة منصة حيث يمكن تبادل الاستفسارات الخاصة بالصحة النفسية، كما تتيح أيضا الفرصة لتثقيف هؤلاء العمال بشأن ما يحدث حاليا جراء انتشار فيروس كورونا، وما يتم تداوله من المفاهيم الخاطئة والشائعات، وللتأكد من أنهم يدركون أن أبسط التغييرات في التصرفات اليومية له تأثير إيجابي كبير على عملية تسطيح المنحنى الوبائي.
ويوضح أنه بمجرد دخول الزوار وتسجيلهم في الموقع الإلكتروني للمنصة، واختيار اللغة التي يفضلونها، ستظهر لهم نوافذ الدردشة التي يمكنهم من خلالها التحدث إلى أحد المتطوعين المشاركين.
وتواصل الآلاف من العمال مع المنصة، وأسفرت عن الكثير من التعليقات التي تم معها تحديثها بصورة مستمرة وتزويدها بلغات مختلفة من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وفقا للحيدري.
لقراءة المقال من الموقع اضغط هنا