نقلاً عن موقع "العهد" الاخباري
د. عباس كنعان
ماذا لو اكتشفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بما تختزن من عقول وكفاءات بشرية هائلة وعملاقة ظهرت في أكثر من ساحة وميدان، ولديها الإرادة والعزيمة الراسخة والعميقة والمقتدرة، لخدمة شعبها وأهلها، وتتوفر لديها المراكز الطبية والعلمية التي لم يُكشف عنها للعالم بحقيقتها الإبداعية إلا القليل، حيث تعكف كل هذه الامكانيات والطاقات حاليًا وبكل قدراتها البحثية والطبية والتقنية المتعددة على إجراء العمليات البحثية والطبية لكشف لغز أو فك شيفرة هذا الوباء المجهري الفتاك (covid-19)، ماذا لو اكتشفت اللقاح والدواء الأفضل لوباء الكورونا؟! وماذا لو قدمته إلى البشرية، ليس من منطلق النفعية الليبرالية والبراغماتية التي حكمت عالمنا المعاصر بل على نحو انجاز علمي وطبي لخلاص البشرية، استنادًا إلى منظومتها الأخلاقية والدينية الإسلامية المحمدية الأصيلة؟
أمام هذه الفرضية، وفي ظل الأسئلة التي تُحشد في أذهان الكثير من المفكرين والعلماء حول مستقبل النظام العالمي الذي حُكم منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية بالليبرالية بأجنحتها واتجاهاتها المتعددة، والتي أرخت بظلالها على مختلف ميادين الحياة، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية… الخ. ألا تتقدم تلك الرؤية والأطروحة الفكرية التي تحملها الجمهورية الإسلامية الايرانية، بما تمثل من عمقها الإسلامي المحمدي الأصيل، وبعدها الحداثوي المعاصر؟!
ألا يدعو ذلك إلى نوع من انقلاب فكري وثقافي وديني، سيتجلّى في بعده الاجتماعي والاقتصادي الحضاري والعالمي؟!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن إيران عملت منذ بداية الثورة على وضع وثائق تكاد تكون أشبه بدساتير فلسفية وفكرية وثقافية وتربوية، كان آخرها وثيقة التحول البنيوي التي أنجزتها وأعلنت عنها عام 2011م، كوثيقة لإعادة بناء منظومة فلسفتها التربوية، فضلاً عن ذلك الخطاب المحوري الذي تقدم به سماحة الإمام القائد الخامنئي (حفظه الله) بمناسبة مضي 40 عامًا على انتصار الثورة، وما وجّهه إلى الشباب في الغرب، بحيث ترسم في الأفق، مشهدية تكاد تكون تحولية على أكثر من صعيد وميدان، لم تتضح معالمها النهائية حتى الآن.
إلا أن ذلك يضعنا أمام محطة مفصلية على مستوى تحوّل البشرية، لا تنفك حكمًا عن السنن الإلهية التي يمكن ملاحظتها على مر التاريخ البشري..
ثمة ما يدعونا للتأمل العميق: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون).
* استاذ جامعي وحوزوي