نقلاً عن موقع العهد - فاطمة سلامة
ينتظر الآلاف من اللبنانيين المغتربين حول العالم إعادة فتح مطار بيروت الدولي في الأول من تموز/يوليو القادم. يُعوّل كثيرون على هذه الخطوة لإعادة بعض "الأوكسيجين" الى الاقتصاد اللبناني. الأخير بات أشهر من نار على علم لجهة الأزمة الخانقة التي يمر بها. خيار فتح المطار ذهبت اليه الحكومة مُكرهة، فوباء "كورونا" لا يزال يُشكّل تهديداً، لكنّ الخيارات محدودة، والواقع يُحتّم علينا إرساء التوازن بين الوضعين المالي والصحي. وعليه، لا بد من فتح المطار مع إبقاء العين مفتوحة على الخطر "الكوروني". الأخير يُشكّل هاجساً لدى المعنيين، فالمطار قد يُشكّل بوابة لتسلل هذا الوباء، الأمر الذي يتطلّب جُملة تدابير لوجستية وصحية لعبور هذا التحدي بنجاح. فكيف تبدو التحضيرات على بعد أيام من إعادة فتح مطار بيروت الدولي؟ وما الإجراءات التي سيخضع لها القادمون الى لبنان؟
فحصا pcr..
مرجع في مطار بيروت الدولي يُشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنّ رئاسة المطار باتت على أتم الجهوزية لتنفيذ الإجراءات التي أدرجتها حفاظاً على السلامة العامة. وهي في هذا السياق عملت على تقسيم القادمين الى لبنان وفقاً لمجموعتين؛ أولى من البلدان التي يُجرى فيها فحص الـpcr، وثانية من البلدان التي لا يُجرى فيها الفحص. فيما يخص المجموعة الأولى، يأتي القادم الى لبنان حاملاً معه نتيجة الفحص السلبية لتشكّل له ممر عبور، مع الإشارة الى أنّه سيخضع لكافة الاجراءات الوقائية داخل المطار من "كمامة" وما شابه. ويوضح المرجع أنه لدى وصول القادم الى مطار بيروت حاملاً معه نتيجة فحص الـpcr الأول ستكون باستقباله الفرق الصحية لكي يخضع لفحص pcr ثان. لماذا ثان؟ تؤكّد المصادر أنّ الانسان يحتاج علمياً الى فحصي pcr سلبيين خلال 4 أيام كي يمارس حياته الطبيعية. وبعد أن يخضع القادم لفحص pcr ثان عليه أن ينتظر 24 ساعة في منزله بعد أن يملأ استمارة "أونلاين" جرى تعميمها وفيها كل المعلومات الشخصية عن القادم. وبعد 24 ساعة يجري تبليغه بالنتيجة، ففي حال كانت سلبية يمارس حياته بشكل طبيعي. أما في حال كانت إيجابية، فعليه أن يتوجّه الى مستشفى رفيق الحريري كي يخضع للإجراءات التي تطبّق على مريض "الكورونا".
فحص شبه مجاني والآخر على نفقة القادم
أما فيما يتعلّق بالمجموعة الثانية، أي البلدان التي لا تجري فحوصات الـpcr، فالمسافر يصل الى مطار بيروت الدولي، ويخضع لأول فحص pcr، ينتقل بعد ذلك الى منزله ليطبّق الحجر المنزلي، مع المراقبة طبعاً من قبل البلديات ووزارة الداخلية والجهات المعنية. بعد ثلاثة أيام، عليه أن يُعيد الفحص أي أن يجري فحصاً ثانياً، ففي حال كانت النتيجتان سلبيتين يمارس حياته بشكل طبيعي، ولكن في حال لم تكن كذلك، يتوجه الى المستشفى. وهنا تشدد المصادر على أنّ أول فحص pcr يجريه القادم في المطار يكون شبه مجاني لأنه يقع على عاتق شركة الطيران التي لا شك أنها أخذته بعين الاعتبار لدى تسعير التذكرة. وبالتالي، في حال أجرى فحصا أوليا في البلد القادم منه يكون قد تكبّد ثمن فحص واحد، أما في حال لم يجر فحصاً في البلد القادم منه، فعليه أن يتكبّد ثمن الفحص الثاني في لبنان على نفقته الخاصة.
مديرية الطيران المدني طلبت من شركات الطيران تخفيض عدد الرحلات الأسبوعية
وحول ما إذا كانت هناك مخاوف وهواجس من إعادة فتح المطار، يوضح المرجع أنّ خفض القدرة الاستيعابية للمطار صبّت في هذا الإطار تفادياً لأي ارباك قد يحصل، اذ إن تخفيض القدرة الاستيعابية هو لتأمين سلامة الجميع. ويوضح المرجع أنّ القدرة ستكون أقل من 15 بالمئة من حركة السياح المعتادة في فصل الصيف، أي 2200 الى 2500 راكب في اليوم. ولهذه الأسباب -يقول المرجع- اجتمع المدير العام للطيران المدني الأسبوع الماضي بشركات الطيران كي تعمد الى تعديل برنامجها الذي سبق وقدّمته لموسم الصيف، وطلب منها تخفيض عدد رحلاتها الأسبوعية. ووفق المرجع، هناك بعض الشركات طلبت من تلقاء نفسها التخفيف بسبب الأزمة المالية التي أرخت بظلالها على شركات الطيران. ويرجّح المرجع أن تكون الطائرات في الفترة الأولى ممتلئة، فهناك قادمون لا يستطيعون تحمل دفع ثمن تذكرتي سفر لتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي على متن الطائرة.
وفي الختام، يُشدّد المرجع على أنّ رئاسة المطار ستتّبع الاجراءات ذاتها التي تتناسب مع المنظمة العالمية للطيران المدني (الإيكاو) بالتوافق مع منظمة الصحة العالمية واتحاد النقل الجوي الدولي "الاياتا"، وستكون على أهبة الاستعداد لخوض هذا التحدي القادم.
رئيس الدائرة الصحية: الفريق الطبي على أتم الجهوزية
رئيس الدائرة الصحية ورئيس الحجر الصحي في مطار بيروت الدولي الدكتور حسن ملاح يؤكد في حديث لموقعنا أنّ الفريق الطبي في المطار على أتم الجهوزية لاستقبال العائدين، فهو لم يتوقّف عن العمل أصلاً نظراً للطائرات الخاصة التي تصل المطار يومياً. ويوضح ملاح أن الطاقم الطبي مؤلف من 25 شخصاً بين طبيب ومراقب وممرض سيتوزعون على مداخل الوصول والمغادرة والطيران الخاص، اذ كما جرت العادة سيخضع القادم للفحص الحراري، وسيكون هناك نقطة لإجراء فحوصات الـ pcr لكافة القادمين على المدخلين الغربي والشرقي.
لا ينكر ملاح أن الوضع سيختلف في الأول من تموز لأنّ وتيرة العمل ستكون 24/24، لكنّه يأمل أن يكون الفريق على قدر "الحِمل" والمسؤولية، مشدداً على ضرورة تجاوب الناس معنا. برأيه، نجاح الاجراءات يتوقّف على "سعة صدر" القادمين والتزامهم بمرحلة ما بعد المطار، وهذا يتطلب وعياً من الناس لتنفيذ كافة الاجراءات الوقائية اللازمة وتطبيق أصول التباعد الاجتماعي.
ويُشدّد ملاح -المشرف على الاجراءات- على أن الفريق الطبي على أتم الجهوزية، لكن بطبيعة الحال الحذر واجب -برأيه- لأنّ هناك طائرات سيكون على متنها ما لا يقل عن 250 راكبا، ما يتطلّب جهداً وتنظيما لنقطة إجراء فحوصات الـpcr وهذا يتطلب جهودا من الجميع، ويتطلب من القادمين أن يتحلوا بالصبر حفاظاً على سلامتهم خصوصاً أن الطائرات التي أجرت فحوصات الـpcr في البلد الآخر ستكون ممتلئة، ما يرتب علينا جهوزية وسرعة في العمل.
فضل الله: اذا اتبعنا الاجراءات تتراجع المخاوف
مستشار وزير الصحة الدكتور رياض فضل الله يؤكّد في حديث لموقعنا أنّ الوزارة هي جزء من منظومة وزارات سيكون لها دور في عملية إعادة فتح المطار. ويلفت الى أنّه سيكون هناك فريق مخبر يعمل على أخذ العينات المخبرية لفحص الـpcr، كما سيكون لوزارة الصحة فريق فني داخل المطار يأخذ المعلومات من القادمين ويتأكد منها، مع ترحيب الوزارة بأي عنصر متطوّع لهذا العمل. ويوضح فضل الله أنّ عملية المتابعة هذه المرة لا تشبه سابقاتها بالتأكيد. في السابق، كانت الفرق الطبية تصعد على متن الطائرة، وبعدها يتم تقسيم القادمين حسب الحالة المرضية، ويتم إجراء فحص أولي لهم على متن الطائرة وبعدها فحوصات في المطار، فضلاً عن تأمين النقل لهم الى أماكن الحجر في الفنادق، ومتابعتهم لاحقاً، أما اليوم فالصورة مختلفة وفق فضل الله.
وعما اذا كان هناك تخوف من خطوة فتح المطار، يوضح فضل الله أنه "اذا اتبعنا الاجراءات المعمول بها كما يجب عبر التقيد بآخر بروتوكولات منظمة الصحة العالمية، وذلك حفاظاً على سلامة المواطن وعدم تفشي الجائحة، تتراجع المخاوف بشكل كبير".
إذاً، باتت خطوة إعادة فتح المطار بمثابة أمر واقع فرضته الظروف المالية والاقتصادية الصعبة التي يرزح تحتها لبنان. خطوة لا بد منها ولا بد معها من وعي وحرص يُبديه القادم على سلامة أهله وأحبائه في لبنان.
لقراءة المقال من الموقع اضغط هنا