كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلًا عن أطباء وباحثين، أن الاستهانة بمصابي كورونا الذين لم تظهر عليهم أي أعراض، أدت إلى انتشار واسع للوباء في العالم، خلال الشهرين الأولين من الجائحة. فقد جرى الاعتقاد في البداية أن الأشخاص الذين يصابون بالفيروس من دون أن تظهر عليهم أعراض، لا ينقلون العدوى، لكن هذا الأمر لم يكن صحيحًا.
ورجح الباحثون في البداية ألا ينتقل الفيروس من الأشخاص الذين لم تظهر عليهم الأعراض، ظنًا بأن الفيروس المستجد يحمل المواصفات الجينية نفسها لفيروس آخر من عائلة كورونا وهو سارس.
ففي ألمانيا، دخل الفيروس إلى البلاد عبر شخص كان في الصين، ووصل عن طريق المطار وهو في أتم الصحة والعافية، وكان مفترضًا ألا ينقل العدوى إلى غيره، لكن العكس هو الذي حصل، وهو لم يعان من أي ارتفاع في درجة الحرارة، كما لم يشتك من السعال ولا من الإرهاق أو العطس، كما أن الباحثين كانوا واثقين من خلاصاتهم بشأن الفيروس وطرق انتقاله.
ولأن الهيئات الصحية تجاهلت من لا تظهر عليهم الأعراض، فقد جرى التركيز في المقابل على قياس الحرارة في المطارات، كما لم يُفرض التلثم بالكمامات على الأشخاص الأصحاء خلال المرحلة الأولى.
وكان فريق علمي من جامعة ميونيخ، من بين الأوائل الذين حذروا من انتقال الفيروس عبر مصابين لم تظهر عليهم أي أعراض، لكن تحذيراتهم لم تحظ بآذان صاغية.
وفي ظل هذا التجاهل، استشرى الوباء في عدد أكبر من مناطق أوروبا، وتم تسجيل عدد قياسي من الوفيات في كثير من بلدان القارة العجوز.
ونشرت "نيويورك تايمز" أن العالم أضاع شهرين كاملين في مناقشة ما إذا كان المصابون الذين لم تظهر عليهم أعراض أشخاص ناقلين للعدوى، وهذا التأخير كان بسبب أخطاء علمية أو من جراء منافسة وخصومات بين الأكاديميين، أو ربما التردد في قبول حقيقة ناصعة وهي أن احتواء الفيروس يستوجب إجراءات صارمة وشديدة.
ويقول الباحثون، إن ثمة صعوبة في تقدير عدد الأشخاص الذين كانت وقايتهم من المرض أمرًا ممكنًا، لكن بعض العلماء يؤكدون أنه كان ممكنًا أن نحمي عشرات الآلاف من الأرواح لو أن الحكومات اتخذت الإجراءات المناسبة. ويجري التعامل اليوم مع المصابين من دون أعراض كناقلين محتملين بشدة للفيروس، لكن نسبة مسؤولية هذه الفئة في الوضع الوبائي بشكل عام ما زالت غير واضحة.
لكن نماذج حسابية من هيئات علمية في سنغافورة والصين وهونغ كونغ، رجحت أن يكون ما بين 30 و60 في المئة من الإصابات ناجمة عن أشخاص أصيبوا بفيروس كورونا من دون أن تظهر عليهم أي أعراض.