(جريدة القبس الكويتية)
وصل عدد الوفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا إلى أكثر من نصف مليون شخص حول العالم، وجاءت أوروبا وأميركا على رأس قائمة أكثر المتضررين. وتشير وكالة رويترز إلى أن أكثر من 4700 شخص يموتون كل 24 ساعة. أما أعداد الإصابات المعلن عنها رسمياً في العالم فقد تضاعف منذ 21 مايو، في حين سجّلت مليون إصابة جديدة خلال الأيام الستّة الأخيرة.
وأظهرت آخر الإحصاءات تجاوز المصابين حاجز 10.25 ملايين إصابة. وفقًا لمعهد باستور، فإن نسبة المصابين بالفيروس تتراوح بين 3 و7 في المئة، وهي نسبة بعيدة عن نسبة 60 إلى 70 في المئة الضرورية لتحقيق «المناعة الجماعية»، لذلك يتفق الجميع على أنه «سيتعين علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع الفيروس الى حين توافر اللقاح. وسط تفاؤل طبي بوجود لقاحات متاحة مع حلول 2021».
صراع عالمي
ويحتدم الصراع بين المختبرات الكبرى في العالم على اكتشاف لقاح، والآثار المترتبة عن تحويل الدواء المنتظر إلى تجارة مربحة. صحيفة «لوموند» الفرنسية اعتبرت ان إيجاد لقاح قبل 2021 يبدو هدفا غير واقعي، لكن ذلك لم يمنع المختبرات من ترويج منتجاتها التي لم تظهر بعد، والتي تتنافس الدول على الحصول عليها بملايين الدولارات.
ولم يسبق أن اعتُبر اللقاح سلعة استراتيجية وضرورة للأمن القومي والانتعاش الاقتصادي والصحة العامة كما هو اليوم، وتؤكد الصحيفة أن هناك معركة حقيقية بين القوى العالمية العظمى من أجل تطوير اللقاح، وقد تم رصد تمويلات بمليارات الدولارات للفوز بهذه المعركة التي تمثل الولايات المتحدة وأوروبا والصين أطرافها الرئيسية. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى أن على الأميركيين أن يبحثوا لوحدهم عن اللقاح، أما المفوضية الأوروبية فقد أعلنت جمع قرابة 10 مليارات يورو لهذا الغرض.
وفي الصين، اعتُبر تطوير لقاح «أولوية مطلقة»، وقطعت بكين خطوات كبيرة بعد أن تجندت الجامعات والشركات الخاصة وقوات الجيش لإنجاح هذه المهمة.
بيع الوعود!
لكن المختبرات تقوم حاليا ببيع وعود بلقاح لم يُكتشف بعد. وبحسب مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي، فإنه لا شيء مضمون في علم اللقاحات، إلا أنه ذكر أن المعطيات التي اطلع عليها تعطي إشارات إيجابية. وتابع: أنا متفائل بحذر أنه يمكن أن تكون لدينا لقاحات متاحة مع حلول عام 2021.
وفي ردّه عن سؤال عما إذا كانت الصين ستصل إلى لقاح لكورونا قبل الولايات المتحدة، قال: «أتمنى أن يحصلوا على اللقاح، أتمنى أن يتوصل الجميع إلى لقاح، الأمر لا يتعلّق بمنافسة للفوز في مباراة».
لقاح الجيش الصيني
وحصل الجيش الصيني بالفعل على الضوء الأخضر لاستخدام لقاح طورته شركة «كانسينو بيولوجيكس» مع وحدة أبحاث عسكرية، بعدما أثبتت التجارب السريرية أنه آمن وفعّال إلى حد ما. والخطوة هي أول استخدام للقاح مضاد لكورونا يطلق عليه اسم (إيه دي 5 إن كوف) وهو واحد من أصل 8 لقاحات تطورها شركات وباحثون في الصين، حصلت على موافقة لتجربتها على البشر.
وقالت «كانسينو بيولوجيكس»، أمس، إن اللجنة العسكرية المركزية الصينية صادقت على استخدام الجيش للقاح في 25 يونيو لمدة سنة، واللقاح من تطوير الشركة ومعهد بكين للتكنولوجيا الحيوية التابع لأكاديمية العلوم الطبية العسكرية. وقالت «كانسينو بيولوجيكس»: «يقتصر استخدامه حاليا على الاستخدام العسكري، ولا يمكن توسيع استخدامه من دون الحصول على موافقة إدارة الدعم اللوجستي» التابعة للجنة العسكرية المركزية. وقالت الشركة إن المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية أظهرتا أن اللقاح لديه القدرة على منع الإصابة بالأمراض التي يسببها كورونا، لكن لا يمكن ضمان نجاحه تجاريا، فلم يحصل أي لقاح بعد على الموافقة للاستخدام التجاري، لكن توجد 12 لقاحا من أكثر من 100 في أنحاء العالم يتم اختبارها على البشر.
من جانبه، أعلن معهد للمنتجات البيولوجية في بكين تحقيق نتائج إيجابية للقاح يطوره في المرحلة الأولى من تجارب سريرية.
لقاح أميركي - إسرائيلي
وفي السياق عينه، أعلنت شركة أميركية – إسرائيلية أنها ستبدأ الاختبارات السريرية للقاح مضاد لكورونا في أغسطس المقبل. ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن الرئيس التنفيذي لشركة «أرتشرز» جوزيف باين قوله إن لقاح «لونار كوف19» يعد الأول من نوعه والذي يعتمد على استنساخ بروتين منخفض الجرعة من كورونا، إذ يتوقع أن يحتاج الشخص إلى جرعة واحدة فقط من أجل حمايته. وقامت الشركة بشحن أولى الدفعات من اللقاح إلى كلية الطب في سنغافورة من أجل إجراء تجارب سريرية. والمادة الفعالة في اللقاح تعرف باسم «mRNA» وهي المادة الوراثية الموجودة في الفيروس، التي تثير الاستجابة المناعية في الجسم، إذ إن الجرعة منه ستحث الجهاز المناعي على إنتاج بروتينات مشابهة لتلك الموجودة في الفيروس الفعلي، والتي تمكنه من التعرف على هذا الفيروس ويتدرب على محاربته.
وارتفعت قيمة الشركة السوقية منذ بدء تجاربها وإعلان النتائج التي توصلت لها من 50 مليون دولار إلى حوالي مليار دولار.
وكانت شركة أسترازينيكا التي تتعاون مع جامعة اكسفورد لإنتاج لقاح، اعلنت انها ستبيع لقاحها الذي طورته بحوالي دولارين للجرعة، وقد طلبت الولايات المتحدة 400 مليون جرعة مقابل 1.2 مليار دولار. وفي 13 يونيو، وقّع تحالف يضم ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا عقدا للحصول على 300 مليون جرعة مقابل 750 مليون يورو، مع خيار الحصول على 100 مليون جرعة إضافية.
وفي 16 يونيو الجاري، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عملاق صناعة الأدوية «مارسي ليتوال» الذي يعتزم استثمار ما يقارب من نصف مليار يورو، لإنشاء مصنع جديد لـ«تأمين ما تحتاجه فرنسا وأوروبا من لقاحات».
بكين تعزل نصف مليون شخص
عزلت الصين، حوالي نصف مليون شخص قرب العاصمة بكين التي سجلت منذ منتصف يونيو زيادة في حالات كوفيد- 19 التي تصفها السلطات بأنها لا تزال «خطيرة ومعقدة». يأتي ذلك بعد ظهور نحو 300 إصابة جديدة في المدينة في غضون أكثر من أسبوعين، وهو ما زاد المخاوف من موجة ثانية من الإصابات. كما عزلت «كانتون أنغين» الواقعة على بعد 60 كلم جنوب بكين في محافظة هوباي (شمال)، فيما سيسمح لفرد واحد من كل أسرة بالخروج مرة في اليوم لشراء الطعام والدواء. وتبين أن سوق شينفادي، مركز التزود الرئيسي بالفواكه والخضار في بكين، مصدر حالات العدوى الجديدة، وأعلن متحدث باسم سلطات المدينة من جهته أنّ «الوضع الوبائي في العاصمة بكين خطير ومعقد».