(موقع العهد الإخباري)
لا يخفى على أحد أنّ خطوة إعادة مطار بيروت الدولي الى العمل باتت أكثر من ضرورة، بعدما وصل الحال الاقتصادي والمالي في لبنان الى مستويات متدنية غير مسبوقة. كُثر يعوّلون على المطار -بوابة لبنان- لإعادة تحريك العجلة الاقتصادية. ينظرون اليه كمتنفّس وحيد في بلد يتنفّس أزمات. ولا يخفى على أحد أيضاً أنّ إجراءات العودة الى الوطن مختلفة تماماً هذه المرة عن سابقاتها. تحدي "كورونا" فرض الكثير من التغييرات والضوابط، وهذا ما لمسه القادمون أمس في اليوم الأول من فتح المطار. الخطوة ورغم أهميتها، شكّلت تحدياً غير هيّن بعد إقفال دام لأشهر. خصوصاً أنّ عودة المطار الى العمل، تأتي اليوم وسط تحذيرات من موجة "كورونا" ثانية قد تضرب لبنان، الأمر الذي يُحتّم تحول المطار من بوابة لاستقبال الوافدين، الى "خليّة نحل" طبية، كما يُحتّم اتخاذ كافة التدابير والاجراءات اللازمة حرصاً على سلامة الوطن وأبنائه. فكيف يُقيّم المعنيون مسار اليوم الأول من فتح المطار؟. وما الثغرات التي رافقت هذا الاستحقاق؟.
وزير الأشغال: فتح المطار يفتح "طاقة" أمل للبنان
وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ الأهم في كل ما جرى أمس الأربعاء (1 تموز) كان فتح المطار الذي يفتح "طاقة" أمل للبنان بعودة المغتربين والسياح. أولئك يعوّل عليهم في تغذية الاقتصاد اللبناني ما يعطينا بريق أمل وسط كل ما نحن فيه. يتطرّق نجار الى "البلبلة" التي رافقت فتح المطار، فيلفت الى أنّه وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على إقفال المطار، هناك بعض التدابير التي تحتاج الى إعادة نظر، خصوصاً أن فتح المطار تزامن مع زحمة كبيرة من الصحفيين والسياسيين ما أدى الى تداخل بعض الأمور. وهنا يوضح نجار أنه ورغم ذلك لم يكن هناك أي شيء خارج عن السيطرة أو خارج دائرة الاحتواء.
لإرسال رسالة إيجابية
وفي معرض حديثه، يُشدّد نجار على ضرورة التركيز على الجانب الايجابي بعد عودة مطار بيروت الى الحياة. ذلك المطار لطالما كان بوابة عبور الشرق الى الغرب والعكس، ما يُحتّم علينا أن نسعى لإرسال رسالة إيجابية الى الموجودين في الخارج والذين يفكّرون بالمجيء الى لبنان، لا أن نرسل اليهم رسالة سلبية تجعلهم يحسبون طريق العودة.
نعوّل على مساهمة المطار في ضخ الدولارات
يُعوّل نجار على المطار في ضخّ الدولارات في السوق، فلطالما كانت السياحة عنصراً أساسياً ومهماً في الاقتصاد اللبناني، واليوم ستكون أهم لأننا بحاجة اليها أكثر من أي وقت مضى. الظروف مهيأة لتحريك عجلة السياحة -برأي نجار- خصوصاً أنّ أوروبا ودولا عدة لم تعد وجهة الكثير من السياح على اعتبار أنها موبوءة أكثر بكثير من لبنان، ما يمكّن الأخير من استقطاب سياح أكثر. ويدعو وزير الأشغال اللبنانيين للعودة الى الوطن فهؤلاء الذين لطالما قدّموا يد العون للبنان عليهم أن يكونوا الى جانبه في أصعب المراحل، هم للوطن والوطن لهم. الأخير ورغم كل الظروف الصعبة وإمكانياته المتواضعة شجّعهم على المجيء ودعاهم للاتيان اليه لقضاء موسم سياحي في ربوعه.
الشائعات أخطر من "كورونا"
ورداً على سؤال حول ما يُقال من أن فتح المطار قد يولّد موجة ثانية من "كورونا"، يعتبر نجار أن الأخطر بكثير من "كورونا" والموجة الأولى والثانية هي الموجة العاشرة والمئة من الاشاعات التي لم تعد تنتهي وكأنه وبسحر ساحر هناك نية لتدمير هذا البلد. بالأمس، سرت اشاعات عن أنّ إدخال الدولارات الى لبنان سيكون محدوداً، وأنه يجري إجبار القادمين على صرف العملة الصعبة في المطار مقابل الليرة اللبنانية. كل ما قيل -يقول نجار- يصب في إطار الاشاعات فضلاً عن أنّ القضايا التي افتُعلت في المطار كانت أكبر بكثير من حجمها. حتى أن ما أثير بين الصحفيين لم يكن بالحجم الذي أثير فيه، وكأن هناك نية بأن يتحول يوم فتح المطار من بارقة أمل للبنانيين الى أمر سيئ. لذلك، يُشدّد نجار على أن الأخطر من "كورونا" هي موجة الاشاعات التي تزيد هموماً على المواطن الذي لم يعد ينقصه المزيد من الاحباط.
رئيس المطار: نتعلّم من تجربة اليوم الأول وجرى إلغاء بعض التدابير
رئيس المطار المهندس فادي الحسن يستهل حديثه لموقعنا بالإشارة الى أنه وبطبيعة الحال فإننا نتعلّم من تجربة اليوم الأول لإعادة النظر ببعض الأمور، وقد اتخذنا الإجراءات المناسبة بعد كل ما حصل أمس، واليوم الوضع أريح بكثير. وهنا يلفت الحسن الى أنّ قضية التأمين سبّبت زحمة كبيرة جداً في المطار الذي وصل اليه أمس 13 طائرة على متنها 1880 راكباً، أما اليوم فقد جرى اتخاذ القرار بعدم دفع التأمين داخل المطار، لافتاً الى أننا عدنا الى الاجراءات نفسها التي اتبعناها وقت العودة الآمنة للمغتربين.
مبالغات في نقل الصورة
ويرى الحسن أنّ ما نقل بالأمس عن مطار بيروت احتوى بعض المبالغة، فما حصل أننا طلبنا من وسائل الإعلام تغطية الحدث ولكن أتى عدد كبير من الإعلاميين الذين توجهوا معنا الى نقطة وصول الطائرة. الزحمة الكبيرة التي تعرّض لها القادمون هناك خلقت نوعا من "البلبلة" خاصة أن بعض الصحفيين حاول استصراح القادمين، فحدث سوء تفاهم، ولكن طبعا ليس كما قيل حالات ضرب، فقط تلاسن وصراخ.
نعمل على تخفيض ثمن الـpcr
وعن التحديات التي لا تزال قائمة، يوضح الحسن أننا نعمل حالياً على قضية الـpcr للوصول الى صيغة تريح المسافر بشكل أفضل بعد شكاوى تتعلّق بثمن الفحص في الخارج (مئة دولار) خصوصاً أن القادمين لم يتمكنوا من دفعها بالعملة اللبنانية. ويوضح الحسن أننا نجري المشاورات اللازمة مع وزارة الصحة ونسعى لتحسين الوضع من هذه الناحية. هل من الممكن أن يجري تخفيض ثمن الفحص في لبنان؟ نعم من المرجّح حدوث ذلك.
وفي الختام يلفت الحسن الى أنه صحيح أن الأمور اللوجستية مهمة جداً، ولكن المهم من كل ذلك هو عودة المطار الى العمل، على أمل أن تتزايد أرقام العائدين كي يسهم القادمون في تحسين الوضع الاقتصادي بشكل أكبر.
رئيس الدائرة الصحية: الإجراءات الطبية تمّت بالمستوى المطلوب
بموازاة ذلك، لا يُخفي رئيس الدائرة الصحية في المطار الدكتور حسن ملاح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ اليوم الأول حمل بعض الثغرات، وهذا أمر طبيعي نظراً لاضطرار الأفراد للانتظار ريثما يتم ملء الاستمارة وإجراء فحوصات الـpcr خاصة أن الطائرات ممتلئة، وأنّ اليوم الأول افتُتح بوصول طائرتين في الوقت نفسه، مع العلم أنه من المفترض أن يكون فارق الوقت بينهما ساعتين. هذا الأمر أحدث نوعا من الفوضى خصوصاً مع وجود كم هائل من الاعلاميين والسياسيين، ولكن سرعان ما تم تدارك الأمر، حيث جرى توسيع فريق المختبر بعد وصول أول طائرتين وسارت الأمور كما يجب.
ويلفت ملاح الى أنّ الإجراءات الطبية تمّت بالمستوى المطلوب، ولكن طبعاً لاحظنا انزعاجاً من قبل بعض القادمين نظراً للإجراءات، وهذا الأمر طبيعي بعد رحلة سفر شاقة، موضحاً أننا استفدنا من كل ثغرة حدثت في اليوم الأول لتحسين الظروف في الأيام التالية.