نقلًا عن موقع النشرة
لوحظ في اليومين الأخيرين تراخياً واستهتاراً من قبل بعض الناس في التزام البقاء في المنازل وعدم التجوّل في النهار إلا عند الضرورة.. وبلغ الأمر حداً خطيراً.. وكأنّ البعض يعتقد أنه بذلك يتحدّى قرارات الحكومة، وينسى أنه يرتكب جريمة كبرى بحقه أولاً، وبحق عائلته وأقاربه ثانياً، وبحق جيرانه وعموم المواطنين ثالثاً… فالمسألة لا تحتمل مزاحاً او استخفافاً في مواجهة حرب حقيقية يخوضها العالم أجمع، وليس فقط لبنان، في مواجهة اجتياح فيروس كورونا الدول والشعوب كافة، من دون تمييز او تفرقة بين شعب وآخر، وبين مواطن وآخر، أو بين غني وفقير، أو حاكم ومحكوم، فالجميع مستهدف من قبل هذا الفيروس.. وقد شهدنا كيف انّ مسؤولين وقادة دول قد أصيبوا بالوباء واضطروا إلى التزام الحجر المنزلي واتباع التعليمات الطبية.. في حين انّ الإصابات في دول العالم، لا سيما الدول الأكثر تقدّماً مثل الولايات المتحدة وأوروبا، قد اقتربت من رقم مليون إصابة بالوباء، وأنّ أعداد الذين ماتوا بسبب إصابتهم به بلغوا عشرات الالاف.. ولا يزال العداد متصاعداً في كلّ يوم، حتى بتنا أمام مسلسل يومي يتمّ فيه تسجيل أعداد كبيرة من المصابين، والمتوفين لأنهم لا يملكون مناعة قوية تحميهم من الموت، او بسبب الأمراض التي يعانون منها..
أولاً، قد يعتبر البعض انّ أرقام المصابين، الذين بلغوا، في لبنان، عتبة الـ500 مصاب، والمتوفين الذين وصلوا إلى 14 شخصاً، التي سجلت حتى الآن، ليست كبيرة، ولا تستدعي التشدّد بإجراءات الحجر المنزلي في النهار، ومنع التجوال من ٧ مساء وحتى ال 5 صباحاً، لكن هؤلاء نسوا انّ الدول، التي بلغت فيها أعداد المصابين عشرات الآلاف، قد بدأت من أرقام مشابهة للمسجلة حالياً في لبنان، وسرعان ما ارتفعت نتيجة الاستخفاف والاستهانة بخطورة الوباء وسرعة انتشاره، ولهذا تعرّضت لكوارث.. فالولايات المتحدة، التي تعامل رئيسها مع الأمر باستعلاء وعنجهية وقلّل من خطورة الوباء، تشهد كوارث في العديد من ولاياتها وتسجل أعداد الإصابات فيها يومياً الآلاف والوفيات بالمئات، لأنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تأخذ على محمل الخطورة مما جرى من انتشار للوباء في الصين ومن ثم في إيطاليا، وإسبانيا،ولهذا هي تدفع اليوم الثمن الكبير، على الرغم من أنها الدولة الأكثر تقدّماً وتطوّراً في العالم.. إلا انها تقف عاجزة عن مواجهة انتشار الوباء والحدّ منه، وتعاني من نقص حادّ في المستلزمات والتجهيزات الطبيةالضرورية لمكافحة الفيروس، فكيف والحال هذه بلبنان إذا ما انتشر الوباء على نطاق أوسع من الآن، وبلغت أعداد المصابين الآلاف -لا سمح الله - من المؤكد سنكون امام كارثة حقيقية..
ثانيا، انّ الحكومة اللبنانية، على الرغم من تواضع إمكانيات الدولة على المستوى الصحي، إلا أنها نجحت من خلال استنفارها السريع، واتخاذ الإجراءات الاحترازية بوقت مبكر، في الحدّ من انتشار الوباء، حتى الآن، حيث يعتبر لبنان في المرتبة 70 بين الدول من حيث أرقام الإصابات نسبة لعدد السكان، وهو ما أوجد مناخاً من الاطمئنان.. لكن إذا لم يبقَ التزام جميع المواطنين بالإجراءات الاحترازية بأعلى الدرجات من التشدّد والانضباط والالتزام، فإنه ليس معلوماً ما اذا كان لبنان سينجو من احتمال فقدان السيطرة على الحدّ من خطر انتشارالوباء وتجنّب مواجهة كارثة، سيكون وقعها أشدّ من الدول التي حصلت فيها كوارث، بسبب ضعف البنية الصحية للدولة اللبنانية، والأزمة الاقتصادية والمالية العاصفة بالبلاد..
ثالثاً، في ضوء التجارب والدروس التي أكدتها خطورة عدم الالتزام بالإجراءات المشدّدة، وفي ضوء نجاح التجربة الصينية في احتواء الوباء والسيطرة عليه، والتعافي منه، فإن المطلوب اليوم من الحكومة والشعب أقصى درجات التشدد في التزام إجراءات التعبئة العامة.. على أنّ الحكومة مطالبة بالانتقال في التعامل، من مرحلة التحذير الرشيد والإقناع بالتزام الحجر المنزلي، إلى مرحلة استخدام الشدّة والحزم مع الذين يخرقون الإجراءات ويرتكبون بذلك جريمة بحق أنفسهم، وحق جميع اللبنانيين، لأنّ هؤلاء المستهترين بالإجراءات سيتسبّبون في انتشار الوباء وحصول الكارثة للجميع.. وفي الوقت نفسه المطلوب من الحكومة أيضاً التعجيل ببدء دفع الإعانات المالية للعائلات الأكثر فقراً والذين فقدوا مورد رزقهم اليومي بفعل إجراءات مكافحة كورونا، وذلك لتوفير الحدّ الأدنى من مستلزمات العيش لهذه العائلات وتمكينها من الصمود والتزام إجراءات التعبئة العامة.. وبالتالي قطع الطريق على من يتخذون من تأخر الحكومة بدء دفع المساعدة المالية مبرراً لكسر قرار الحجر المنزلي…
لقراءة المقال من الموقع الأساسي اضغط هنا