(من الصحافة العبرية)
قال البروفيسور ايتمار غروتو، نائب مدير عام وزارة الصحة، في زمن الموجة الأولى من كورونا، إن العالم بعد الوباء سيختلف جداً عن العالم ما قبل الوباء مثلما حصل -حسب قوله- إن تغير العالم بعد الحربين العالميتين في القرن الماضي.
وقال موشيه بار سيمان توف، مدير عام وزارة الصحة السابق، في زمن الموجة الأولى، إن دولة إسرائيل، كما باقي دول العالم، تعمل على مكافحة تفشي الفيروس الذي لم يكن حتى وقت أخير مضى معروفاً للعلم وللطب في ظل “ضباب كثيف جداً”، وكل هذا وهي تسير في “حقل ألغام” كان المخفي فيه عظيماً جداً. تكاد هذه الأقوال لا تتغير في موجة كورونا الثانية، ويجب أن تتغلغل عميقاً وتدفع مسؤولي وزارة الصحة والحكومة ورئيس الوزراء إلى الاعتراف بأن الوسيلة الطبية لتقليص الضرر الصحي في الوضع الخاص لوباء مثل كورونا، هي التعطيل المؤقت للحياة وللاقتصاد، والحظر على التجمهرات قدر الإمكان. في مثل هذا الوضع، من الأفضل اتخاذ خطوات متشددة مسبقة بشكل صارم من أن يتم ذلك بشكل متأخر.
في ضوء هذا، كان عاجلاً ولازماً أمس أن يؤخذ فوراً بتوصيات وزارة الصحة وإعادة فرض القيود مجدداً في مجالات مختلفة، بما في ذلك إغلاق الكنس والمدارس، ويبدو منذ الآن أن هناك ضرورة لإعادة فرض القيود المتشددة لدرجة الإغلاق. غير أنه ورغم كل التحذيرات التي اتخذت في البحث الخاص للحكومة أمس، لم يكن على ما يبدو لدى أحد تلك الشجاعة الجماهيرية لاتخاذ هذه القرارات القاسية، حين بات معروفاً للجميع بأن القرارات الاحتفالية المتسرعة التي اتخذت بعد الموجة الأولى تكلفنا الآن جميعنا ثمناً باهظاً.
لقد حذر وزير الصحة يولي أدلشتاين، أمس، من أنه إذا لم تأخذ الحكومة على عجل بتوصيات وزارته، فستصل إسرائيل في غضون بضعة أيام إلى اضطرار فرض إغلاق طويل ومتشدد في محاولة لتلطيف حدة استمرار تفشي الوباء. ادلشتاين محقّ، ولكنه في هذه الأثناء فشل، إلى جانب مدير عام وزارته البروفيسور حزاي ليفي، في إقناع الجمهور بضرورة القيود الجديدة والإغلاق، بل وفي إقناع الحكومة نفسها. يبدو أيضاً أن المشكلة المركزية الآن في مكافحة كورونا هي أن الجهاز الناجع، والشجاع، والمهني والمؤثر جداً باتخاذ القرارات في مكافحة الوباء في الموجة الأولى، والذي نجح أيضاً على مستوى عالمي لإنقاذ إسرائيل من ضرر شديد بكورونا (بما فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وموشيه بار سيمان توف، والبروفيسورة سيغال سدتسكي)، تفرق وذاب تماماً ولا أحد يأخذ محله الآن.
تضرب الموجة الثانية من كورونا حتى الآن إسرائيل بشكل شديد جداً، ويظهر كل يوم قرابة 2000 مصاب جديد، وإلى جانب ذلك، ارتفاع ثابت كل بضعة أيام بعشرات المرضى الجدد شديدي الإصابة، وكذا ارتفاع يومي متواصل في عدد مرضى كورونا المتوفين. غير أن الانتباه الجماهيري والإعلامي يتركز، بخلاف الموجة الأولى، على الضرر الاقتصادي والاجتماعي القاسي، وبقدر أقل بكثير على المرضى شديدي الإصابة، وعلى المتوفين وأبناء عائلاتهم. لو كنا نتعرف كل يوم على القصص الشخصية لمرضى كورونا الذين يتوفون كل يوم تقريباً، لرأينا اهتماماً أكبر لدى الجمهور بضرورة اتخاذ قيود جديدة، وربما توقفت تلك التصريحات المعيبة والفضائحية، مثل تصريح أحد النواب الذي دعا الجمهور أمس إلى عدم الطاعة في حالة إعادة فرض الإغلاق على الدولة؛ هكذا قد يكون أيضاً انتباه جماهيري وإعلامي أقل لحفنة الأطباء والمديرين، الذين يعودون ليضللوا بل ويعرضوا الجمهور للخطر، وكأن “كورونا مجرد إنفلونزا”، وأولئك الذين يقولون إنه “لم تكن هنا حتى موجة أولى من كورونا”.