(إيهاب شوقي/ صحافي مصري)
كثيرة هي الغاز ومفارقات وتناقضات كورونا، ولعلنا رصدنا العديد منها عند بداية تفشي الوباء والارتباك الحادث في تصريحات منظمة الصحة العالمية وكذلك الاسلوب الذي اعلنت معظم الدول اتباعه في مواجهة الأزمة.
فتراوحت الأساليب بين الحظر التام وبين الحظر الجزئي وبين رفض منطق الحظر من اساسه مع اتخاذ بعض التدابير الاحترازية.
ولم يكن مفهوما ما هي جدوى الحظر الجزئي وخاصة مع عدم الإلزام باجراءات الحماية مثل فرض الكمامات بالقانون وتحديد أعداد التجمعات في المواصلات والأماكن العامة في فترات فتح الاقتصاد!
كما أنه ليس من المفهوم اتخاذ إجراءات استئناف الاقتصاد وسط تزايد عدد الحالات وفقا للاحصائيات، وهل هو اعتراف بالعجز عن المواجهة اتخذ عنوانا لطيفا مثل "التعايش" ام هو انحسار للخطر وتناقص حقيقي وعلمي في شراسة المرض، ام اتخذ قراراً باتباع قانون الانتخاب الطبيعي "البقاء للاقوى" والمجازفة بتطبيق سياسة مناعة القطيع.
ومن غير المفهوم أيضا تواتر التقارير المرعبة والمعتمدة على التخويف بوجود موجات جديدة من الوباء، والجزم بأنها ستكون اشد ضراوة وفتكاً!
هل هو صراع بين جبهتين عالميتين خفيتين، إحداهما تريد الإغلاق والأخرى تريد الاستئناف؟!
ام هل هي عشوائية وتضارب تحت وطأة مرض غامض لم يكن النظام الاقتصادي العالمي مستعداً له، مما ولد هذا الارتباك؟
وعلى مستوى المجتمعات بدت تناقضات أيضا في تفشي الوباء وخطورة المرض، فقد بدت دول فقيرة ولا تتمتع بإمكانات صحية ضخمة أقل تضرراً من بلدان متقدمة ومتميزة بأنظمة صحية متقدمة، كما بدت دول مارست حالات من الاختلاط الاجتماعي غير المكترث بالوباء أيضا أقل عدداً في الاصابات والوفيات من مجتمعات متقدمة ومتمتعة بوعي صحي وأكثر التزاماً.
ناهيك عن تطور المرض لدى الاشخاص، فبينما فتك سريعا بأشخاص من فئات عمرية صغيرة، استطاع كثير من المسنين الإفلات منه، وهو ما أثار تعجّب بعض الأطباء والذين خرجوا بتصريحات مفادها انه فيروس شخصي لا قانون له ويتعامل ربما مع كل حالة على حدة!
كثير من القصص والروايات التي نُشرت والتي لم تروَ بعد تتحدث عن غرائب هذا الفيروس، الى جانب الكثير من التقارير التي تشير للمؤامرة تارة، وللخديعة تارة أخرى، وللتلكؤ في إنتاج اللقاح والدواء حتى تكثر الأعداد لتغطية تكلفة الانتاج.
لا شك ان المتحصل عليه علميا من انه فيروس مستجد ويعتمد انتشاره على حجم الوعي والالتزام بالاجراءات، وتعتمد خطورته على مناعة الاشخاص، هو قدر مقنع ويحترمه العقل، ولكن التضارب والارتباك والتأخر في وجود حلول رغم ما وصلت اليه البشرية من تراكم وتقدم، ناهيك عن التناقضات والالغاز المشار اليها، تجعل العقول أيضا في حيرة امام ما يحدث.
الاستغلال السياسي للفيروس والاصرار على السياسات الاستعمارية والاستراتيجيات التوسعية، لا تتناسب مع حجم الاضرار الاقتصادية، وربما تضرر الجميع في وقت واحد باعتبار ما يحدث جائحة عالمية لم تغير كثيراً من التوازنات، الا أن الاقتصاد والتنبؤات التي صدرت بشأنه، كانت كفيلة بتغيير الأولويات وهو ما سينعكس قطعاً على السياسات الخارجية وكذلك على الاستراتيجيات، وهو ما لم نرصده على الأقل بشكل ملحوظ، وأيضاً هو ما يضاف كلغز من ألغاز كورونا المتجددة.