نقلًا عن صحيفة الأخبار
«عذر أقبح من ذنب». هكذا وصف بعض المغتربين اللبنانيين، تبرير شركة طيران الشرق الأوسط سبب رفعها أسعار تذاكر العودة إلى بيروت في إطار الخطة الحكومية لـ«إعادة اللبنانيين من الخارج».
في بيان أصدرته أمس، قالت إن الأسعار «ستكون بسعر الكلفة من دون أي أرباح. سعر كلفة المقعد على رحلات الإجلاء يصل في بعض الأحيان إلى حوالى أربعة أضعاف سعر كلفة المقعد على الرحلات العادية بسبب مغادرة الطائرة بيروت فارغة من دون ركاب وعودتها بنصف عدد المقاعد فارغة للإبقاء على مسافة مقبولة بين الراكب والآخر تبعاً للتدابير المتخذة لمراعاة عملية وشروط الإجلاء في ظل تفشي وباء كورونا».
رحلات المرحلة الأولى من الإجلاء تبدأ غداً الأحد. الطائرات ستتوجه نحو عواصم الإمارات والسعودية ونيجيريا وساحل العاج لإجلاء جزء من اللبنانيين الذين سجّلوا أسماءهم في السفارات. وعمّمت الشركة جدول الأسعار على النحو التالي: تذكرة العودة من نيجيريا وساحل العاج على الدرجة الاقتصادية ثمنها 1800 دولار أميركي وعلى درجة رجال الأعمال 3900 دولار. أما من الرياض، فيبلغ ثمن تذكرة العودة على الدرجة الاقتصادية 650 دولاراً وعلى درجة رجال الأعمال 1300 دولار. ومن أبو ظبي، يبلغ ثمن تذكرة العودة 750 دولاراً للدرجة الاقتصادية و1500 دولار لدرجة رجال الأعمال. لكن بالمقارنة بين أسعار الإجلاء وأسعار تذاكر العودة في الرحلات العادية، يظهر بأن «أجنحة الأرز» تسرق المغتربين تحت غطاء الإجلاء وتكذب مدّعية بأنها تستوفي سعر الكلفة من دون أي أرباح.
رحلة الذهاب والإياب إلى أكرا عاصمة غانا، على سبيل المثال، التي تسيّرها «الميدل إيست» ثلاث مرات في الأسبوع في الأيام العادية، تتوزع أسعار تذاكرها بين حوالى 655 دولاراً للدرجة الاقتصادية وحوالى 2600 دولار لدرجة رجال الأعمال. علماً بأن تلك الأسعار ترتفع في مواسم الذروة التي تشهد امتلاءً تاماً لعدد مقاعد الطائرة البالغ 244 على خط واحد. مع بداية الصيف تمتلئ رحلات الذهاب إلى بيروت، بينما تكون الرحلات من بيروت إلى أكرا شبه فارغة. المشهد ينقلب مع نهاية الصيف لتمتلئ رحلات الإياب وتفرغ رحلات الذهاب. باحتساب مجموع التذاكر على تلك الأسعار، فإن الشركة تجني في كل رحلة كاملة العدد من بيع التذاكر، حوالى 244 ألف دولار أميركي. أما بالنظر إلى أسعار تذاكر رحلات الإجلاء، فمن المفترض بأن يبلغ عدد ركاب الدرجة الاقتصادية الـ 100 في مقابل 22 مقعداً في درجة رجال الأعمال (مع الأخذ في الحسبان بأن الشركة قد تستقبل أكثر من 22 راكباً بسبب تباعد المقاعد عن بعضها البعض في حال لم ترسل الطواقم الطبية). مجموع بيع التذاكر سيبلغ 265 ألف دولار أميركي استناداً إلى أسعار الشركة أي بزيادة حوالى 20 ألف دولار عن الرحلة العادية، ما يعني 200 دولار إضافية لكل راكب. علماً بأن رحلة الذهاب من أكرا إلى بيروت تتراوح في الأيام العادية بين 280 و360 دولاراً ومن بيروت إلى أكرا تبلغ نحو 300 دولار أميركي. ما يعني بأن الشركة ضربت السعر العادي بخمسة أضعاف في تذكرة الإجلاء (1800 دولار). حاولت «الأخبار» التواصل مع رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت من دون جدوى. لكن مصادر مكاتبها في أكرا وأبيدجان أكدت لـ«الأخبار» بأن حسابات الشركة «تهدف إلى تجنّب الخسارة من رحلات الإجلاء». لكنّ مسؤولين في الجاليات اللبنانية هناك نقلوا بأن «الميدل إيست» هدفت «إلى تعويض جزء من خسائرها جراء إلغاء موسم عطلة عيد الفصح التي كانت تشهد سفر عدد كبير من اللبنانيين إلى لبنان لتمضية العيد مع عائلاتهم».
بيان الشركة لفت إلى أن تذاكر الأطفال ما دون السنتين سيتم استيفاء 10 في المئة من ثمنها. فيما الأموال المدفوعة لحجز التذاكر «غير قابلة للاسترداد لأن تأكيد الحجز وتسجيل الأسماء على متن رحلات الإجلاء يعدّ نهائياً ويستحيل إلغاؤه لارتباط عدد المسافرين بالتكلفة الصافية للرحلة ومن دون أي أرباح. كما لا يمكن استخدام بطاقات الشركة المصدرة سابقاً على متن رحلات الإجلاء. إنما ستكون صالحة للاستعمال لاحقاً على الرحلات المجدولة».
يبدو بأن الشركة لا تحمّل تكلفة رحلة الذهاب الفارغة ورحلة الإياب شبه الفارغة للعائدين فحسب. بل إنها تكبدهم خسائرها الناجمة عن توقف الرحلات أيضاً في الفترة الحالية. علماً بأن المغتربين، ولا سيما لبنانيي أفريقيا، لطالما اشتكوا من استغلال الشركة لحاجة البعض إلى السفر على خط مباشر بين غانا وساحل العاج ونيجيريا، لتفرض أسعاراً مضاعفة بالمقارنة مع أسعار الشركات الأخرى. ما دفع بالكثيرين في السنوات الأخيرة إلى اعتماد رحلات على خطوط مباشرة لكن أرخص ثمناً من رحلات الميدل إيست.
على صعيد متصل، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين على موقعها الإلكتروني بأن عمليات الإجلاء تتسع يومياً لـ400 راكب فقط من جميع الدول. وبالنظر إلى السقف الذي حدّده رئيس الحكومة حسان دياب أول من أمس للعدد المسموح لإعادته (25 في المئة من رقم 10 آلاف الذي حددته الخطة في مرحلتها الأولى)، قد يستلزم الإجلاء أقل من أسبوع واحد.
وكان بيان «الميدل إيست» قد طلب من «الراغبين بالعودة والمدرجة أسماؤهم على اللوائح المعدّة من قبل السفارات اللبنانية في الخارج، مراجعة مكاتبها في الدول التي سيتم السفر منها لحجز وإصدار بطاقاتهم، مع التذكير بإلزامية تعبئة النموذج الطبي المطلوب كشرط للصعود إلى الطائرة وإرساله إلى وزارة الصحة اللبنانية عبر البريد الإلكتروني التالي: Preventivemedecine.lb@gmail.com».
على صعيد متصل، عمّمت قوى الأمن الداخلي التدابير التي ستتخذها بالتزامن مع وصول طائرات الإجلاء بدءاً من يوم غد. ولفتت إلى أن العائدين «سيخضعون لإجراء فحوصات طبية وتعبئة استمارة من قبل وزارة الصحة ثم المغادرة في حال كانت نتيجة الفحص سلبية. وفي حال كانت إيجابية يُنقل المصابون إلى مراكز العلاج أو الحجر بواسطة الصليب الأحمر اللبناني». والتزاماً بقرار التعبئة العامة، ستمنع القوى الأمنية التجمّع خارج حرم المطار أو داخله على أن تسمح لفرد واحد من عائلة العائد استقباله.
لقراءة المقال من الصحيفة اضغط هنا