نقلاً عن الجزيرة نت
تظهر بيانات منظمة الصحة العالمية وجامعة جونز هوبكنز أن أكبر الزيادات في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد والوفيات الناتجة عنه حدثت في 3 دول هي الولايات المتحدة والبرازيل والهند. وعلى مستوى العالم اقترب عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد من 15 مليون شخص، ووصل عدد الوفيات إلى أكثر من 600 ألف شخص بنهاية أمس الاثنين.
وعلى الرغم من التفاوت الكبير بين الدول الثلاث من حيث كثافة وأعداد سكانها أو مستوى التقدم التكنولوجي والعلمي وطبيعة البنية التحية الصحية فإن حكومات تلك الدول تبنت سياسات متشابهة دفعت لارتفاع نسب الإصابات والوفيات بالفيروس.
وتبلغ نسب تلك الدول الثلاث أكثر من 40% من نسب الوفيات العالمية بفيروس كورونا، وتخطت نسبة الإصابات فيها 49% من إجمالي الإصابات العالمية بالفيروس.
وفيما يلي أرقام الإصابات والوفيات المسجلة عالميا وفي الدول الثلاث الأكثر تضررا:
العالم
عدد السكان: 7.8 مليارات نسمة
إجمالي إصابات فيروس كورونا: 14.5 مليون إصابة
إجمالي الوفيات العالمية جراء الفيروس : 606 آلاف.
الولايات المتحدة
عدد السكان: 328 مليون نسمة
إجمالي إصابات فيروس كورونا: 3.8 ملايين
إجمالي الوفيات جراء الفيروس: 143 ألف وفاة
البرازيل
عدد السكان: 209 ملايين
إجمالي إصابات فيروس كورونا: 2.1 مليون إصابة
إجمالي الوفيات جراء الفيروس: 80 ألفا
الهند
عدد السكان : 1.35 مليار نسمة
إجمالي إصابات فيروس كورونا: 1.2 مليون
إجمالي الوفيات جراء الفيروس: 27 ألفا
ما يجمع ترامب وبولسونارو ومودي؟
اتفق قادة الدول الثلاث الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو ورئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي على التقليل من خطورة الفيروس في مراحله المبدئية، ثم تباطؤوا في اتخاذ إجراءات احترازية بصورة سريعة وجادة معه منذ بدء انتشاره في دولهم.
ولعبت طبيعة النظام السياسي الفدرالي في الدول الثلاث دورا كبيرا في عدم اتخاذ خطوات تنسيقية موحدة حازمة بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين بقية ولايات وأقاليم الدولة المترامية الأطراف.
وترك الرئيس دونالد ترامب إلى حد كبير استجابة الفيروس التاجي لحكام الولايات، وهو ما حدث بصورة كبيرة مشابهة في البرازيل والهند.
ويرى جيرمي يوودا أستاذ سياسات الصحة العامة العالمية في جامعة مينيسوتا أنه "عندما تجد استمرار زيادة نسب الإصابات بفيروس كوفيد-19 بنسب عالية في عدد قليل من الدول فإن عليك النظر لطريقة إدارة قيادتها لمواجهة الفيروس".
وأكد يوودا في حديث مع الجزيرة نت أنه "على الرغم من الاختلافات الظاهرة بين الولايات المتحدة والبرازيل والهند فإن ما يوحدها ويجعلها معرضة بشكل فريد لفيروس كورونا المستجد هو الافتقار إلى القيادة الحكومية الرشيدة بشأن التصدي للوباء".
وعلى العكس من الدول الثلاث اتخذ قادة بعض الدول إجراءات حاسمة منذ البداية كألمانيا وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، وتم تشديد الإغلاق مبكرا وبحزم، ولم يتم تخفيف الإجراءات إلا بعد ظهور علامات على بدء السيطرة على انتشار الفيروس، وهو ما لم تشهده الولايات المتحدة ولا الهند ولا البرازيل حتى الآن.
"إذا نظرتم إلى البلدان التي نجحت في معالجة انتشار الفيروس حتى الآن ترون نماذج لدول تأخذ فيها القيادة السياسية المرض على محمل الجد، وحيث توجد رسائل واضحة ومتسقة إلى عامة الناس، وحيث يثق الجمهور في حكومتهم" يقول البروفيسور يوودا.
وقلل ترامب لأسابيع من خطورة الفيروس، كما استهزأ الرئيس البرازيلي بولسونارو عدة مرات بخطورة تفشي الفيروس في بلاده، وسخر من توصيات منظمة الصحة العالمية، ودفع إلى إبقاء اقتصاد البرازيل مفتوحا، واصفا أي خيارات أخرى بأنها "طريق إلى الفشل".
وفي الهند لم تكن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي مستعدة للتصدي للفيروس، حيث تم رفع الإغلاق في جميع أنحاء البلاد مبكرا بسبب الخوف من وقوع أزمة غذائية وقيام الكثير من المواطنين باحتجاجات واسعة النطاق مناهضة للحكومة.
وأضاف البروفيسور يوودا "في الولايات المتحدة والبرازيل والهند نرى زعماء قللوا من خطورة الفيروس، ووجهوا رسائل مختلطة، ويتشاجرون ويختلفون علنا مع غيرهم من المسؤولين السياسيين ومسؤولي الصحة العامة الذين حاولوا جعل قضية انتشار فيروس كورونا المستجد أكثر أهمية".
وأقال بولسونارو وزير الصحة، واستقال وزير صحة آخر بسبب الخلاف على طريقة تعامل الحكومة في مواجهة تفشي انتشار الفيروس، ويشغل المنصب حاليا جنرال من الجيش البرازيلي.
الشعبوية وغياب العمل الجماعي
ولا يخفي الرئيس ترامب من جانبه اعتراضه على توصيات مسؤولي قطاع الصحة العامة، ويهاجم ترامب والإعلام المؤيد له مدير المعهد الوطني للأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي على خلفية تبنيه مواقف تختلف عما يفضله الرئيس.
ورفض ترامب وبولسونارو لعدة أشهر ارتداء كمامة الوجه، واضطر الرئيسان لارتدائها لاحقا في مناسبات محدودة، ويعتبران أن ارتداء الكمامة يعد من "الحريات الخاصة" التي يجب أن تترك للمواطنين لتقرير ارتدائها من عدمه.
وذكر البروفيسور يوددا أن العمل الجماعي العالمي المشترك يعد حجر أساس للتوصل إلى اكتشاف مصل يساعد في القضاء على الفيروس، فيما "يقود البلدان الثلاثة حاليا زعماء ذوو اتجاهات شعبوية قومية، وهذا التوجه الأيديولوجي يتعارض مع تفشي مرض جديد تماما ويتطلب تعاونا عالميا للتصدي بفعالية له".
وأضاف أن "مكافحة فيروس كورونا المستجد تتجاوز التقدم التكنولوجي والطبي، ولا ترتبط بالخصائص المحددة لنظام الرعاية الصحية في دولة أو أخرى، الجوهر هو استعداد الحكومة والقيادة السياسية لتولي زمام المبادرة وتقديم التوجيه الفعال للمواطنين، وهذا ما تفتقده هذه الدول الثلاث".