(من الصحافة العبرية)
ستبدون متفاجئين، لقد مرت بصعوبة عشرة أيام بين تعيين البروفيسور روني غمزو مديراً وطنياً لكورونا وبداية الهجمات على أدائه. اقتبست أقوال وزراء في الكابنت لـ”صوت الجيش” بأن سلوك غمزو في جلسة كابنت كورونا كان سلوكاً “محرجاً” وظهر وكأنه “ضائع”.
إذا تحول هذا الانتقاد إلى هجوم مباشر وإلى الخطابات المعروفة لمقدم النشرة المسائية في “صوت الجيش”، فسنعرف بأن ليس هنا موضوع تحفظ محدد، بل محاولة متعمدة لإفشاله من أعلى. تم تعيين غمزو كورقة تين تخفي إخفاقات الحكومة في معالجة الفيروس؛ ربما ينهي مهمته مثل كبش فداء في المناخ الحالي.
يقوم هذا المدير بالعمل في هذه الأثناء؛ أمس تجول في “المدن الحمراء” ومراكز تفشي الفيروس التي يسجل فيها كل يوم نحو 20 في المئة من الفحوصات الإيجابية مقابل ربع هذه النسبة في بلدات أخرى. وليس صدفة أن يعيش في جميع البلدات والأحياء “الحمراء” مواطنون من الـ 20 في المئة الأكثر ضعفاً اقتصادياً. هذا جمهور يعيش باكتظاظ وفي ظروف أقل راحة، وأحياناً يصعب عليه عزل نفسه عندما يكون مريضاً، سواء بسبب عدد الأفراد الكبير في كل شقة أو بسبب الصعوبة في كسب الرزق.
بصورة واضحة للعيان، معظم هذه البلدات هي أصولية وعربية، أو أن فيها عدداً كبيراً من السكان الأصوليين. ومثلما قال رئيس الحكومة نتنياهو ذات مرة في سياق آخر عن الاقتصاد الإسرائيلي، يبدو أن وضعنا ممتاز باستثناء الأصوليين والعرب.
القاسم المشترك الآخر بين البلدات الحمراء هو أن هناك بلديات ومجالس متعبة تعمل، منها التي عانت من ضرر الفيروس في الموجة الأولى ولم تنتعش بعد منذ ذلك الحين. هذه البلدات ذات الموارد المحدودة يعاني كثير منها من أداء معتدل في الأيام العادية، وتجد صعوبة في التعامل مع عبء كورونا مع مرور الوقت. إن بلديات قوية مثل بلدية تل أبيب وبلديات أقل غنى لكنها مع ذلك حازمة مثل بلدية “اشدود” وبلدية اللد أحسنت التعامل مع هذا التحدي عندما اكتشف فيها تفشي كورونا. أما بلديات ومجالس أكثر ضعفاً فقد احتاجت إلى مساعدة من الخارج، على الأغلب من الجيش أو من مديرين مؤقتين مثل جنرالات في الاحتياط. ولكن المشاكل بقيت على حالها ويمكن أن تشتد إذا طالت فترة الإصابات الكثيرة.
نقطة ضعف أخرى، ربما أكثر أهمية، تتعلق باستعداد صناديق المرضى والمستشفيات. وهنا يمكن لمس تآكل بعد خمسة أشهر على مواجهة كورونا، التي احتاجت إلى وسائل حماية كبيرة ويقظة دائمة من لمنع إصابة الطواقم الطبية. المستشفيات بعيدة عن الاكتظاظ والوضع حالياً – نحو 330 مريضاً في حالة خطيرة، وأقل من 800 يعالجون – تذكر بفصل إنفلونزا عادية في الشتاء. ولكن المشكلة مزدوجة: أولاً، الجهاز ضعيف ومحدود في قدرته مسبقاً، إزاء مكانه المتدني في سلم الأولويات الوطنية. ثانياً، الشتاء لم يأت بعد. ربما لا تزال أمامنا ذروة فصل كورونا، وربما يندمج مع الإصابة بالإنفلونزا.
عندما تجول غمزو في المدن الحمراء زار رئيس الحكومة نتنياهو ورئيس الحكومة البديل بني غانتس “قيادة مهمة قطع سلسلة العدوى”، هذا هو نفس جهاز الأبحاث الوبائية الذي تحدث عن الضرورة الملحة له كل الخبراء منذ أيار دون أن تفعل الحكومة شئاً. واليوم أنشئ في قيادة الجبهة الداخلية بمساعدة مئات معايير البحث التي خصصها الجيش الإسرائيلي لهذه المهمة.
يتعلق جزء من الخلاف الداخلي في كابنت كورونا بكيفية البدء في تشغيل الآلية. تفاجأ جهاز الصحة من السرعة التي انتظم فيها الجيش لهذه المهمة التي ألقيت عليه بصورة متأخرة. ولكن يرتبط نجاح الجهود للعثور على فحص وعزل الأشخاص الذين خالطوا مصابين مشخصين بالبيانات الأولية لوضع العدوى.
وأوقفت الزيادة في الإصابة اليومية قبل نحو أسبوعين. ولكن العدد اليومي للمرضى الجدد بقي مرتفعاً (أول أمس سجل تقريباً 1800 مصاب في اليوم). هذا أحد التبريرات للفكرة التي يطرحها نتنياهو، التي لها داعمون في جهاز الأمن، والتي تقول إنه يجب إعادة فرض إغلاق شامل لعدة أسابيع بدءاً من نهاية الشهر أو من بداية أيلول. القصد هو أن نخفض الإصابة إلى 400 مصاب جديد في اليوم، وهي نسبة يكون بالإمكان معها البدء بتنفيذ أبحاث وبائية بصورة ناجعة.
يريد غمزو -الذي يظهر حساسية أكبر من معظم الوزراء تجاه الأضرار الشديدة، الاقتصادية والصحية والنفسية، التي أدى إليها الإغلاق الأول- الامتناع عن القيام بخطوة متطرفة كهذه. نتنياهو متأثر كما يبدو مما يسمعه من زعماء العالم. هؤلاء في الحقيقة توقفوا عن الاتصال به لتقليد النجاح الإسرائيلي كما اعتاد التفاخر في أيار. ولكنهم يواصلون تبادل التقديرات والبيانات معه على قاعدة ثابتة. عبر البعض منهم أمامه عن دهشتهم من أن إسرائيل لا تعود إلى فرض الإغلاق في الوقت الذي يرتفع فيه عدد المصابين الجدد.
في الخلفية يختفي هناك اعتبار آخر. رغم نفيه، يبدو أن الزخم الذي حصلت عليه المظاهرات ضده هو أمر مقلق لرئيس الحكومة. وقد يساعده إغلاق آخر على تقليص حركة الاحتجاج كما حدث بدرجة ما في الإغلاق الأول في آذار. أشار الوزير ايلي كوهين (الليكود) أمس إلى ذلك في مقابلة أجراها مع قناة “103” الإذاعية عندما قال إنه ومع فرض الإغلاق ستكون هناك “قواعد موحدة للجميع ولن يكون بالإمكان إجراء مظاهرات حاشدة”. من المشكوك فيه أن تصمد أقوال كوهين، التي تطابق رأي نتنياهو، في اختبار المحكمة العليا. في حالة كهذه، من المعقول أن يتم تقديم التماس ضد الحكومة والشرطة.
فوق كل المشاكل المستعجلة التي تم ذكرها، تحلق المشكلة التي تبدو أكبر منها جميعاً: عدم الثقة العامة بتقييمات القيادة، وبالتالي بسياسة مواجهة كورونا. استقبل تعيين غمزو المتأخر بردود إيجابية نسبياً من جانب المواطنين. ولكن الفضائح المناوبة، وقرار إدخال نحو 17 ألف طالب من طلاب المدارس الدينية والطلاب من الخارج إلى اسرائيل، وسياسة الإعفاءات والتسهيلات من العزل للوزراء الذين خالطوا مصاباً مشخصاً، والفضيحة المناوبة التي يصدرها يئير نتنياهو.. كل ذلك يثقل على درجة تعاون الجمهور مع التعليمات وتزيد العداء تجاه الحكومة.
في هذه الأثناء، عنوان الاحتجاج المدني ضد الحكومة هو بنيامين نتنياهو، وبدرجة أقل بني غانتس. ولكن يجب على البروفيسور غمزو أن يكون لاعباً سياسياً ومدرباً كي يستطيع فصل نفسه عن نتنياهو، وفي الوقت نفسه الاستعانة برئيس الحكومة في النضال ضد الفيروس.