مع العودة التدريجية للحياة في بعض البلدان بعد الإغلاق الذي أعقب انتشار فيروس كورونا المستجد "سارس كوف 2" المسبب لمرض كوفيد-19، عاد الكثيرون لمزاولة أعمالهم في المكاتب بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة. فهل المراوح وأجهزة التكييف آمنة في أماكن العمل في ظل كورونا؟ ماذا يحدث إذا عطس شخص مصاب بكورونا في المكتب والمروحة تعمل؟
حسب المعلومات المتاحة حتى الآن، فإن السبيل الرئيسي لانتقال فيروس كورونا بين البشر يكون عبر امتصاص الجهاز التنفسي بجسم الإنسان حبيبات سائلة تحتوي على الفيروس، وفقا لما نقل موقع دويتشه فيلله عن معهد روبرت كوخ. وتنتج هذه الحبيبات السائلة عبر التنفس والكحة والعطس والكلام، وبناء على حجمها يمكن التفريق بين كونها قطرات أم غبارا جويا.
ويعد حجم حبيبات الرذاذ من العوامل الرئيسية التي تحدد كيفية انتقال الفيروس، فهل الحبيبات كبيرة بما يكفي لتسحبها قوة الجاذبية للأسفل؟ أم إنها صغيرة بما يكفي ليحملها الهواء وتنتقل معه؟
وما زال الجدل مستمرا بين العلماء فيما يتعلق بحجم هذه الحبيبات، وما يحدث لها، وطرق انتقالها وصولا للجهاز التنفسي للإنسان.
ومع العودة التدريجية لأماكن العمل عقب إجراءات الإغلاق، قام فريق بحثي من قسم الصحة بالجامعة التقنية بوسط ولاية هيسن الألمانية (مقرها في مدينة فريدبيرغ) بإجراء تجربة لمحاكاة ما يحدث بالضبط لدى عطس شخص داخل حجرة مكتب تقليدية، وفقا لما نقل دويتشه فيلله عن النسخة الألمانية من موقع بيزنس إنسايدر.
ولمراقبة حركة الرذاذ الناتج عن العطس، ثبت فريق البحث جهاز رصد على سطح المكتب. ووجد الباحثون أنه في حالة عدم ارتداء الموظف قناعا أثناء العطس، يمكن للرذاذ الانتشار لأبعد من مترين ونصف المتر خلال ثانية واحدة، بل يمكن كذلك للرذاذ أن يصل لمسافة تصل حوالي ثمانية أمتار كحد أقصى.
ولكن أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث بوجود مروحة على سطح المكتب حيث تساهم في نشر الفيروس في الحجرة بأكملها خلال ثوان، وذلك في حالة إبقاء النوافذ مغلقة.
وتكمن المشكلة الرئيسية في اعتراف الكثيرين بعدم القدرة على ارتداء القناع طوال الوقت داخل أماكن العمل. وفي المقابل، وجد الباحثون أن ارتداء قناع قطني لتغطية الفم والأنف يؤدي لوصول الرذاذ عند العطس لمسافة متر ونصف المتر فقط.
وأوصى الفريق البحثي بضرورة ارتداء قناع داخل الغرف المغلقة، مؤكدين أنه "حتى أبسط الأغطية للفم والأنف يمكنها توفير حماية أساسية في حالة وجود أكثر من شخص في الغرفة الواحدة".
أما فيما يتعلق باستخدام أجهزة التكييف، فترى غوسيه لويز غيمينز الأستاذة في جودة الهواء في جامعة كولورادو الأميركية، أن استخدامها في بعض الحالات يمكن أن يزيد من فرص انتشار العدوى بالفيروس، وفقا لما نقلت دويتشه فيلله عن موقع أتلانتك. كما يذكر الموقع واقعة التقاط أشخاص بمطعم في هونغ كونغ لفيروس كورونا من شخص حامل للفيروس بسبب أجهزة التكييف.
فمن خلال تحليل أجرته كلية الصحة العامة التابعة لجامعة هونغ كونغ، تم التوصل إلى أن جميع من كانوا يجلسون على الطاولات القريبة من الشخص المصاب بالفيروس لم تنتقل لهم العدوى نهائيا، إذ تسببت أجهزة التكييف بالمطعم في دفع الهواء حينها في اتجاه الأشخاص البعيدين عن الرجل المصاب بالفيروس مما أدى لانتقال العدوى إليهم.
ويرشح الموقع وسيلتين لمواجهة احتمال وجود الفيروس بالأماكن المغلقة، الوسيلة الأسهل والأقل كلفة من خلال إنعاش الهواء عن طريق فتح النوافذ لإدخال هواء جديد للمكان من الخارج. ولكن في حالة صعوبة القيام بهذا، فلا بد من استخدام فلاتر تعقيم الهواء لإزالة حبيبات الفيروس الموجودة في الجو.