(موقع العربي الجديد)
نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، قوله اليوم الأربعاء، إنّ المزاعم بأنّ لقاح كوفيد-19 الروسي غير آمن، لا أساس لها من الصحة ومدفوعة بالمنافسة. ويأتي هذا الإعلان بعد تأكيد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، أنّ بلاده طوّرت "أول" لقاح ضد فيروس كورونا، الأمر الذي لا يزال يحتاج إلى توثيق مستقل وعلمي بحسب منظمة الصحة العالمية.
ويثير اللقاح الروسي الكثير من الجدل حول العالم، بعد أن أعلنت روسيا طموحها في بدء إنتاجه، اعتباراً من سبتمبر/ أيلول المقبل، فيما لم تنته الاختبارات بعد، وتبدأ المرحلة الثالثة منها على آلاف المتطوعين الأربعاء. وأطلقت روسيا على لقاحها اسم "سبوتنيك في"، تيمناً بالانتصار السياسي والعلمي الذي حقّقه الاتحاد السوفييتي إبان الحرب الباردة بإرسال "سبوتنيك"، أول قمر صناعي، بنجاح إلى الفضاء، في مؤشر إلى طموحها الكبير في تحقيق إنجاز في مجال اللقاح. وقال بوتين: "هذا الصباح (الثلاثاء)، ولأول مرّة في العالم، تمّ تسجيل لقاح ضدّ فيروس كورونا في روسيا". وأضاف: "أعلم أنه فعّال بما فيه الكفاية، وأنه يعطي مناعة مستدامة". وأكّد الرئيس أنّ إحدى بناته تلقت اللقاح الذي طوّره مركز نيكولاي غاماليا للأبحاث في علم الأوبئة وعلم الأحياء الدقيقة، بالتعاون مع وزارة الدفاع الروسية.
وأعلن رئيس الصندوق السيادي الروسي المشارك في تطوير اللقاح، كيريل ديمترييف، أنّ عشرين دولة أجنبية طلبت مسبقاً "أكثر من مليار جرعة"، من دون أن يحدد من هي تلك الدول، لكنه أشار إلى أنّ الإمارات والسعودية وإندونيسيا والفيليبين والبرازيل والهند أعربت عن "اهتمامها" باللقاح. وبحسب الصندوق السيادي، فإنّ روسيا جاهزة لإنتاج 500 مليون جرعة في العام في خمس دول، مضيفاً أنّ بدء الإنتاج التجاري مقرّر في سبتمبر/أيلول. وأكّدت وزارة الصحة الروسية أنّ التلقيح المزدوج "سيسمح بتشكيل مناعة طويلة"، قد تستمرّ "لعامين".
تدقيق "صارم"
وتابع بوتين: "الأهمّ بالطبع هو أن نتمكن في المستقبل من ضمان أمان غير مشروط في ما يخصّ استخدام هذا اللقاح". ويفترض أن تجرى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في روسيا والخارج، وفق الصندوق السيادي، لا سيما في الإمارات والسعودية والفيليبين. بحسب السلطات الروسية، يفترض تلقيح الطواقم الطبية والمعلمين الروس في أغسطس/ آب وسبتمبر/أيلول، بينما يبدأ تداول اللقاح في يناير/كانون الثاني 2021.
وهذا اللقاح هو ناقل فيروسي، إذ يستخدم كركيزة فيروساً آخر تمّ تحويله وتكييفه لمحاربة كوفيد-19. وتقنية استخدام فيروس غدي هي تلك التي اختارتها أيضاً جامعة أوكسفورد. ومنذ بدء الأبحاث، اتُهم مركز غاماليا بانتهاك البروتوكولات الاعتيادية بهدف تسريع الآلية العلمية إلى أقصى حدّ. وحتى الآن لم تنشر روسيا دراسات مفصّلة لنتائج تجاربها التي تسمح بالتثبت من النتائج التي أعلنتها. والثلاثاء، أكّدت منظمة الصحة العالمية أنه في ظلّ غياب "ترخيص مسبق" من جانبها، عليها التحقق بموجب "آليات صارمة" من كافة البيانات التي "جمعت خلال التجارب السريرية". ولا يزال الشكّ سائداً في أوساط المجتمع العلمي في الخارج. واعتبر البروفسور فرنسوا بالو، من المعهد الجيني في جامعة "كولدج لندن"، أنّ الإعلان الروسي "فاقد للوعي والمعنى"، لأنّ أي منتج "لم يختبر بطريقة ملائمة... قد تكون له نتائج كارثية".
هجمات "سياسية"
أوضح الطبيب، أيفر علي، المتخصّص في مجال البحث الدوائي في "وورويك بينزنس سكول" أنّ لقاحاً سيئاً قد "يسهل العدوى من خلال الأجسام المضادة، وهي ظاهرة لا يوفر خلالها اللقاح حماية جيدة... وبدلاً من ذلك، يسهل دخول الفيروس إلى الجسد ويفاقم المرض". من جانبه، قال أستاذ علم المناعة في "إيمبريال كولدج" في لندن، داني ألتمان، إنّ "الأضرار الجانبية للقاح غير آمن وفعّال قد تفاقم من مشاكلنا الحالية بشكل لا يمكن التغلّب عليه". وحتى قبل صدور انتقادات، ندّد ديميترييف بـ"الهجمات الإعلامية المنسّقة" ضدّ اللقاح الروسي. وأكّد أنّ "سلامة وصحة الناس العاديين" أُخذت "رهينة المشاحنات السياسية"، في ظلّ الخلافات العديدة التي تجمع بين روسيا والغرب. وأضاف "لننسَ السياسة ونستفد من اللحظة... لن نفرض اللقاح على أحد". وأكّد أنّ المعلومات التكميلية المتعلقة باللقاح "أرسلت إلى منظمة الصحة العالمية". وتعمل روسيا منذ أشهر، مثل كثير من الدول الأخرى حول العالم، على مشاريع عديدة للقاحات ضد كوفيد-19.
الولايات المتحدة وإسرائيل
في الولايات المتحدة، أعلن، اليوم الأربعاء، خبير الأوبئة ومدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، أنطوني فاوتشي، أنّه يشكّ بشكل جدي في أنّ روسيا نجحت في إنتاج لقاح فعّال وآمن لكوفيد-19. بينما قال وزير الصحة الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، إنّ إسرائيل ستفحص لقاح كوفيد-19 الروسي، وستدخل في مفاوضات لشرائه إذا تبيّن أنه "منتج فعّال".
وقال وزير الصحة الإسرائيلي للصحافيين: "نتابع بحذر كلّ تقرير، بغض النظر عن الدولة... ناقشنا بالفعل التقارير الواردة من مركز الأبحاث في روسيا حول تطوير اللقاح".
وأضاف: "إذا اقتنعنا بأنه منتج فعّال، فسنحاول أيضاً الدخول في مفاوضات. لكنني لا أريد أن أضلّل أحداً. يعكف خبراء الوزارة على هذا الأمر طوال الوقت. لن يأتي اللقاح غداً".
وتعمل إسرائيل على تطوير لقاح وتعتزم بدء التجارب البشرية بحلول أكتوبر تشرين الأول/ أكتوبر.
ألمانيا
قال وزير الصحة الألماني، ينس سبان، اليوم الأربعاء، إنّ اللقاح الروسي لمرض كوفيد-19 لم يختبر على نحو كافٍ، مضيفاً أنّ الهدف هو ابتكار منتج آمن وليس أن يكون بلداً ما الأول في توفير لقاح للناس فحسب.
وعبّر بعض الخبراء عن قلقهم بشأن قرار موسكو منح الموافقة للقاح قبل استكمال التجارب النهائية.
وقال سبان، لراديو دويتشلاند فونك: "قد يكون من الخطير البدء في منح اللقاح للملايين، إن لم يكن المليارات من الناس، في وقت سابق لأوانه لأنّ هذا قد يقضي تماماً على تقبل فكرة اللقاح، إذا لم تمض الأمور على ما يرام، لذلك فأنا حذر جداً بشأن ما يحدث في روسيا".
وأضاف: "يسعدني أن يكون هناك لقاح مبدئي جيد، لكن استناداً إلى كل ما نعرفه، وهذه هي المشكلة الرئيسة لأن الروس لا يخبروننا بالكثير، فهذا (اللقاح) لم يختبر على نحو كافٍ".
وتابع أنّه من المهم جداً، حتى أثناء الجائحة، إجراء الدراسات والاختبارات ذات الصلة بشكل صحيح ونشرها على الملأ للحصول على ثقة الناس في اللقاح.
وبلغت نسبة نجاح التجارب السريرية للقاح الروسي عشرة بالمئة فحسب، ويخشى بعض العلماء من أن تكون موسكو تضع المكانة القومية قبل السلامة.
فرنسا
وأعلن وزير الصحة الفرنسي، أوليفييه فيران، أمس الثلاثاء، أن فرنسا والأوروبيين "بانتظار مختبرات كبرى للحصول على لقاح"، في وقت تؤكد روسيا أنها طورت "أول لقاح" ضد فيروس كورونا. وأضاف خلال زيارة لمنتجع لا غراند موت بجنوب فرنسا، "إننا في نهج أوروبي (...) يتعاون مع كافة المختبرات الكبرى لكي نتوصل إلى تطوير لقاح". وتابع "آمل بالطبع أن يطور في أقرب فرصة. يتحدث البعض عن توافره في الخريف والبعض الآخر في الفصل الأول من 2021". وأضاف الوزير الفرنسي: "لست مضطراً لأثق باللقاح الروسي... مجمل الدول الأوروبية تعمل بإشراف المفوضية الأوروبية مع كافة المختبرات لكي نتمكن فور تطوير أحدها للقاح، ثبتت فعاليته، من أن نسمح فوراً للشعب الفرنسي بالاستفادة منه وكذلك كل الشعوب الأوروبية" والدول "العاجزة عن الوصول إلى سوق اللقاحات".