(جريدة الأخبار اللبنانية)
بحسب تقرير لوكالة «رويترز»، ووفقاً لتصريح خبير الأوبئة الأميركي أنتوني فاوتشي الجمعة الماضي إلى صحيفة «واشنطن بوست»، بات مؤكداً أن العلماء في الولايات المتحدة الأميركية بدأوا عملية صنع نسخة جديدة من فيروس كورونا «غير ضارة» بِمَن يصاب بها، وذلك من أجل تعريض المتطوّعين في التجارب السريرية على اللقاحات مباشرةً للفيروس.
وتمرّ عملية صنع أيّ لقاح بثلاث مراحل أساسية من التجارب السريرية: المرحلة الأولى، يتمّ فيها حقن أقلّ من 100 مشارك لتحديد سلامة اللقاح، بينما يصل عدد المشاركين في الثانية إلى المئات؛ أما في الثالثة، فيتمّ توسيع الدراسة لتشمل آلاف المتطوعين. في المرحلة الأخيرة، يعود المشاركون إلى حياتهم اليومية، ويقارن الباحثون، على مدى أشهر، معدّلات الإصابة بين الذين حُقنوا بلقاح وهمي، وأولئك الذين حُقنوا بلقاح فعلي. المشكلة هنا أخلاقية، إذ لا يستطيع العلماء في المرحلة الثالثة تعريض المتطوّعين لفيروس كورونا داخل المختبر من أجل تبيان نجاح اللقاح في حمايتهم من الفيروس من عدمه؛ إذ لا علاج للمرض حتى الساعة، ومن المحتمل أن يموت بعض هؤلاء. لذا، ينتظر العلماء تعرّض مَن تمّ تلقيحهم بالفيروس خلال حياتهم اليومية، وعند حدوث الإصابة تتمّ دراسة استجابتهم المناعية التي حصلوا عليها من اللقاح. وهذا ما يستغرق فترة طويلة، فيما العالم لا يمتلك ترف الوقت، مع تكدّس جثث الضحايا من جهة، واهتزاز اقتصادات الدول بشكل خطير من جهة أخرى.
الخوف هو من أن يشوب خطأ ما عملية صنع النسخة الجديدة من الفيروس
لذا، ولأن الغاية تبرّر الوسيلة، قرّرت مجموعة من العلماء الخروج عن السياق التقليدي لعملية إنتاج اللقاح؛ إذ طلبت الاستعانة بمتطوّعين وافقوا على التعرّض للفيروس بعد حقنهم باللقاح، وهو ما يعدّ من الأكثر إثارةً للجدل في تاريخ الطب. ويتطوّع الراغبون من خلال الدخول إلى الموقع الإلكتروني 1daysooner.org، حيث سَجّل أكثر من 30 ألف شخص حول العالم، غالبيتهم من الفئة العمرية الشابة، أسماءَهم للمشاركة في تجربة «التحدّي البشري». ما تقدمه هذه التجربة هو اختصار الفترة الزمنية للإصابة بالمرض، لأن الباحثين لن يضطرّوا إلى الانتظار حتى يصاب المشاركون بالطريقة العضوية من خلال التفاعل مع الأشخاص في أماكن العمل والمدرسة، أو في دور العبادة أو المنازل. بدلاً من ذلك، سيُعرّض المتطوعون للفيروس مباشرةً داخل المختبر.
وبحسب وكالة «رويترز»، تعرّض المسؤولون الأميركيون الذين يديرون مكافحة الوباء لضغوط من مجموعات عديدة مثل "1daysooner" وغيرها، مِمَّن يرون في تجارب التحدّي وسيلة لتسريع اختبارات لقاح ضدّ كورونا. وأعلن مسؤولون في شركة العقاقير البريطانية «أسترازينيكا»، التي نجح عقارها في المرحلة الثانية من التجارب السريرية، ومسؤولون من شركة «جونسون أند جونسون»، أنهم يدرسون احتمال اعتمادهم على تجربة «التحدّي البشري» من أجل تسريع عملية صنعهم للقاح. لذا، أعطي الضوء الأخضر للمبادرة إلى خلق نسخة جديدة ومُعدّلة من الفيروس بحيث لا تضرّ من يصاب بها. من جانبه، يشكك فاوتشي في إمكانية أن تؤدّي تجربة التحدّي البشري إلى تسريع عملية إنتاج اللقاح، ويقول إن الإعداد للمشروع قد يستغرق أشهراً في حال تمّت المباشرة به، كما أن غالبية المتطوعين هم من الفئة العمرية الشابة ولا يمكن الاعتماد عليهم فقط لمعرفة نجاح لقاح من عدمه. إلا أنه يشير إلى أن التجربة ستُقدّم معلومات مهمة عن نسبة التعرّض لفيروس كورونا التي يحتاج إليها الإنسان كي يصبح مريضاً بـ«كوفيد-19».
تأتي عملية صنع نسخة جديدة غير ضارّة من فيروس كورونا بعد أيام قليلة على موافقة روسيا على لقاح «سبوتنيك في» الخاص بها. وفي هذا الإطار، تسود مخاوف من أن يؤدي استعجال الولايات المتحدة الأميركية اللحاق بروسيا إلى خطأ ما في عملية صنع النسخة المُعدّلة من الفيروس، لتجد البشرية نفسها بعد مدّة أمام كارثة جديدة تعيدنا إلى بداية العام 2020.