(جريدة الأخبار اللبنانية)
تسير كوبا، من جديد، في اتجاه تسجيل انتصار محتمل في مجال التكنولوجيا الحيوية، بعدما أعلنت بدء تطوير لقاح لمواجهة وباء «كورونا»، ربمّا يكون جاهزاً للاستخدام في الشهر الثاني من العام المقبل، إذا ما أثبَتت التجارب السريرية فعاليته.
تبدو كوبا، التي حقّقت إنجازات كثيرة في المجال الطبّي، مُتّجهةً نحو تسجيل إنجاز جديد في المعركة ضدّ وباء كورونا، بعدما أعلن العلماء الكوبيون في الـ18 من الشهر الجاري أن لقاح «سوبيرانا 1» - الكوبيّ الصُنع - سيكون، على الأرجح، جاهزاً للاستخدام في شباط/ فبراير المقبل، في حال أثبتت التجارب السريرية فعاليته. وفي اليوم التالي للإعلان، أعطى الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، الضوء الأخضر لبدء التجارب السريرية على اللقاح، بعد اجتماعه مع العلماء الذين حدّدوا تاريخ الـ24 من الجاري (أول من أمس) موعداً لإطلاق المرحلة الأولى من التجارب.
وعلى رغم شحّ المعلومات في شأنه، إلا أنّ اللقاح سيكون جاهزاً في غضون أربعة أشهر، وفق ما نقلت وكالة «برينسا لاتينا» عن العلماء الكوبيين، مضيفةً أن «اللقاح بلغ حالياً المرحلتين الأولى والثانية من التجارب، من حيث الأمان والاستجابة المناعية»، متوقعةً أن «تنتهي هاتان المرحلتان في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل". وذكرت الوكالة أنه «في حال كانت نتائج المرحلتين إيجابية، سيتمّ الانتقال إلى المرحلة الثالثة الخاصة بتقييم فعالية اللقاح»، لافتةً إلى أن «676 شخصاً - تراوح أعمارهم بين 19 و80 عاماً - سيخضعون للتجارب السريرية»، على أن يُعطى اللقاح في المرحلة الأولى لـ20 شخصاً تراوح أعمارهم ما بين 19 و59 عاماً، فضلاً عن 20 آخرين تراوح أعمارهم ما بين 60 و80 عاماً في الأسبوع الثاني. واعتباراً من 11 أيلول/ سبتمبر، سيرتفع العدد إلى 676، سيحصلون على جرعتين من التركيبة، تحت إشراف معهد «فينلاي» الحكومي للقاحات.
اللقاح سيكون جاهزاً في غضون أربعة أشهر
وكان الرئيس الكوبي حثّ العلماء في بلاده على «إنتاج لقاح وطني لتُحقّق كوبا السيادة في هذا المجال»، ولا سيما أن الجزيرة خاضعة لعقوبات أميركية صارمة، وتعاني من نقص في مستلزمات مكافحة الوباء، بعدما عرقلت واشنطن وصول مساعدات طبية إليها. وعلى رغم الدعوات الدولية إلى رفع العقوبات عن هافانا، وتالياً تسهيل وصول المساعدات إليها، لم تتراجع الولايات المتحدة عن موقفها. ومنذ ذلك الحين، يعمل المختصّون من معهد «فينلاي» ومراكز بحث وطنية أخرى، بشكل مكثّف، للحصول على نتائج فورية في مجال تطوير لقاح للفيروس. ويختصر المدير العام للمعهد، رئيس مشروع تطوير «سوبيرانا 1» فيسينتي فيريز بينكومو، تعريف اللقاح بالقول إن «سوبيرانا 1 هو اسم التجربة السريرية. الشعب أطلق هذه التسمية على اللقاح منذ البداية، وهو الاسم الذي يحمل معنى السيادة الوطنية في هذا المجال». وفي مقابلة مع التلفزيون الكوبي، يضيف: «تمكنّا من تجاوز الخطوة الأولى في غضون ثلاثة أشهر، ما يُعتبر أمراً مُهمّاً». ويلفت إلى أنه «لا يوجد سوى 30 لقاحاً مُرشحاً معتمداً للدراسات السريرية، اللقاح الكوبي واحدٌ منها». كذلك، يؤكّد أن «كوبا لديها الخبرة والقدرة على تطوير صيغة لتحصين السكّان ضدّ كورونا»، وأن نتائج المرحلة ما قبل السريرية للقاح المرشّح والتي أجريت على الأرانب والفئران «كانت مشجعة... سوبيرانا 1 هو اللقاح الأول المحتمل في أميركا اللاتينية، والأول في بلد فقير بالموارد الاقتصادية، ولكنه عظيم الروح».
إنتاج «سبوتنيك» في هافانا
بينما تعكف كوبا على إنتاج لقاحها الخاص بها وتطويره، تسعى روسيا إلى تصنيع لقاحها «سبوتنيك في»، الذي أعلنت عنه أخيراً، في الجزيرة الكاريبية، نظراً إلى امتلاك الأخيرة مختبرات ذاتية وقدرات متطوّرة في مجال التكنولوجيا الحيوية. وكان رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي، كيريل دميترييف، أعلن أن بلاده «وافقت على إنتاج لقاحها ضد فيروس كورونا في خمس دول من بينها كوبا، وتُتيح السعة لدينا إنتاج 500 مليون جرعة سنوياً»، مشيراً إلى أن «الإنتاج في كوبا قد يبدأ في تشرين الثاني المقبل».
وتُنتج كوبا «نحو 80% من اللقاحات التي تُستخدم في إطار برنامج التحصين الوطني»، وفق ما يفيد به مسؤول كوبا في «منظمة الصحة العالمية»، خوسي مويا. ويقوم النظام الصحي الكوبي على مبدأ «العلاج الوقائي»، الأمر الذي يُحتّم العمل على تطوير لقاحات في أوقات انتشار الأوبئة المعدية. وكانت كوبا أول دولة في العالم تمتلك علاجاً لـ«الالتهاب السحائي»، كما كان لها دور بارز في علاج فيروس نقص المناعة المكتسب «الإيدز» والفيروسات الكبدية بعلاج الـ«2B Interferon alpha»، الذي انتقته الصين ليكون واحداً من حوالى 30 دواءً تمّ اختيارها من قِبَل «لجنة الصحة الوطنية الصينية» لعلاج مرضى «كورونا»، وقد وصفته مجلة «نيوزويك» الأميركية بـ«الدواء العجيب لمحاربة كورونا حول العالم».