نقلاً عن صحيفة الأخبار - رجب المدهون
مع تفشّي فيروس «كورونا» في غزة، ضاعفت المقاومة مطالبها من العدو، مضيفة إليها الحصول على المستلزمات الصحية التي تقتضيها محاربة الفيروس، معيدةً التذكير بتهديداتها بـ «قطع النَفَس» عن الإسرائيليين. وهي تهديدات لم تستبعد أوساط الاحتلال المضيّ في تنفيذها، بالنظر إلى ما يمثّله فقدان السيطرة على الجائحة في القطاع من خطر كبير.
بعد يوم من وصوله إلى قطاع غزة حاملاً الدفعة الأخيرة من المنحة القطرية، يواصل المندوب القطري، محمد العمادي، مباحثاته مع حركة «حماس» ودولة الاحتلال الإسرائيلي، في وقت بدا فيه الموقف الفلسطيني أكثر تصلّباً، منبئاً بمزيد من التصعيد بوجه العدو. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر فلسطينية، فعلى رغم قيام العمادي بإيداع الدفعة الأخيرة من المنحة القطرية في بنك البريد في غزة، إلا أن حركة «حماس» حَمّلته رسائل شديدة اللهجة للاحتلال، وذلك في ظلّ تفشّي فيروس كورونا في غزة، واشتداد حاجة القطاع إلى تحسين الواقع الإنساني والاقتصادي والصحّي، محذّرة من أن الأيام المقبلة ستكون ساخنة وسط الضغط الذي تُسبّبه الجائحة، وأن المقاومة ستنقل الأزمة إلى داخل الكيان إن لم يتمّ تنفيذ مطالبها.
وهي مطالب أضيف إليها توفير المستلزمات الصحية المتمثلة في أجهزة فحص «كورونا» والمسحات الخاصة بها وأجهزة التنفس بشكل عاجل، علماً بأنه لا يوجد في القطاع سوى 120 جهاز تنفس، وهو عدد لا يكفي للتعامل مع تفشّي الفيروس في بقعة تكتظّ بأكثر من مليونَي شخص في مساحة لا تزيد على 365 كيلومتراً مربعاً. وجاءت رسائل «حماس» تلك متطابقة مع تصريحات سابقة لقائد الحركة في غزة، يحيى السنوار، توعّد فيها الاحتلال بأن المقاومة ستأخذ منه ما يَلزم القطاع - في حال تفشّي كورونا - بـ«الخاوة» (بالقوة)، مهدّداً بـ«قطع النَفَس عن 6 ملايين صهيوني»، في حال بات مصابو «كورونا» في غزة عاجزين عن التنفّس. ويوم أمس، أعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة مواطن وإصابة 16 آخرين بـ«كورونا»، فيما تستمرّ الأجهزة الأمنية في فرض حظر شامل إلى حين تحديد الخريطة الوبائية للفيروس.
وتزامناً مع اللقاءات التي عقدها قائد «حماس» في غزة ومسؤول عسكري كبير في الحركة (لم يتمّ الإفصاح عن اسمه) مع المندوب القطري، تواصلت عمليات إطلاق البالونات الحارقة والمتفجّرة من القطاع باتجاه مستوطنات الغلاف بشكل مكثف، في حين نقلت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» أن وحدات البالونات المتفجّرة وصلها قرار بتكثيف عمليات إطلاق البالونات بأنواعها كافة، وإبقاء الضغط على الاحتلال قائماً. في المقابل، رأت الدوائر السياسية والأمنية في الكيان العبري أن ردّ الفعل الفلسطيني على انتشار «كورونا» في غزة سيكون مغايراً للتوقعات؛ إذ ستعمد حركة «حماس» إلى تصعيد الضغوط على الاحتلال، حتى لو أدّى ذلك إلى الدخول في مواجهة عسكرية، بحسب الكاتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ليؤور ليفي، الذي نبّه إلى أن التفاهمات لن تعود ذات أهمية في حال فقدان السيطرة على الفيروس في منطقة مكتظّة مثل غزة، ولا تزال المنظومة الصحّية فيها من مستوى ما هو قائم في دول العالم الثالث. ويوم أمس، جدّدت «حماس»، في الذكرى السادسة لحرب 2014، تأكيدها أن المقاومة لن تسمح باستمرار الحصار أو فرض معادلات جديدة عليها، جازمة بأنها باتت أقوى بكلّ ما خاضته من معارك، وأن معادلة الردّ التي فرضتها المقاومة جعلت العدو يحسب ألف حساب قبل أن يفكّر في العدوان على غزة وأهلها. في هذا الوقت، واصلت قوات الاحتلال قصف مناطق فارغة في القطاع ردّاً على إطلاق البالونات المتفجّرة، بينما زعم الناطق باسم جيش الاحتلال قصف أهداف تحت الأرض تابعة للمقاومة. وفيما اختتم وزير الأمن، بيني غانتس، سلسلة مشاورات مع رئيس هيئة الأركان، أفيف كوخافي، أمس، في ما يتعلّق بالتحدّيات التي تواجه الجبهات، تَوقّع المراسل العسكري لموقع «واللا» العبري، أمير بوحبوط، أن تكون الأيام المقبلة متوترة جدّاً.
في غضون ذلك، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، أمس، إصابة 12 أسيراً فلسطينياً في سجن «عوفر» الإسرائيلي بفيروس كورونا، مشيرةً إلى أن إدارة سجون الاحتلال أغلقت القسم الرقم 21 في السجن، بعد تأكيد إصابة عدد من الأسرى بالفيروس. وحَذّرت الهيئة من تفاقم الظروف الصحية لعدد من الأسرى المضربين عن الطعام بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على إضراب بعضهم، لافتة إلى أن الأسرى المضربين، هم: ماهر الأخرس من جنين، ومحمد وهدان وحسن زهران من رام الله، وعبد الرحمن شعيبات من بيت لحم، مضيفة أن إدارة المعتقلات تتعمّد عزل المضربين واحتجازهم في ظروف قاسية وصعبة.