(القبس الكويتية)
في الأشهر القليلة الماضية، أطلق العلماء، الذين يعملون بوتيرة متسارعة لتطوير لقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، فيضاً من البيانات من تجاربهم السريرية الأولى، لكن يبدو أن هذه البيانات ليست دليلاً على كفاءة اللقاح، وذلك بعد ما حدث مع لقاح تجريبي لجامعة أكسفورد البريطانية.
فقد أُصيب أحد المشاركين في التجارب السريرية للقاح الذي طورته «أكسفورد» بـ«مرض محتمل غير مبرر»، لم يتم الإفصاح عن طبيعته أو خطورته.
ونتيجة لذلك؛ قررت مجموعة «أسترازينيكا» للصناعات الدوائية «طواعية تعليق» التجارب السريرية التي تجريها حول العالم على لقاح أكسفورد.
هل فشل اللقاح؟
لا يمكن أن تحدد البيانات الناتجة عن هذه التجارب ما إذا كانت اللقاحات ستمنع المرض أو العدوى، لأن التجارب عادة ما تركز على سلامة المشاركين والجرعات التي يتناولونها؛ ولذلك هناك حاجة لتجارب واسعة النطاق لهذا الغرض، وفق ما تقول مجلة نيتشر العلمية.
وتضيف المجلة أن اللقاحات المطروحة حتى الآن آمنة، وتشير إلى استجابات مناعية مماثلة بين الأشخاص الذين أصيبوا بـ«كوفيد 19» وأولئك الذين لم يصابوا به.
لكن العلماء يحذرون من المبالغة في تفسير النتائج، لأن الباحثين لا يعرفون الطبيعة الدقيقة للاستجابات المناعية التي تحمي من «كورونا»، ومن المحتمل أن تكون هناك طرق متعددة لدرء العدوى.
وتنقل «نيتشر» عن تخصصي المناعة في جامعة «إيموري» البحثية الأميركية، رافي أحمد: «البيانات مبكرة جداً وأولية جداً، هناك شيء واحد يجب تجنّبه، وهو القول إن هذا الشخص أفضل في هذه المرحلة، لأننا لا نعرف».
مسار خطأ
يوضح مدير طب الغدد الصماء في مركز فليندرز الطبي الأسترالي نيكولاي بتروفسكي أن الأمر عادة ما يستغرق 10 إلى 15 عاما لتطوير عقار أو لقاح جديد بسبب تعقيد العملية.
ووفق ما نقل عنه موقع «هيلث لاين» الطبي، فإنه قد يكون من الصعب للغاية تقليص هذه العملية في غضون أشهر. ومع ذلك، يمكن أن يكون التأثير «هائلاً» عندما تحاول تطوير لقاح في غضون أشهر.
كما يضيف بتروفسكي، قائلاً إننا بحاجة إلى النظر في تأثير الوباء نفسه. ويشير إلى أن أحد الأسباب الشائعة لفشل اللقاحات أن العلم المتبع في تطويرها ليس جيداً بما يكفي. وبالتالي لا يكون العلاج فعالاً، أو أنه يستهدف مساراً خطأ للفيروس.
ويدلل بتروفسكي على حديثه بالكلوروكين والهيدروكسي كلوروكوين اللذين كانا أكبر الإخفاقات في علاج «كورونا» حتى الآن. وقال: «على الرغم من كل الضجة التي أثيرت حولهما، فلم يقدما شيئاً فعلياً».
سبب شائع آخر للفشل هو ظهور نتيجة غير متوقعة أثناء التجارب السريرية، مثل الآثار الجانبية الشديدة أو مشكلة تتعلق بسلامة المشاركين، وهو ما حدث في تجربة اكسفورد.
ولأن تطوير الأدوية واللقاحات عملية مادية مكلفة للغاية، قد تصل تكاليفها إلى 2 مليار دولار، فإن نقص التمويل يمثل عائقاً أمام إيجابية اللقاح.
قواعد السلامة
من جهته، قال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك: إن تعليق التجارب السريرية للقاح أمر روتيني وطبيعي وسيستمر إلى حين الانتهاء من التحقيق في الأسباب والملابسات التي أدت إلى مرض أحد المشاركين في التجارب، مشدداً على أن بريطانيا تولي أهمية قصوى لقواعد السلامة والأمان قبل إنتاج وطرح أي لقاح.
ويُنظر إلى لقاح شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد على أنه منافس قوي بين عشرات اللقاحات التي يتم تطويرها على مستوى العالم. وكانت الآمال كبيرة في أن يكون هذا اللقاح هو أول لقاح يطرح في السوق، بعد نجاح اختبار كل من المرحلة الأولى والثانية.
بدورها، ستفرض السلطات في إنكلترا، الإثنين المقبل، قيوداً جديدة على التجمعات المكونة من ستة أشخاص، وسيستمر ذلك على الأرجح حتى عيد الميلاد أو خلاله، وفقاً لهانكوك.
وقال هانكوك: إن القيود الجديدة ستقدم «وضوحاً أكبر» للناس ويجب أن تساعد في وضع حد للارتفاع الحاد أخيراً في الإصابات.
ووفق صحيفة «الغارديان»، تأتي الإجراءات الجديدة وسط مخاوف من سوء فهم القوانين الحالية على نطاق واسع، بالإضافة إلى صعوبة تواجهها الشرطة في تطبيقها.
اتفاق أولي
من ناحيتها، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها توصلت إلى اتفاق أولي للحصول على مئتي مليون جرعة من لقاح محتمل، طوّره التحالف الألماني - الأميركي «بيونتك - فايزر»، مع إمكان الحصول على مئة مليون جرعة إضافية، في سادس اتفاق من نوعه يبرمه الاتحاد الأوروبي.
وقالت المفوضة الأوروبية لشؤون الصحة ستيلا كيرياكيديس: إن «المفاوضات النهائية مع (بيونتك/فايزر) تحرز تقدماً جديداً لتعزيز عرضنا الصلب والمتنوع من اللقاحات المحتملة».
وأضافت: «نحن متفائلون إزاء إمكان أن تثبت سلامة وفعالية أحد هذه اللقاحات ضد «كوفيد ــــ 19» لمساعدتنا في التغلب على هذه الجائحة».
وتطوّر شركة بيونتك ومختبرات «فايزر» الأميركية، منذ أشهر، هذا اللقاح الذي دخل نهاية يوليو في مرحلة تجارب سريرية على نطاق واسع. وفي مطلع يوليو، كشف التحالف عن نتائج أولية إيجابية بعد إجراء اختبارات على 45 شخصاً.
طويل الأمد
إلى ذلك، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن الشفاء من أعراض «كورونا» يحتاج 14 يوماً، ولكن في حالة ظهور أعراض قاسية واستمرت لفترة أطول، فإن هذا بات يُعرف بـ«الكوفيد الطويل الأمد».
وتوضح صحيفة ذا صن أن هناك مئات الآلاف من المتعافين من تلك الجائحة عانوا أعراضاً منهكة، رغم شفائهم من ذلك الفيروس التاجي، وكشفت دراسة أن %75 من المرضى، المصابين بالفيروس، الذين يدخلون المستشفى، ما زالوا يعانون مشكلات مستمرة، وفق باحثين في كلية لندن الملكية.
ويقول الطبيب البريطاني بن ليتلوود هيلسدون: «من الضروري معرفة أن مصطلح كوفيد الطويل الأمد ليس مصطلحاً طبياً رسمياً، ولكنه يستخدم لوصف حالة الأشخاص الذين تستمر أعراض المرض لديهم لفترة أطول من أسبوعين»، لافتاً إلى ضرورة طلب المساعدة الطبية، في حال ظهور تلك الأعراض.