في هذا الصدد يقول البروفيسور الإنكليزي جون أوكسفورد، عالِم الفيروسات أستاذ جامعة الملكة ماري في لندن، بأن «تَفَشي كوفيد - 19 يشبه وباء الإنفلونزا، ونحن نمرّ بشتاء سيئ (إصابات الإنفلونزا توقع سنوياً نحو 3.5 مليون وفاة عالمياً). وكان لدينا 8 آلاف من الوفيات بالإنفلونزا العام الماضي في إنكلترا وحدها ضمن الأشخاص المعرّضين للخطر (أي 65 في المئة) والمصابين بأمراض القلب وما إلى ذلك. لا أشعر بأن كورونا سيقضي على هذا العدد من الناس في بلدنا. إننا نعاني من وباء الفيروس الذي يخيفنا أكثر من اللازم. عليكم بقضاء أقلّ وقت في متابعة أخبار كورونا».
ومن المعلوم أن البروفيسور أوكسفورد، قادَ أبحاثاً عن إنفلونزا الطيور والإنفلونزا الإسبانية العام 1918 وفيروس نقص المناعة (الإيدز)، وهو يقود اليوم فريقاً استشارياً علمياً للبحث في قضية إصابة العالم بالفيروس المستجدّ.
ويتابع: «تصلنا من الصين أخبار جيدة (...) رفعتْ الدولة الحظر والحياة تعود تدريجياً إلى طبيعتها. فإذا أردْنا نتائج ملموسة فعلاً اليوم، فعلينا الوصول إلى نسبة 90 في المئة من العزل التام وإلا فإن هذا التدبير لن ينجح».
ويعتقد أن عدداً أكبر من الشباب يصاب اليوم بمشاكل خطيرة سريرية «إذا كانوا يعانون أصلاً من أمراض السكري أو الوزن الزائد. ولذلك فإن المشاكل الصحية لن تقتصر على الأجداد وكبار السن الذين بدأوا باتخاذ تدابير احترازية تحدّ من اختلاطهم بين الناس والأقرباء، وهذا سيدفع العالم لاتباع حمية غذائية والأكل بشكل أصحّ».
لقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون - وهو اليوم في المستشفى لإصابته بالفيروس - أنه ينبغي على المملكة المتحدة الاستعداد لموت نحو 250 ألف شخص. وقد تخطّت البلاد أسابيع عدة على إصابتها بالفيروس بينما لم يتجاوز عدد الوفيات 5 آلاف رغم الحظر الذي لم يُطبّق بنسبة 90 في المئة.
وبدأتْ المؤشراتُ في دول عدة تنخفض مع عدد وفياتٍ أقلّ في الصين وإيران وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا. ولذلك أعلنت الصين رفْعَ الحظر عن مدينة ووهان - بؤرة التفشي - وأعلنت إيران أن الحياة ستعود إلى طبيعتها بعد أقلّ من أسبوعين لبعض الشركات المهمّة التي يتعلّق إنتاجها بضرورات الحياة ومتطلباتها.
ومن المتوقّع أن تتبعهما دول أخرى، مثل إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، للسماح بإنتاج الغذاء أولاً ومن ثم إعادة عجلة الحياة لطبيعتها بعد أن تكون الحكومات حول العالم قد حصلت على ما تحتاجه من أجهزة تنفّس واختبارات وكمامات ولم تعد تسرق المواد الطبية من بعضها البعض.
فمثلاً اليابان، التي يبلغ عدد وفياتها 92 فقط، وزعت كمّامتيْن على كل منزل وطلبتْ من الجميع أخذ الحيطة والتعامل مع «كورونا»، مثل أي مرض إنفلونزا معروف وغسْل اليدين باستمرار، وأغلقت حدودَها مع الدول الأكثر إصابة. إلا ان عجلة اقتصادها لم تتوقف يوماً عن العمل.
ومن الضروري الانتظار أشهر عدة للحصول على الإحصاءات النهائية للأضرار الصحية التي تَسَبَّب بها الفيروس. فقد أعلنت إيطاليا أن 99 في المئة من الذين فقدوا حياتهم كانت لديهم أمراض أخرى منهم 48.5 في المئة أكثر من 3 أمراض مزمنة، 25.6 في المئة يعانون أمراضاً مُزْمِنة و25.1 في المئة يعانون من مرض واحد مُزْمِن و0.8 في المئة لا يعانون من أمراض معروفة.
إلا أن التأثيرَ الاقتصادي سيكون كارثياً على العالم وبالأخص على ذوي الدخل المحدود أو الشركات الصغيرة وسيكون على العالم مجابهة الفشل الاقتصادي بعد أن يَخْرُجَ الناس للبحث عن أعمال فقدوها.