نقلا عن الجزيرة نت - محمد السيد
عندما يخير المرء بين الصحة والعلم يختار الأولى، إلا أن أولياء الأمور كانت لهم معايير مختلفة للتعامل مع قرار وزارة التعليم والتعليم العالي في قطر بتخييرهم بين استمرار أولادهم في مسار التعلم المدمج أو التحول إلى التعلم عن بعد كليا، وذلك في ظل مقاومة جائحة كورونا.
ومع تفشي الفيروس، تتصارع مخاوف أولياء الأمور بين تعرض أولادهم للمرض وتردي مستوياتهم التعليمية.
ويوضح محمد البشري مستشار وزير التعليم والتعليم العالي للجزيرة نت أن القرار اتخذ من أجل مراعاة ظروف جميع أولياء الأمور، حيث أبدى البعض رغبة في التعلم عن بعد كليا، في حين طلب آخرون التعلم المدمج وزيادة أيام الحضور من أجل كسر الحاجز النفسي للخوف من المرض لدى أبنائهم وتوفير بيئة التعلم المدرسية لهم.
ويضيف أن قرار ولي الأمر بالاختيار سيكون ملزما حتى نهاية الفصل الدراسي الأول، خاصة أن هناك الكثير من الأمور اللوجيستية والتسهيلات التي يجب توفيرها لبيئة المدرسة بالتعاون مع أجهزة الدولة كالمواصلات ووزارة الصحة، فضلا عن التجهيزات المطبقة على طاقم المدرسين والفنيين والفريق الإداري.
ويؤكد مستشار وزير التعليم أن هذا القرار ليس لحظيا وإنما جاء بعد دراسة متأنية وبالتنسيق مع وزارة الصحة، فهناك غرفة عمل مشتركة واجتماعات أسبوعية، مشيرا إلى أنه في حال تحسن الأوضاع قد يطبق التعلم المدمج في النصف الدراسي الثاني بنسبة 50% أو 60%.
وفرضت الوزارة نظام التعليم المدمج خلال الفصل الدراسي الأول في جميع المراحل التعليمية للمدارس الحكومية والخاصة ورياض الأطفال ومؤسسات التعليم العالي، بحيث يُدمج التعلم الإلكتروني مع التعلّم الصفي في إطار واحد، وبمقتضاه يحضر الطلبة من مرة واحدة إلى 3 مرات في الأسبوع للمبنى المدرسي، مع الحفاظ على نسبة حضور نحو 30% من إجمالي عدد طلاب المدرسة في اليوم الواحد.
التعلم المدمج
ومنذ الإعلان عن تخيير أولياء الأمور بداية من الأسبوع المقبل، انقسمت ردود الفعل بين فئة تصرّ على التعلم المدمج وأخرى تفضل التعلم عن بعد كليا، وثالثة تطالب بزيادة أيام حضور الطلبة في التعلم المدمج.
ففي اقتراع عام استمر لمدة 24 ساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، اختار حوالي 74% التعلم المدمج مقابل 26% للتعلم عن بعد كليا، في حين أسفر اقتراع آخر أجري لأولياء الأمور لصالح إحدى المدارس الدولية الخاصة عن اختيار 86% للتعلم المدمج و14% للتعلم عن بعد كليا.
وترجع رشا حسين، التي فضلت التعلم المدمج في الاقتراع الثاني، اختيارها إلى إخفاق المدرسة في تطبيق التعلم عن بعد، خاصة أن الأمر بدأ مع نهاية العام الدراسي الماضي، فضلا عن مرور أكثر من أسبوعين على بداية العام الدارسي الحالي وما زالت المشاكل مستمرة.
أما حنان أحمد فأكدت للجزيرة نت الفكرة السابقة ذاتها، ورأت ضرورة زيادة عدد الأيام في التعلم المدمج، كما طالبت وزارة التعليم بتشديد الرقابة على المدارس الخاصة، والتأكد من تطبيقها نظام التعلم عن بعد بصورة مثالية، خاصة في ظل المصاريف المرتفعة لهذه المدارس.
في حين اعتبر أحمد السليطي أن التعلم المدمج في هذه الفترة أفضل بكثير للطلاب لأنه وسط بين الدوام اليومي للمدرسة والغياب التام عنها، كما يمنح الطلاب فرصة للتواصل الاجتماعي والتعامل المباشر مع المدرسين، وفي الوقت نفسه يحافظ عليهم في بقية الأيام.
على عكس الآراء السابقة، رأت سلوى محمد أن التعلم عن بعد كليا هو الأفضل في هذه الفترة للطلاب من أجل المحافظة على سلامتهم في ظل الأوضاع غير المستقرة التي يعيشها العالم، معتبرة أن صحة أولادها أهم من التعليم.
وسجلت قطر انخفاضا في عدد الإصابات بفيروس كورونا خلال الشهر الأخير دون 300 إصابة في اليوم الواحد، وبلغ عدد المصابين وفق آخر الأرقام المسجلة أكثر من 2800 مصاب.
نظام المسارين
نظام المسارين أو التخيير تم تطبيقه فعليا في مدارس مؤسسة قطر منذ 13 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث اختلفت نسبة الإقبال على كل خيار من مدرسة إلى أخرى، إلا أن النسبة تساوت بواقع 50% في مدرسة طارق بن زياد أحد أقدم المدارس القطرية.
وتعتبر مها الرميحي مديرة مدرسة طارق بن زياد أن مؤسسة قطر سباقة في اتخاذ هذا القرار، حيث تم عمل استبيان لأولياء الأمور منذ فترة، وتم منحهم حرية الاختيار.
وتقول الرميحي للجزيرة نت إن القرار سيتم تطبيقه حتى نهاية العام الدراسي، ولكن سيسمح لأولياء الأمور مع نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل بتغيير خيارهم في حالة رغبتهم في عودة أبنائهم للحضور إلى المدرسة.
وتوضح أن التعلم المدمج يسير بصورة جيدة، حيث توفر المدرسة كافة التدابير الاحترازية للطلاب والطالبات خلال فترة وجودهم في المدرسة، لافتة إلى عدم وجود أي مشاكل في التعلم عن بعد في ظل تعوّد الطلاب عليه منذ العام الماضي، وتعاملهم بكفاءة مع منصة التعلم الافتراضي التي أطلقتها مؤسسة قطر.