(من الصحافة العبرية)
لا تزال إسرائيل بين الدول التي يتفشى فيها وباء كورونا بالوتيرة الأسرع والأكثر قلقاً في العالم، وكما كان متوقعاً… يسجَّل كل يوم ارتفاع دائم ومتواصل في عدد المرضى في حالة صعبة. لم يعد هناك شك بأن إسرائيل في وضع طوارئ صحي، وأن كورونا يضرب بشدة ودون توقف، وثمة ازدياد في معطيات انتقال العدوى. كل أعمال المسؤول عن كورونا، البروفيسور روني جمزو، مع كل نواياه الطيبة ورغم تصريحاته، لم تجد نفعاً في تقليل الإصابة وتفشي الوباء في إسرائيل. وذلك بعد أن ارتكبت الحكومة خطأ مريراً حين حطمت مطلب جمزو للإغلاق في المدن الحمراء، وبذلك الاحتمال ألا تدخل إسرائيل إلى إغلاق قُطري وعام.
اتخذ قرار الحكومة بفرض إغلاق على إسرائيل في كل فترة أعياد بعد أن حذر مديرو المستشفيات الكبرى في البلاد الحكومة ورئيس الوزراء من وضع كارثي كالذي أحدثته الموجة الأولى في إيطاليا وإسبانيا ونيويورك. كما أن مسؤولي وزارة الصحة أوصوا بالإغلاق الكامل دون هوادة ودون إنزال الأيدي في كل الدولة، وفي أعقاب ذلك اتخذ قرار الحكومة الذي تبنى موقفهم. ولكن في أعقاب سلسلة ضغوط سياسية وفئوية وضغط إعلامي وجماهيري، بعضه عديم المسؤولية حقاً وينزل الأحمال، بدأت الحكومة ووزارة الصحة تفكك وتثقب الإغلاق، مثل إقرار الصلوات في الكنس واستمرار النشاط في أماكن العمل الخاصة. ويدور الحديث عن سلسلة قرارات متسرعة ومتهورة استسلم فيها مسؤولو وزارة الصحة والحكومة، ما أدى إلى ثغرة في قوة الإغلاق، وفي ثقة الجمهور وفي الاستعداد لإطاعة قيود كورونا القاسية على أي حال.
بينما بعد يوم من رأس السنة وقبل يوم الغفران، ثمة اضطرار لإجراء حساب عادل للنفس وتشديد تعليمات الإغلاق، في محاولة لزيادة الاحتمال في نجاة إسرائيل من تواصل الارتفاع الشاهق في العدوى ووفيات كورونا. كما ينبغي لهذه الخطوة أيضاً، لشدة الأسف، أن تتضمن حظراً تاماً للصلاة داخل الكنس، حظراً أو تقليصاً شبه تام في أماكن العمل غير الحيوية، والإنفاذ الأكثر تشدداً للقانون على الالتزام بالقيود، بما في ذلك القيود الجديدة على شكل إجراء المظاهرات (ولكن في كل حال عدم منع المظاهرات، المنع الذي لم يفرض منذ نشوب الوباء).
منذ فجر التاريخ كان التصدي لكل وباء جديد، لا علاج ولا لقاح، بتصدٍ جماهيري واجتماعي وسياسي بقدر لا يقل عما هو طبي وصحي. وكانت قدرة التصدي للوباء متعلقة دوماً بالثقة التامة للجمهور بأصحاب القرار، وبالشفافية الكاملة للمعلومات عن الوباء، وباتخاذ قرارات نزيهة تأخذ بالحسبان حماية الصحة العامة والرزق، والمجتمع، والصحة النفسية والديمقراطية.
وفي هذه الاختبارات اليوم، بعد أكثر من نصف سنة من نشوب الوباء في إسرائيل، يفشل مسؤولو وزارة الصحية والحكومة المرة تلو الأخرى تلو الأخرى، وتتشقق ثقة الجمهور. إذا لم تصحُ إدارة وزارة الصحة والبروفيسور جمزو ويبديان زعامة وتصميماً ويوقفا السيطرة على انتشار كورونا في إسرائيل، فقد تتحقق أمام عيوننا فوضى صحية اجتماعية واقتصادية رهيبة لم يشهد لها مثيل منذ قيام الدولة، وقد يكون هذا بكاء لأجيال وأجيال.