(صحيفة الشرق الأوسط)
يواصل عدّاد «كورونا» اليومي في لبنان تسجيل أرقام مرتفعة تجاوزت عتبة الألف نهاية الأسبوع الماضي، وذلك وسط تخبط في اتخاذ القرارات وتراخٍ في الالتزام بالإجراءات الوقائية واستنزاف للقطاع الصحي، الأمر الذي يثير المخاوف من «كارثة حقيقية» حسبما يرى رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي.
وفيما بلغ العدد الإجمالي للإصابات 29986 حالة وعدد الوفيات 307، أوضح عراجي في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ ارتفاع عدد إصابات كورونا «أرهق القطاع الصحي»، فما تبقى من أَسرّة في المستشفيات المخصصة لـ«كوفيد - 19»، «لا يتجاوز 65 سرير عناية فائقة (مجهز بأجهزة تنفس) و250 سريراً ما قبل العناية (مجهز بالأكسجين)»، معتبراً أنّ ما وصلنا إليه هو نتيجة طبيعيّة «لعدم التزام المواطنين بالتدابير الوقائية من جهة وتقصير بعض الوزارات في القيام بمهامها فيما يخصّ مكافحة (كورونا) من جهة أخرى، مثل وزارة السياحة التي لم تراقب المؤسسات السياحية كما يجب، ووزارة الداخلية لجهة استمرار التجمعات والأعراس، ووزارة العمل لجهة عدم التزام بعض المؤسسات الخاصة بالمعايير المطلوبة، وكذلك وزارة العدل لناحية الملاحقات القانونية للمخالفين».
وكان وزير الصحة حمد حسن، قد دعا إلى الإقفال التام انطلاقاً من توصية اللجنة العلميّة المتابعة لـ«كورونا» إلا أن اللجنة الحكومية الخاصة بالفيروس فضّلت عدم الإقفال التام واللجوء إلى إقفال مناطق معينة، حيث يكثر انتشار الوباء مع التشدّد في المعايير والإجراءات الوقائية وملاحقة المخالفين.
وانطلاقاً مما تقدّم، يرى عراجي أنّ الموضوع الأساسي ليس الإقفال من عدمه مع العلم بأن الإقفال يصبح اضطرارياً لحماية القطاع الصحي والسيطرة على الانتشار في بعض الأحيان. وأضاف أنّ الإقفال «إذا كان على شاكلة الإقفال الأخير أي من دون التزام أو مراقبة لن يكون مجدياً والأهم هو الالتزام بالمعايير الوقائية وقيام الجهات المعنية بمسؤولياتها».
وفي الإطار نفسه يرى عضو اللجنة العلمية المتابعة لـ«كورونا» الدكتور عبد الرحمن البزري أن المشكلة الأساسية مع «كورونا» في لبنان «غياب القرار بسبب عدم وجود حكومة والتي كانت أصلاً غير فاعلة»، وأنّ الوضع سيزيد سوءاً ما دامت لا توجد «قيادة في مكافحة (كورونا) تضع خططاً مناسبة بدلاً من الارتجال وتأجيل مواجهة الأزمة».
وأوضح البزري في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ لبنان حالياً في مرحلة حساسة جداً، «مرحلة التكاثر المحلي، أي أنّه ما عاد يستورد الفيروس من الخارج وأصبح الفيروس موجوداً في كل المناطق ولو بنسب متفاوتة»، مضيفاً أنّ هذا الأمر «يحتّم على المواطنين التعامل مع أي إنسان على أساس أنّه مصاب بالفيروس».
وأشار البزري إلى أنّه خلال الأسابيع الأخيرة كانت نسبة الحالات الإيجابية من عدد الفحوصات تقارب أو تتجاوز الـ10% وأنّ هذا مؤشر خطير حتى ولو كانت نسبة الحالات الإيجابية من مجمل الفحوص منذ بداية «كورونا» لم تتجاوز الـ7%.
وفيما خصّ الوفيات، أوضح البزري أنّ نسبتها لا تتجاوز الـ1% من نسبة المصابين وهذا يصنّف جيداً مقارنةً بالمستويات العالمية، إلّا أنّ هذه النسبة ترتفع لتصل إلى 22% عند من هم فوق الـ80 عاماً، الأمر الذي يؤكّد ضرورة حماية كبار السن لا سيما من يعاني منهم من أمراض مزمنة.
وفي حين حذّر البزري من تفاقم الوضع ولا سيما أنّ الجهات المعنية لم تنجح في الاستفادة من فصل الصيف لاحتواء الانتشار، اعتبر أنّ الإقفال والفتح والقرارات المجتزأة من دون خطط لن تنفع، مطالباً المعنيين بوضع «خطة واضحة وعلى أساسها يتم الفتح أو الإقفال مع التذكر دائماً أنّ (كورونا) موجود وباقٍ معنا لعام على الأقل، ويجب أن نصل إلى طريقة آمنة لنتعايش ولا سيما أنّ أوضاع الناس واقتصاد البلد لا يتحملان المزيد من الخسائر».