نقلا عن صحيفة الأخبار
منذ تفشّي فيروس «كورونا» في أنحاء المعمورة، كان دونالد ترامب من أبرز المساهمين في تبسيطه تارةً، واستغلاله لأغراض سياسية تارةً أخرى. في كلتا الحالتين، ارتدّت مقاربات ترامب للأزمة الصحية عليه، ولا سيّما وسط تخبّط إدارته في التعامل معها. أمس، وقبيل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية، وفيما يسعى للفوز بولاية ثانية، أعلن الرئيس إصابته بالفيروس، ليُحدِث صدمة في البلاد، ويفتح الباب على أسئلة لا تُحصى حول مستقبل حملته.
منذ إطلاقه تصريحات جازمة خالفت مبادئ العلم عموماً، ألقت أزمة «كوفيد - 19» بظلالها الثقيلة على نهاية الولاية الرئاسية لدونالد ترامب، الذي تسلّل الفيروس إليه، كما ثبُت، قبل شهر من الانتخابات في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر. إذ أعلن الرئيس الأميركي، ليل الخميس - الجمعة، على موقع «تويتر»، عن إصابته، وزوجته ميلانيا، بفيروس «كورونا» المستجدّ. جاء ذلك بعدما كان قد أعلن، قبل ساعات قليلة، أن مستشارته المقرّبة، هوب هيكس، أصيبت به. وقال ترامب: «إنّها تعمل بجهد. غالباً ما تضع قناعاً، لكن نتيجة اختبارها جاءت إيجابية»، مشيراً إلى أنه يمضي «وقتاً طويلاً مع هوب، تماماً مثل السيّدة الأولى».
وكان فيروس «كورونا»، الذي ظهر مطلع العام، قد قلَب رئاسة دونالد ترامب رأساً على عقب. وفي الوقت الحالي، جاءت إصابته به لتزيد من الضغط عليه، وخصوصاً أنه في موقف حسّاس ضدّ منافسه الديموقراطي، جو بايدن. لطالما قلّل الرئيس الجمهوري من خطورة الوباء، وقال مراراً إن الفيروس سينتهي مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، حتى إنه قال في شباط/ فبراير: «سيختفي في نيسان/ أبريل». ووفقاً لصحيفة «ذي واشنطن بوست»، التي جمعت حصيلة البيانات الرئاسية، فقد صرّح ترامب 34 مرة بأن الفيروس سيختفي بشكل طبيعي. لكن في مواجهة تطوّر الوباء، شهد الرئيس الأميركي عمليات إغلاق في معظم الولايات المتحدة في مبادرة من حكام الولايات الفدرالية والسلطات المحلية. وفي منتصف آذار/ مارس، توقّفت كلّ القطاعات في البلاد جرّاء الإغلاق، كما انخفضت التبادلات مع سائر أنحاء العالم بشكل كبير. وواصل الاقتصاد انهياره، ومعه إحدى الحجَج الرئيسة لترامب في الدعوة إلى إعادة انتخابه. إلّا أن كلّ ما تقدّم لم يمنعه من التأكيد مجدّداً، خلال مناظرته مساء الثلاثاء مع جو بايدن، أنّه بنى «أفضل اقتصاد في التاريخ». يبقى أن ذلك قد حصل قبل الوباء.
وبخلاف بايدن الحذر للغاية في ما يتعلّق بالاحتياطات الصحية، قرّر ترامب الاستمرار في حملته بنشاط؛ إذ قام خلال الأيام الأخيرة بإحياء تجمّعات أمام آلاف المؤيدين، كما كان يوم الأربعاء في مينيسوتا. ولكن بعد اختبارات منتظمة للكشف عن «كورونا»، أجريت للرئيس السبعيني وجاءت سلبية، تغيّر كلّ شيء في وقت مبكر من يوم أمس، عندما كتب على «تويتر»: «ثبُتت هذا المساء إصابتي والسيدة الأولى بكوفيد - 19»، ليقلب ذلك حملته الانتخابية رأساً على عقب، فأُلغي تجمّع انتخابي كان من المقرّر أن يقيمه أمس في فلوريدا، كما أُلغي اجتماعان السبت في ولاية ويسكنسن، إحدى الولايات الحاسمة في الانتخابات الرئاسية.
على أيّ حال، يبدو أن حالة ترامب متوسّطة. وبحسب كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز، فإنّ الرئيس يعاني من «أعراضٍ خفيفة». وقال ميدوز لشبكة «سي إن إن» إن «معنويات الرئيس وزوجته جيّدة». وأشار إلى أن «الرئيس يعاني أعراضاً خفيفة، وفيما نسعى لضمان أن تكون صحته وسلامته ورفاهه بخير، نواصل السعي نحو ذلك بالنسبة إلى جميع الأميركيين».
في هذه الأثناء، تمنّى قادة العالم، الجمعة، الشفاء العاجل للرئيس الأميركي وزوجته، فيما عقّب المرشح الديموقراطي على إصابة منافسه بالقول: «نتمنّى أنا وجيل (زوجته) الشفاء العاجل للرئيس ترامب والسيدة الأولى ميلانيا ترامب. سنواصل الصلاة من أجل صحة وسلامة الرئيس وعائلته». ونقل الكرملين عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قوله: «أنا مقتنع بأن حيويّتك وتفاؤلك ومعنوياتك العالية ستساعدك على مواجهة هذا الفيروس الخطير». وتمنى المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، «الشفاء التام والسريع» لترامب. أما ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فقد أعلن أن الأخير «يبعث بأفضل التمنيات للرئيس ترامب والسيدة الأولى ميلانيا ترامب بالشفاء العاجل والكامل». وتمنّى المدير العام لـ"منظمة الصحة العالمية"، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من جهته، الشفاء «التامّ والعاجل» لترامب وميلانيا. يُذكر أن واشنطن باشرت آليّة في عهد ترامب للانسحاب من المنظمة، بعد اتهامها إيّاها بسوء إدارة أزمة «كوفيد - 19» والتقرّب من الصين.
الأسعار تتأثّر
هبطت أسعار النفط بنسبة 4%، متأثّرةً بإصابة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفيروس "كورونا"، وإخفاق الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الاتفاق على حزمة تحفيز اقتصادية جديدة. في ضوء ذلك، هوى خام "برنت" بنسبة 4.1%، مُسجّلاً 39.26 دولاراً للبرميل، فيما تراجع الخام الأميركي، "غرب تكساس الوسيط"، بنحو 4.2%، إلى 37.10 دولاراً. ويتّجه الخامان الرئيسان صوب الانخفاض بنحو 8% و6% هذا الأسبوع، في هبوط للأسبوع الثاني على التوالي.
وكانت الأسعار منخفضة بالفعل عندما أخفقت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، والبيت الأبيض، في التوصّل إلى اتفاق بين الحزبين في شأن حزمة تحفيز أميركية، ما يُضاف إلى مخاوف في شأن تدهور الطلب من دون تقديم المزيد من الدعم للاقتصاد.