(صحيغة فايننشال تايمز)
في مقال رأي في فايننشال تايمز، قالت الصحيفة إن الموجة الثانية من وباء كورونا المستجد توفر فرصة لجمع الأدلة فيما يتعلق بالسلوكيات البيئية والاجتماعية التي يمكنها أن تقدم مكاسب أكثر مقابل أقل قدر ممكن من الآلام.
وجاء المقال للكاتبة أنجانا أهوجا بعنوان “ركز على الإستراتيجيات غير الطبية في مكافحة كوفيد-19”.
وتعتبر الكاتبة أن الموجة الثانية من الوباء التي تنتشر في عدد من الدول حاليا توفر فرصة للحصول على أدلة حول السلوكيات البيئية والاجتماعية التي يمكنها أن “تقدم مكاسب أكثر مقابل أقل قدر ممكن من الآلام”، في ظل عدم تأكيد وجود لقاح فعال ينتجه العلماء لمكافحة المرض.
وتعتبر الكاتبة أننا نفتقر إلى “الأدلة المتعلقة بالأشياء الأساسية جدا”، مثل نظافة اليدين وارتداء الأقنعة، وذلك بحسب ما تنقل عن أستاذة علم النفس الصحي في يونيفرسيتي كوليدج لندن، سوزان ميتشي، التي تناصر تعاونا عالميا حول “التدخلات السلوكية والبيئية والاجتماعية والنظم” التي تدفع بهذا العلم إلى دائرة الضوء.
وبحسب الصحيفة، فمن بين الموضوعات المستهدفة للدراسة كل من السلوكيات الفردية، من بينها التباعد الاجتماعي وغسل اليدين وارتداء الأقنعة، إضافة إلى أنظمة مثل اختبار التتبع والعزل، ناهيك عن العوامل البيئية، بما في ذلك التهوية الداخلية.
وتعتبر الكاتبة أن الأقنعة على سبيل المثال تقدم دراسة حالة رائعة للطريقة التي تجمع أدلة حول التدابير غير الطبية المتعلقة بالأمر. ومع تردد الخبراء بالتوصية بأقنعة “إن 95” الطبية في البداية، جرى التحول إلى أغطية الوجه البسيطة.
وتختتم الكاتبة مقالتها بالتشديد على أن السلوكيات هي العنصر الأساسي في كبح انتقال العدوى.
وفي مارس/آذار الماضي، قال البروفيسور في علم الاجتماع، طلال المصطفى، إن المجتمعات الأوروبية تعيش حاليا سلوكيات مشابهة لبعض دول العالم الثالث، مشيرا إلى أن الهلع يتجاوز ما كان عليه الأمر خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وأضاف: “في حالة فيروس كورونا، الخطر يُهدّد الجميع (كبار السن والشباب والنساء والأطفال)، فهم يجدون أنفسهم، فجأة، أمام سلوكيات اجتماعية جديدة، يمكن حصرها عموما بثلاثة مجالات، المنحى الأول هو الاحتماء بالمنزل (الحجر الصحي) لمدة طويلة، فبعض الحكومات فرضت حجرا صحيا لأسبوعين وبعضها مدده لعدة أشهر. وهناك التزام من جميع الأفراد للمكوث في المنازل باعتبارها آمنة لحمايتهم من العدوى بالفيروس، بالإضافة إلى تطبيق معايير العزل الذاتي إذا تم تسجيل أعراض للفيروس”.
من جانب آخر، يشير مصطفى إلى أن أزمة كورونا فرضت أنماطا جديدة من السلوك في أوروبا، موجودة أساسا في بعض الدول العربية وبلدان العالم الثالث عموما، وخاصة ظاهرة اللاعقلانية، “فمن المتعارف عليه لدى المواطنين الأوروبيين هو وجود عقلانية في السلوك والحياة اليومية. لكن ما لوحظ أثناء الدعوة إلى الحجر الصحي في المنزل لمدة 15 يوما، هو انتشار “العقلانية الهشة” وتحكّمها بسلوكيات المواطن الفرنسي والأوروبي عموما، وتجلى ذلك بالخوف والقلق والارتياب، والقيام بسلوكيات متناقضة وغير متعارف عليها سابقا كشراء أكبر كمية من المواد الغذائية والمبالغة في تخزين سلع غير ضرورية، خوفا من اختفائها من الأسواق. هذه السلوكيات التي تستند إلى الخوف والمشاعر والانفعال وليس إلى المنطق والعقلانية، كنا نعيشها في عدد من الدول العربية وبلدان العالم الثالث عموما، ولكنها باتت منتشرة الآن في المجتمعات الأوروبية في ظل أزمة كورونا”.