(جريدة الأخبار اللبنانية)
المشهد السوريالي، اليوم، أن تجد من «يداوي» من الـ«كورونا» عليلاً بها. هذه حال ما يعيشه الموظفون في مستشفى بيروت الحكومي الذين يعانون اليوم من ارتفاع نسبة الإصابات في ما بينهم، من إداريين وطواقم طبية. في الوقت الذي يغرّد فيه المدير العام للمستشفى، فراس أبيض، عبر «تويتر» حول آخر التطورات بشأن الفيروس، فإن المستشفى الذي أعلنته وزارة الصحة العامة مع بداية أزمة كورونا المستشفى المركزي «لم يعد تحت السيطرة»، مع انتشار فيروس كورونا داخل أقسامه. عشرات الإصابات بين الطواقم الطبية والإدارية تحدث كل يوم، فيما تبقى الأسماء طيّ الكتمان، كأن شيئاً لا يحدث. وقد خلق هذا الأمر حالاً من البلبلة والإرباك بين الموظفين المتوجسين من سرعة انتشار الفيروس في ما بينهم. وفي آخر إحصاءات «التقرير الداخلي» للمستشفى، سجلت أمس «7 إصابات بين الممرضات العاملات في قسم الولادات و3 إصابات في قسم المشتريات، إضافة إلى 4 إصابات في المخازن». 14 إصابة في يومٍ واحد بات معها الخوف مبرراً من أن «ما يضلّ حدا يتكّس على الدوام». عبارة تهكّمية ولكنها تعبّر عما يجري داخل المستشفى، حيث الموظفون خائفون وخائبون في الوقت نفسه من «لامبالاة الإدارة». فهؤلاء الذين من المفترض أنهم في خط الدفاع الأول، يواجهون الفيروس من دون إجراءات حماية. يواجهون في بعض الأحيان باللحم الحي. وفي ظلّ هذا الواقع، وبدلاً من أن تتخذ الإدارة إجراءات طارئة من خلال تخفيف الأعداد عبر اعتماد نظام المناوبة، تسير عكس التيار، إذ يشكو الموظفون اليوم من «زحمة» الدوامات. كما يشكون تجاهلهم في «عزّ» إصابتهم، إذ يفتقدون السؤال عن حالهم «وحال عائلاتهم المحجورين معهم في دائرة الخطر في منازلهم، ولو هاتفياً»، على ما يقول أحد الموظفين العاملين هناك، متسائلاً «هل يطبّق المثل الذي يقول إن التاريخ يذكر القادة والحروب ولا يذكر الشهداء والأبطال؟».
إلى ذلك، أضيفت أسماء جديدة من البلدات المصابة، أمس، إلى اللائحة التي تصدرها أسبوعياً وزارة الداخلية والبلديات. فبعد قرار وزير الداخلية، محمد فهمي، إقفال 63 بلدة وقرية سجّلت نسب إصابات مرتفعة، انضمت مدينة الهرمل وبلدة حوش الرافقة البقاعيتين إلى البلدات المعزولة، بقرار من محافظ بعلبك ـ الهرمل، بشير خضر، بعد الزيادة الكبيرة في أعداد المصابين. ومن المتوقع أن تطول اللائحة أكثر مع الانضمام بشكل شبه يومي لعددٍ من البلدات التي يخرج فيها الفيروس عن السيطرة. وهذه مشاهد ستتكثّف مع انتشار فيروس كورونا واستهتار معظم المواطنين بالإجراءات الوقائية. وهذا إن عنى شيئاً، فهو أن «فيروس كورونا ليس تحت السيطرة»، على ما أكد المدير العام لمستشفى بيروت الحكومي، انطلاقاً من الأرقام التي يسجلها فيروس كورونا ومن المؤشرات الأساسية، ولا سيما نسبة الفحوص الإيجابية التي وصلت الى 11%، ومعدل إشغال أسرّة العناية الفائقة التي تخطت 85%، إضافة إلى تعذر وجود أسرة فارغة مخصصة للكورونا في معظم المستشفيات الحكومية.
ماذا يعني ذلك؟ يعني «أننا سنكون عاجزين عن استيعاب أي ارتفاع سريع في الحالات»، يتابع أبيض، مع الاقتراب أكثر فأكثر من موجة جديدة.
14 إصابة سجلت أمس بين العاملين في المستشفى الحكومي
الحال ليست على ما يرام؟ هذا ما يظهره العدّاد في كل يوم، والذي وصل أمس إلى تسجيل 1809 إصابات، مقترباً أكثر في أكثر من عتبة الألفي إصابة، إضافة إلى تسجيل 11 ضحية و19 إصابة في القطاع الصحي الذي من المفترض أنه خط الدفاع الأول في المعركة. مع ذلك، ورغم تلك السوداوية، إلا أن الأوان لم يفت بعد، ويمكن البناء هنا، بحسب أبيض، على «اعتبار الوضع الحالي بمثابة فرصة سانحة لاتخاذ القرار المناسب، خصوصاً أن ما نفعله الآن يحدّد المسار المستقبلي». ولذلك، فالمطلوب هو التشدّد أكثر في فرض الإجراءات، لناحية ارتداء الكمامات والالتزام بمعايير التباعد الاجتماعي وتشديد الرقابة على الحدود. وقد جرى مؤخراً مناقشة هذه الإجراءات من قبل السلطات والخبراء، ولكن «إن لم تنفّذ قريباً، فستبدأ الأرقام بالارتفاع أكثر».