نقلاً عن الجزيرة نت - يحيى العتواني
يثير التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، في الهند، المخاوف من أن يصيب ما لا يقل عن نصف عدد سكان البلاد بحلول فبراير/شباط المقبل.
وكانت الهند من ضمن الدول التي تفشى فيها الفيروس بقوة، حيث تجاوزت أعداد الإصابات 8 ملايين مصاب، في حين تجاوزت أعداد الوفيات 120 ألفا 500 حالة.
وشكّل انتشار الفيروس بهذه السرعة وحجم الإصابات قلقا لدى السلطات، وبدأت مؤسسات الدولة المختلفة بإجراءات مختلفة للحد من تفشي الفيروس.
وبحكم أن البلاد تشكل في مساحتها شبه قارة مترامية الأطراف، فقد اختلف تعامل الولايات مع الأزمة، لأن كل ولاية لها قرار منفصل عن الأخرى، وتساعد عوامل الفقر والعشوائيات المنتشرة في سرعة انتشار الفيروس.
إحصاءات ومقارنة
ويفيد مدير مستشفى الأنصار بمدينة ميسور الدكتور فضيل عياض، للجزيرة نت، أنه لو نظرنا للإحصائيات العالمية وقمنا بالمقارنة مع دول أخرى نجد أن الهند تسجل انتشارا أقل للوباء بين الدول وفقا لكثافة السكان وكبر المساحة.
من جانبه يرى الدكتور محمد نديم، المشرف على المركز الخاص بمصابي فيروس كورونا، في حديثه للجزيرة نت، أن سبب الانتشار السريع للفيروس هو التواصل بين الأشخاص، وعدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي بداية تفشي الجائحة.
وبخصوص انحسار الفيروس، اعتبر عياض أنه قد يأخذ فترات طويلة، ويعزو هذا لكثافة السكان، مشيرا إلى أن الهند دولة كبيرة وقد تعادل إحدى ولاياتها بلدا أوروبيا.
وبعد مضي أكثر من 9 أشهر من تفشي الفيروس، يرى عياض أن هناك تراجعا في أعداد الإصابات، مشيرا إلى أن الأسرة في مستشفى ميسور شبه خالية من المصابين، على عكس ما كان بداية انتشار الفيروس.
التحكم بالوباء
ومن وجهة نظر الطبيب ذاته، فإن هناك صعوبة للتحكم بالوباء والسيطرة على انتشاره كليا بسبب عدد السكان وتفاوت الطبقات المجتمعية "ولكن يجب التعاون على الحد من انتشاره والسيطرة علية بإتباع طرق الوقاية المعروفة".
وتتوقع جهات رسمية اجتياح الفيروس للهند وإصابة نصف السكان وعدم انحساره أو تراجعه في وقت قريب، وذلك حسب لجنة حكومية معنية بانتشار الفيروس مع حلول فبراير/شباط من العام القادم.
وقد تصبح الهند الأولى عالميا وتتخطى الولايات المتحدة الأميركية، في حين كانت قبل فترة قليلة بالمركز الثالث بعد البرازيل.
وبخصوص إصابة نصف سكان الهند بالفيروس، استبعد نديم الأمر، قائلا إن هناك إمكانية ضئيلة جدا بإصابة نصف سكان البلد، وذلك من خلال تجربتنا في التعامل مع المرضى، وقد تكون أرقام الإصابات أقل من التوقعات، وربما لا تعاني جميع الإصابات من أعراض الفيروس.
أقاليم وإجراءات
وتتكون جمهورية الهند من 29 ولاية و7 أقاليم، تتمتع كل ولاية بحكم إداري ذاتي، وقد اتخذت ما تراه مناسباً لمواجهة الجائحة، كالحظر الكلي لمدة 3 أسابيع ثم فتح الحظر جزئيا.
وبالنسبة للولايات التي صنفت بأنها بؤر انتشار للفيروس القاتل، فقد استمر الحظر فيها فترات متفاوتة، عدا مهاراشترا التي كانت أكثر انتشاراً للوباء.
وقد دعا حاكم الولاية مواطنيه مطلع يونيو/حزيران الماضي للبقاء في منازلهم، وفرض حضرا شاملا مع إجراءات رادعة ضد المخالفين.
أما العاصمة نيودلهي فقد انفردت بإجراءات أحادية حيث فرضت في السادس من يوليو/تموز الماضي إجراء الفحص الحراري كخطوة احترازية للحد من تفشي فيروس كورونا.
نجاح ووقاية
ويعود الطبيب نديم بالقول إن نجاح ولاية على أخرى غير دقيق، وذلك بسبب كثافة السكان، وبسبب التواصل المجتمعي والتنقل من مكان إلى آخر، والاختلاط المستمر بسبب حاجة المواطنين للخدمات الضرورية.
ويعتمد انتشار وانحسار الفيروس في كل ولاية حسب اتباع طرق الوقاية المعروفة، وفقا لرأي الطبيب ذاته.
وأضاف أنه لابد من التعاون على منع الانتشار بالفحص الدوري والمسؤولية المجتمعية، وكذلك اتباع طرق الوقاية من الفيروس، والمعروفة، فعند الشعور بأحد أعراض الفيروس لابد من التوجه إلى أقرب مركز صحي.
وعن مدى فاعلية الحظر، يرى الطبيب نديم أن الحظر لا يمنع الجائحة من الانتشار ولكن قد يساعد على تأخير الانتشار بشكل سريع، ومع مرور الوقت يبدأ الفيروس بالانحسار والتراجع.
إجراءات وحظر
يشار إلى أن السلطات الهندية بادرت بإيقاف الطيران الدولي، وقررت فحص الوافدين الذين سبق دخولهم البلاد مع بداية انتشار الفيروس، وفرضت عليهم الحجر المنزلي لمدة 14 يوما أو في مراكز خاصة أُنشئت لذات الغرض.
وكان الحظر الشامل أول الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات، كما فرضت الحظر الجزئي مع التباعد الاجتماعي ولبس الكمّامات واستخدام المعقمات بالأماكن العامة والتجمعات، بالإضافة لإغلاق كلي للمحال والمراكز التجارية والمطاعم وصالات الألعاب وأماكن التجمعات ودور العبادة.
وكانت وزارة الداخلية قد أغلقت المؤسسات والمنشآت التعليمية بشكل كامل، وأوقفت العمل في كل مؤسسات الدولة، مع بعض الاستثناءات التي شملت المقار الأمنية وغيرها من المؤسسات المهمة.